لماذا لا ينتحر السوريون ؟ .. 55 حالة انتحار في سوريا فقط منذ بداية الـ 2018
تعتبر الدول الاسكندنافية، من أكثر الدول التي تنتشر فيها ظاهرة الانتحار، بالرغم من أن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والرفاهية لسكان هذه البلد في أعلى مستوياتها ، إضافة إلى ارتفاع مؤشر السعادة هناك إلى القمة.
بالمقابل ، “تعتبر سوريا من الدول التي تنخفض فيها معدلات الانتحار عالمياً حيث سجل منذ بداية سنة 2018حتى الشهر التاسع 55حالة فقط ، وهو عدد منخفض حسب المعدل العالمي”.
ويقول رئيس هيئة الطب الشرعي في سوريا الدكتور زاهر حجو لتلفزيون الخبر أنه “منذ بداية سنة 2018 حتى الشهر التاسع منها، كان عدد حالات الانتحار في سوريا 55 حالة 40 منهم للنساء و 15 للرجال، وهو عدد منخفض حسب المعدل العالمي”.
ويضيف أن “العدد الأكبر من الحالات كانت في مدينة حلب، لما تعرضت له خلال الحرب وبقاء بعض رواسبها ضمن المجتمع، والاحصائيات كانت لعشر محافظات فقط، بينما محافظات الرقة ودير الزور والحسكة وإدلب لا توجد لها احصائيات”.
ويعتبر الانتحار من الظواهر الغريبة والمجهولة، والذي يترك علامات استفهام كثيرة عند السماع بشخص أقدم على هذا الفعل، وكانت آخر حالتي انتحار في سوريا ضمن مدينة حلب، حيث أقدم شاب وفتاة بحادثتين منفصلتين على الانتحار بنفس اليوم.
ويقول الطبيب النفسي المقيم في مشفى ابن رشد للأمراض النفسية، يوسف فاعور لتلفزيون الخبر “هناك عدة دوافع للانتحار، وتختلف فيما بينها حسب الشخص والحالة أو وصوله لليأس”.
ويضيف فاعور “كل محاولة انتحار هي من أعراض المرض النفسي حتى يثبت العكس، ولا يوجد محاولة انتحار غير جدية، فحتى محاولات إيذاء الذات بقصد لفت الانتباه، عند المراهقين أو المصابين باضطرابات الشخصية ربما تنتهي بالوفاة”.
ويشرح الطبيب النفسي عن دوافع الانتحار فيقول “الدافع الأساسي للانتحار هو اليأس، أي وصول الشخص إلى قناعة أن الموت هو الحل الأفضل للتخلص من ضغوطاته، وهذا اليأس يكون ظاهرة لاضطراب نفسي في معظم الأحيان، وبشكل خاص الاكتئاب، لكن هناك اضطرابات نفسية أخرى تدفع للانتحار، كالفصام والإدمان واضطرابات الشخصية”.
وينوه يوسف فاعور إلى أنه “يمكن للعوامل الاجتماعية والنفسية والثقافية، أن تتفاعل معاً على نحو يؤدي إلى السلوك الانتحاري، إلا أن الوصمة المرتبطة بالاضطرابات النفسية والانتحار تجعل العديد من الناس يشعرون بعدم القدرة على طلب المساعدة المناسبة”.
ويشير إلى أن “الشك الأول عند القيام بالانتحار هو بوجود اضطراب، عند الشخص الذي يحاول الانتحار، لكن ليس بالضرورة أن يكون لديه مرض نفسي، إنما ممكن أن تكون العوامل المذكورة أدت للوصول إلى اليأس” .
ويشرح الطبيب فاعور قائلاً “هناك عدة علامات لمعرفة أن هذا الشخص معرض للانتحار، كملاحظة التغيرات في تفكير وسلوك الشخص، بخاصة تلك التي تشير إلى إصابته باضطراب نفسي، وكثيراً ما يسبق الإقدام على الانتحار بحديث الشخص عن يأسه من الحياة ورغبته بالانتحار”.
ويكمل الطبيب يوسف فاعور “غير صحيح أن الذين يتحدثون عن هذا الأمر يكونون غير جديين بالقيام به، فالأشخاص الذين يصلون إلى هذه المرحلة من التفكير هم أشخاص مترددون بين الحياة والموت، وتكون محاولات الانتحار لديهم ناتجة عن حالة اندفاعية، ويكون دافعهم للحديث أحياناً الرغبة بالحصول على الدعم المناسب الذي يقيهم من هذا الفعل”.
ويردف فاعور “تنجم الاضطرابات النفسية عن تآزر ثلاثة عوامل، بيولوجية بشكل أساسي أي (الاستعداد الجسمي على مستوى الدماغ عند الشخص)، وعوامل نفسية تشمل التعرض للضغوط والعوامل المطلقة، وعوامل بيئية واجتماعية تشمل الظروف المحيطة بالشخص”.
ويتحدث يوسف “عند معرفتنا بأسباب الاضطرابات النفسية نعلم أنه، لا أحد معصوم عن الإصابة بها فهي كأمراض القلب أو السرطان، والمهم جداً معرفة أن معظم الاضطرابات النفسية، بما فيها الاضطرابات التي تترافق بأفكار انتحارية قابلة للعلاج والتحسن في حال القدرة على الحصول على المساعدة المناسبة من الأخصائيين”.
وأكد الطبيب يوسف فاعور أن “أساليب الوقاية لتفادي هذه الحالة ممكنة، ويجب مراجعة الإخصائيين عند ملاحظة أي سلوك أو حديث عند الأشخاص عن الانتحار، وأنه يجب وضع استراتيجيات لرفع مستوى الصحة النفسية عند المجتمعات”.
الجدير بالذكر أن الانتحار هو السبب الثاني عالمياً للوفاة في الفئة العمرية بين 15 و29 سنة، حسب احصائيات منظمة الصحة العالمية، وتشير ذات الإحصائيات إلى أن أكثر من 800 ألف شخص يموتون منتحرين كل عام، بمعدل شخص واحد كل 40 ثانية.
تلفزيون الخبر