رهاب الزواج “الجاموفوبيا”..حالة مرضية أسبابها عديدة
أشارت دراسات حديثة إلى أن الرهاب والخوف من الزواج والإقدام عليه، منتشر بين الشباب للجنسين على حد سواء، وهذه الفوبيا يمكن اعتبارها حالة مرضية إذا ما منعت الشخص من إكمال حياته مع شريك يحبه.
ونشر موقع “ساسة بوست” دراسة بينت أنه “ربما لايدرك المصابون بفوبيا الزواج أو المحيطين، بهم أنها حالة مرضية لها أسبابها وأعراضها، وهذا ما يجعلهم يضغطون عليهم في سبيل اتخاذ قرار الزواج، لأن ذلك سيجعلهم يعيشون حياة أفضل من وجهة نظرهم”.
ويصفها الأطباء النفسيون بأنها “خلل نفسي يظهر على هيئة رهاب خارج عن السيطرة، غير مستند إلى أسباب منطقية، ويعيش الكثير من المصابين به في عزوبية أبدية، لعدم قدرتهم على الدخول والإستمرار في علاقات مستقرة”.
وتتباين أسباب هذه الحالة، من خوف من فشل تجربة الزواج، الذي قد ينتج عن اتباع الشخص أسلوب التعميم مستنداً إلى تجارب الآخرين، فيرى أن فرصة نجاحه في الزواج ضئيلة، منطلقاً في ذلك من ارتفاع نسب الطلاق في مجتمعه.
ومن الأسباب أيضاً، التعلق بالأهل الذي يجعل الشخص يفكر في كيفية الاستقلالية بعيداً عنهم ومدى اشتياقه إليهم، بسبب الانتقال لحياة جديدة، أو المرور بتجربة فاشلة للشخص نفسه.
ويسهم التعرض للتحرش إذا تم في الطفولة، أو في أي مرحلة قبل الزواج، في ظهور هذه الحالة، فيتولد لدى الشخص كره تجاه الجنس الآخر، وهذا يحدث للجنسين على حد سواء.
كذلك تعزو الدراسة الأسباب إلى المجتمع الذكوري، الذي يدفع الفتيات المتعلمات إلى التمسك بالعمل لتحقيق الذات، ولذلك ترفض الزواج الذي يهدد مستقبلها، كذلك الجهل بالتعامل مع الجنس الآخر وعدم التهيئة النفسية والاستعداد لهذه المرحلة.
ويلعب الخوف من العلاقة الجنسية، دوراً في عزوف الفتيات تحديداً عن الزواج، فبعض الفتيات يخفن خوفاً شديداً يصل إلى درجة الفوبيا من الاتصال الجنسي مع الرجل، وما يترتب عليه من آلام الحمل والولادة.
وأفادت الدراسة أنه من الممكن أن تمتد جذور هذا الخوف في بعض الأحيان إلى مرحلة الطفولة أو المراهقة، بالعيش مع أب وأم علاقتهما غير سوية، وفيها ظلم وعنف لأحد الطرفين.
وينعكس ذلك على تطبيق الفرد لآلية “الاستدماج”، وهي إحدى حيل الدفاع النفسي، فيؤكد له عقله الباطن أن أي علاقة زوجية سيشرع فيها، لن تكون سوى نسخة من تلك العلاقة السيئة التي عاشها في صغره.
ويلعب الخوف من تحمّل المسؤولية ومشاركتها مع شخص آخر، دوراً كبيراً في الإصابة بهذه الحالة، كما تنتشر بين مرضى الإكتئاب بالذات، ويرجع ذلك لأسباب معقدة منها انعدام الثقة في النفس، وعدم الإقبال على الحياة، وانخفاض الطاقة والثقة الجنسية، وغيرها من أعراض الاكتئاب.
وأوضحت الدراسة أيضاً أن “الأوضاع الاقتصادية السيئة دفعت الشباب إلى اتخاذ قرار بالامتناع عن الزواج، لما يمثله من ضغط نفسي لمتطلباته المادية، من تأمين السكن والأثاث وتحمل مسؤولية مالية عن أسرة كاملة”.
ومن أعراض الإصابة بفوبيا الزواج، بحسب الدراسة، تجنب النقاش في موضوع الزواج، للابتعاد عما يثيره في الذهن من أفكار سلبية وصور مخيفة، وإدراك الشخص أن هذا الخوف غير عقلاني ورغم ذلك عدم نجاحه في القضاء عليه”.
و من الأعراض أيضاً، اقتناع الشخص بشكل غير قابل للنقاش، أنه ليس أهلًا لخوض تجربة الزواج سواء كان ذلك على المدى القريب أو البعيد.
وفي مراحل متقدمة تظهر على الشخص أعراض جسدية، تزداد عند الشعور بالإلتزام، أو اقتراب موعد الإرتباط رسميًّا، مثل الشعور بالغثيان والرغبة في البكاء، بالإضافة لزيادة معدل ضربات القلب، ودوار متكرر مع ضيق في النفس.
وكشفت الدراسة أنه لم يعد الخوف من الزواج بمثابة ظاهرة عابرة، فالإحصائيات الرسمية تكشف أن عدد الأشخاص الذين لم يتزوجوا أصبح مثيرًا للانتباه.
أما بالنسبة للشباب السوري، فتلعب العوامل الإقتصادية الدور الأكبر في تراجع أعداد الراغبين بالزواج، نظراً لتكاليفه العالية من جهة، وارتفاع أٍسعار البيوت والآجارات، مقابل تدني الأجور والرواتب التي قد لاتكفي لتأمين حياة أسرة.
وانتشرت خلال سنوات الحرب في سوريا، ظاهرة الزواج العرفي الذي كان أحد أسبابه تكاليف الزواج العالية، كما ازدادت ظاهرة تعدد الزوجات، والزواج بفارق كبير بالسن بين الرجل والمرأة.
وشهد المجتمع السوري مؤخراً ازدياد حالة التخلي عن المواليد، لعدم القدرة على تحمل تكاليف تربيتهم، ومنها حادثة إيجاد طفلة أمام أحد الجوامع في منطقة باب توما، وبيّن الأب بعد التعرف عليه، أن سوء أوضاعه المعيشية دفعه إلى التخلي عن فلذة كبده.
تلفزيون الخبر