أزمة الغاز .. من أين يأتي تجار السوق السوداء باسطوانات الغاز ؟ وما هي عقوبتهم ؟
لا يخفى على أحد ما للمستنفذين والمستغلين من دور كبير في تفاقم أي أزمة تحصل في البلاد، بغض النظر عن نوعها، ومصطلح “السوق السوداء” الذي أصبح واحداً من المصطلحات المشهورة لدى المواطن السوري خلال الحرب.
وفي أزمة نقص مادة الغاز الحالية التي تعانيها البلاد، وعلى الرغم من شدتها، لم يمنع هذا الأمر أولئك المستغلين من الاستمرار بممارساتهم التي تطيل من عمر هذه الأزمة، بل وتسحبها للوراء إن صح التعبير، لتأتي تصريحات الحكومة بزيادة كمية الإنتاج بلا أي تأثير فعلي على الأزمة.
ويرى بعض الأشخاص خلال حديثهم لتلفزيون الخبر أن “هناك فجوة كبيرة بين تصريحات المسؤولين والكميات التي يتم إنتاجها، وبين ما يصل من المادة لمستحقيها”.
وتضيف الآراء: “هنا على الحكومة أن تسأل نفسها “بشكل طبيعي”، أين تذهب هذه الكميات، ولماذا لا تصل للمواطن، وما سبب وجود هذه المسافة بين الإنتاج والاستهلاك الذي لم ينهِ الأزمة حتى الآن؟”.
وتشرح الآراء أن “ما وصل له المجتمع السوري من فساد المتسلقين منه، يؤجج ويزيد من سوء الوضع الخدمي، ولا تتم مقابلته بالحلول المناسبة أو الرقابة الفعلية التي تتناسب مع هذا القدر من التجاوزات والسرقات والاستغلال”.
أزمة الغاز التي بدأت منذ حوالي الشهر والنصف، مر عليها العشرات من التصريحات الرسمية، الخجولة بأولها، والواضحة بعد أن أصبحت الأزمة واقعاً لا يمكن إخفاؤه.
وبالطبع هذه التصريحات تبرر وتعد وتؤكد، آخرها ما أمل المواطن أن يكون “تصريح الفرج”، وهو “زيادة الإنتاج لـ 130 ألف اسطوانة يومياً”.
ومنذ زيادة الإنتاج، يوم السبت من أول الأسبوع الحالي، “لم يطرأ أي تغير فعلي على وضع التوزيع أو دلائل انفراج أزمة”.
بالمقابل، ظهرت منذ إعلان زيادة الكميات العديد من الأخبار التي تتحدث عن مصادرة كميات كبيرة من الغاز وانهاء رخص موزعين بسبب مخالفات ارتكبوها من عدم توزيع الاسطوانات أو تهريبها.
وإن قمنا بإحصاء ما نشر إعلامياً عن عدد أسطوانات الغاز المصادرة منذ بداية الأزمة وحتى الآن، فهي تخطت الـ 1850 اسطوانة، بحسب مراسلين تلفزيون الخبر في المحافظات (عدا ما لم يعلن عنه).
وتوزعت الأعداد “بـ 150 أسطوانة في اللاذقية، قام صاحبها بتغيير وجهت سيارته بعد استلامها من أجل تهريبها، مع 13 اسطوانة صودرت من سقوبين بسبب الاتجار بها”.
بالإضافة لـ “100 اسطوانة أخرى ضبطت على أوتستراد جبلة – بانياس، كانت معدة لتصل إلى حي الفيض وتوزع على الأهالي، إلا أنها لم تصل”.
وفي حمص كان العدد “139 أسطوانة غاز ضبطت في إحدى المستودعات غير المرخصة للبيع على طريق دير بعلبة – المشرفة، و٩٧٨ اسطوانة غاز و٣٠ برميل من المشتقات النفطية في أحد المستودعات في قرية الفرحانية بريف حمص الشمالي”.
وقامت وزارة النفط أيضاً بضبط وإلغاء ترخيص أحد موزعي الغاز في ضاحية قدسيا بسبب حصوله على “300 اسطوانة غاز منزلي لم يتم استلامها من قبل لجنة محروقات الضاحية، ولم تدخل الضاحية نهائياً”.
أما في حلب “فتم ضبط 125 اسطوانة غاز مع توقيف 11 شخصاً مخالفاً، من قبل شرطة المحافظة، لتبلغ بدورها عدد ضبوط التموين 14 ضبطاً مع مصادرة 53 أسطوانة”.
ونكرر هنا التذكير أن ما جاء سابقاً هو ما تم الاعلان عنه إعلامياً فقط، فما بالك بما لم يذكر أو يضبط، ناهيك عن التجاوزات الأخرى والتعديات والمشاكل التي تحصل خلال التوزيع وتحرم المئات من المواطنين من حقهم.
والسؤال الذي يبدو أن الإجابة عليه ، تساعد كثيراً في التخفيف من حدة الأزمة، هو من أين يأتي تجار “ السوق السوداء “ باسطوانات الغاز التي يبيعونها للمواطن ؟
وفي سياق ما ذكر من مخالفات سابقة، يتساءل المواطن “ما هي عقوبة هذا المخالف الذي يأكل من أكتاف هذا الشعب وهو أحد الأسباب الرئيسية لهذه الأزمة؟”.
الجواب هو، بحسب مختصين لتلفزيون الخبر : “ضبط الكمية وحجزها وإغلاق المركز أو المستودع مع تحويله إلى القضاء الذي يبت إما بحبسه لمدة أو تغريمه أو كلا العقوبتين”.
أما اسطوانات الغاز التي لم تصل لمستحقيها، “فتحجز وتعود لفرع “سادكوب” بانتظار قرار فكها من القضاء لإعادة توزيعها على المواطن”، بغض النظر إن رأت طريقها مجدداً أم لم ترَ.
وعن عقوبة الحبس ، فأكد مصدر قضائي فضل عدم الكشف عن اسمه لتلفزيون الخبر، أن معظم من يحبسون، يخرجون في غضون شهر أو شهرين، لأسباب مختلفة.
ويتساءل سوريون ، هل هناك عقوبة أقل من “ الخازوق “ أو “ الإعدام “ بحق كل من تسول له نفسه الدعس على آلام الناس والمتاجرة بها، في ظل حرب على الوطن مستمرة من ثمان سنوات من الخارج ، ومن هؤلاء.
وفا أميري – تلفزيون الخبر