الرقة ست سنوات على الاحتلال والتهجير والدمار
السبت 2 آذار 2013، اعتباراً من هذا التاريخ بدأت مأساة الرقة، اقتحموا المدينة ثم سرقوها ونهبوها ثم لـ “داعش” سلموها، ليأتي بعدها الأمريكان بالطائرات والفوسفور الأبيض المحرم الذي دمر 90% منها.
بهذه الكلمات اختصر الصحفي فراس الهكار، ابن مدينة الرقة والمقيم حالياً في بلجيكا، ذكرى مأساة مدينته.
ست سنوات مرت على ذلك اليوم المشؤوم بتاريخ درة الفرات، حيث شاهد سكانها المدنيين كيف تحتل من قبل مجموعات مسلحة، اجتمعت عليها من كل حدب و صوب، لتتشابه قصة الرقة بالكثير من قصص شقيقاتها من المدن السورية من حلب إلى ادلب و صولاً إلى درعا ودير الزور.
مع بدأ شرارة ما سميت “الثورة السورية”، كانت الدعوة لأول مظاهرة في محافظة الرقة يوم الجمعة 25/3/2011، حدد لها المكان بجامع الفردوس بالرقة.
وسبق التظاهرة يوم الخميس 24/3/2011 مسيرة سيارات خرج بها سكان المدينة من جميع الأحياء والمدن لدعم وطنهم سوريا.
وفي عام 2012 استقبلت مدينة الرقة الآلاف من النازحين من أبناء محافظة دير الزور، الذين هربوا من سيطرة المجموعات المسلحة على بلدتهم و قراهم، وتهجيرهم منها باتجاه الرقة و الحسكة.
وبتاريخ 19/3/2012 سجلت الرقة إعلان تشكيل أول كتيبة عسكرية مسلحة باسم “أحفاد الرشيد”، وأول العمليات كانت لـ “كتيبة القادسية” بريف مدينة سلوك بتاريخ تموز 2012، وازداد عدد حاملي السلاح بالريف الشمالي رويدا رويداً.
بتاريخ 19/9/2012، سيطرت المجموعات المسلحة، وبدعم تركي كامل، على مدينة تل ابيض و معبرها الحدودي مع تركيا شمالي الرقة.
ثم تمت السيطرة على مدينة الطبقة وريفها بالكامل بتاريخ 11/2/2013، وسد الرشيد (الفاتح) بتاريخ 3/2/2013، ومدينة معدان 18/1/2013، و سبقهما السيطرة على مدينة الكرامة بتاريخ 27/11/2012.
بعدها، تمت محاصرة السجن المركزي، ومن ثم إعلان ما يسمى “عمليات تحرير الرقة” المدينة بمسمى غارة الجبار بتاريخ 2/3/2013، والتي كانت لمجرد ضرب المركز الأمنية بالمدينة والمقار الأمنية.
وانتهت هذه العملية بسقوط المدينة بتاريخ 7/3/2013 بعد سيطرة التنظيمات المتشددة على الفروع الأمنية و مبنى المحافظة.
وأسرت المجموعات المسلحة، أبرزها ما يسمى “لواء التوحيد”، محافظ الرقة آنذاك حسن الجلالي، وأمين فرع حزب البعث سليمان سليمان، واللذان مازال مصيرهما مجهول حتى اللحظة.
وبذلك باتت الرقة المدينة محتلة بشكل كامل، باستثناء عدد من المواقع العسكرية، و منها مقر الفرقة 17 واللواء 93 ومطار الطبقة العسكري.
وشهدت المدينة دخول العشرات من عملاء أجهزة المخابرات الغربية، بالأخص التركية، متزامنا مع ازدياد تغول وانتشار للفصائل المتطرفة، وبدأ حينها مسلسل الخطف وعمليات الاغتيال والتشليح وسرقة الأموال العامة و الخاصة للتحول المدينة الى مدينة رعب و خوف.
وكانت المواجهة الأولى وبشكل مباشر ما بين ما يسمى “فصيل احفاد الرسول” مع تنظيم “داعش” بحزيران 2013، والتي ادت الى تفجير محطة القطار بالرقة بسيارة مفخخة، كونه أحد مقار “أحفاد الرسول”، ووقوع العديد من الضحايا بصفوف المدنيين.
وبدأت من حينها عمليات الانقضاض على الفصائل الصغيرة، ومحاولة الكتائب التوحد والتجمع خوفاً من محاولات “داعش” السيطرة على المشهد بالكامل، إلى إن وصل الامر إلى وجود ثلاثة فصائل فقط هي “حركة أحرار الشام” و”جبهة النصرة” وتنظيم “داعش”.
لتبدأ المعركة ما بين حركة “أحرار الشام” و”جبهة النصرة” و ما يسمى “لواء ثوار الرقة” حينها من جهة، وتنظيم “داعش” من جهة أخرى، وانتهت المعركة بسيطرة التنظيم على المحافظة، لتصبح الرقة المحافظة الوحيدة المسيطر عليها من قبل أكثر التنظيمات ظلامية عبر التاريخ.
فمنذ سيطر تنظيم “داعش” على محافظة الرقة، والتي حولها إلى عاصمته في سوريا، بدأ التنظيم بتطبيق مشروعه في المحافظة، وحولها الى مدينة تعيش في عصور سابقة.
وأوقف التنظيم التعليم، وأصدر عدة قرارات خنقت المرأة، وضيقت على الطلبة، وباتت المحافظة نقطة مظلمة لا أحد يعلم ما يجري بها.
وبدأت سياسات “داعش” والجرائم المرتكبة بحق المدينيين والإجراءات التعسفية تتضح بصورة أكثر وحشية، وتم احتلال ما تبقى من المواقع العسكرية السورية، لتظهر للعالم حلقات الإعدام الجماعي لأفراد الجيش العربي السوري في مقر الفرقة 17 واللواء 93 و مطار الطبقة.
وبتاريخ 6 أيار من عام 2017، أعلنت قوات “قسد”، مدعومة من طائرات “التحالف الدولي” وقواتها البرية حملتها العسكرية للسيطرة على مدينة الرقة، والتي تمت بتاريخ 17-10-2017، بعد تحويل المدينة إلى ركام و حجارة، إثر تدمير أكثر من 90 % من ريفها و مدينتها.
وتخضع جميع مدن و بلدات محافظة الرقة حاليا،ُ باستثناء ريفها الجنوبي، لسيطرة قوات “قسد”، التي تقودها “الوحدات الكردية” المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية.
ولم يكتب للمدينة السلام، بعد أن بدأت “قسد” هي الأخرى بفرض قوانينها و تعليماتها الغريبة على ما تبقى من أهالي الرقة، الذين مازالوا يعانون التهجير و التنكيل.
عطية العطية – تلفزيون الخبر