موجوعين

“عزف لغة العالم منفرداً.. ورحل”.. في ذكرى وفاة الباحث الموسيقي السوري فاهيه تمزجيان

مما قاله صاحب “لغة العالم”: “الموسيقى فن راقٍ يقول ما بأعماقنا ووجداننا، وفي كثير من الأحيان هي فن يتحدث عنا فيقول ما نتألمه، وما نتمناه.. الموسيقا لغة العالم وتراث الشعوب، وفي رأيي لابد أن نحمي موسيقانا وتراثنا كما آثارنا، لكني لست راضياً عن هذه الحماية..!”.

رحل عن عالمنا، وعن عالمه الموسيقي، في مثل هذه الأيام من عام 2011 اللغوي البارع الذي أمسك زمام اللغة بمافيها لغة الموسيقى التي لطالما أبدع في سبكها وتطويعها لتكون “لغة العالم” الباحث والموسيقي والإعلامي السوري، فاهيه تمزجيان، عن عمر 66 عاماً.

وشكلت رحلة عطاء الموسيقي فاهيه تمزجيان، مثالاً مهماً عن التزام المثقف والناقد بالنهوض بقضايا مجتمعه، عن طريق موسيقاه ليترك خلفه، نتاجاً فكرياً موسيقياً قيّماً.

امتهن تمزجيان رسمياً صناعة النظارات الطبية، بعد أن درس في دمشق، في الوقت الذي كان فيه يحب الأدب والفنون بمختلف أنواعها، وخصوصاً الموسيقى، ليصوب هدفه واهتمامه نحوها.

ودأب فاهيه على القراءة والاستماع إلى كل ما يقع تحت يديه، فيما يخص عوالم الموسيقى ومفرداتها، ما أسهم في تملكه ملمح ركيزة ثقافية موسيقية مميزة، تقترن بذائقة فنية راقية، إضافة إلى تعمقه بتخصص النقد والتأريخ الموسيقي والفني، بجدية واهتمام، ولم تمنعه الصعوبات من الوصول إلى هدفه، كان ذلك منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضي.

كتب الموسيقي اللغوي فاهيه في الصحف والمجلات السورية المحلية والعربية، متبعاً أسلوبه النقدي، وكان هذا المجال نادراً في الصحافة السورية والعربية، مستهدفاً الحفلات التي كان يحضرها، أو عن موضوعات موسيقية شائكة، والتزم بمنهج الأمانة العلمية في هذا السياق.

وعرّف فاهيه القراء بروائع الموسيقى العالمية وأنواعها، وسلط الضوء على نقاط نقدية بما يخص الموسيقى العربية، وشرح تفاصيل وحيثيات هذه الأعمال الموسيقية، وفق منهج متقن مستفيداً من قدراته وإمكاناته في مجال اللغة العربية، إذ اتصف أسلوبه اللغوي بالجزالة ودقة المعاني.

أما عن فاهيه اللغوي، فقد تغلغل حب اللغة العربية في عقل وروح فاهيه، بشكل لافت، وهو كثيراً ما كان يتحدث عن مقارنات ومقاربات بلاغية عالية المستوى، كما أنه استمر في الإعراب عن مدى حبه للغة طه حسين.

وقدم فاهيه في برنامجه الشهير (لغة العالم)، الكثير من الأعمال الموسيقية بلغة رنانة وصوت رخيم اشتهر به، وفق منوال وشكل تدريجي مدروس، فنمى الذائقة والثقافة الموسيقيتين لدى العرب، وزوّد المهتمين بمعرفة شاملة حول التاريخ الموسيقي.

يذكر أن للراحل فاهيه تمزجيان، مكتبة موسيقية كبيرة، تضمنت أندر وأقدم وأبرز الاسطوانات الموسيقية العالمية، واشتملت على الأسطوانات القديمة (المصنوعة من الزفت)، بحسب تعبيره، وأسطوانات تعود لفترة الأسطوانات ما قبل الليزرية، وأشرطة بكر وأخرى عادية وأفلام بكر وأشرطة فيديو، وأقراص دي في دي.

روان السيد – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى