موجوعين

في عيد الأضحى ..تلفزيون الخبر في منزل الشهيدين حيدر وحسين السلامة بريف حمص الغربي

“و لنبلونكم بشئٍ من الخوف والجوع ونقصٍ من الأموال و الأنفس والثمرات”… بهذه الآية الكريمة يواسي أبو أحمد نفسه وزوجته، مقتنعاً أن تكرارها على مسامعها سيبلسم قلباً أدمته قسوة الحرب، فتومئ برأسها بأنها ستنسى.

لكن شحوب عيني هذه الأم، يقول أن دموع الفقد تسهر معها حتى مطلع الفجر، جرحها لا تدميه الكلمات، ولا يشفيه قدم الزمن، فقلب الأم قاعدة وما عداه شواذ.

عيسى أحمد السلامة الستيني المتقاعد، أظهر جبروتاً في الدقائق الخمسة الأولى خلال حديثه لتلفزيون الخبر عن ولديه اللذين استشهدا في مكان واحد و زمان مختلف، ليبدأ الجبروت بالانكسار رويداً رويداً وهو يستذكر ضحكات ولديه، يمسح دمعة خرجت من عينيه عنوة، دموع الرجال لاتسقط إلا عندما يكون الخطب جللاً.

أبو أحمد الذي ألّتف برداء الكرامة لا يعرف من هذا الوطن إلا التضحية، علًم وربى ستة رجال فأحسن العلم والتربية، ودفن أمام عينيه ابناً وآخر لايعرف طريقاً إلى ضريحه، ألزم صورته إلى قطعة أرض في جوار منزلهم المتواضع، على أمل أن يجدا رفاته ذات يوم فيتجاورا.

يقول عيسى أحمد السلامة عن شهيده الأول حيدر لتلفزيون الخبر “تطوع ابني حيدر بعد أن نال شهادة الثانوية في عام 2011 لصالح الأمن العسكري، تم فرزه إلى فرع السويداء – ناحية الشجرة، خاض عدة معارك مع مسلحي “النصرة”، ثم أصيب خلالها، ليعود للقتال قبل أن يستشهد في هجوم شنه عناصر “داعش” على المفرزة الأمنية في عام 2012″.

ويتابع والد الشهيدين حديثه لتلفزيون الخبر بالقول “بتاريخ 4-7-2012 اتصل بي صديقي أبو سليمان من قريتنا “صفر” مدعياً أنه بحاجتي لأمر هام، عند وصولي إلى منزله شعرت أن خطباً ما حدث، وجوه أهل المنزل تشير إلى ذلك، قلت له هل ستخبرني باستشهاد حيدر ؟ فأجاب لله ماوهب!”.

ويضيف “عُدت إلى المنزل، جمعت العائلة وأخبرتهم باستشهاد حيدر، شرحت لهم أن هذا هو قدرنا، وأننا مستعدون لسماع أي خبر سيء فأخيه أحمد أيضاً محاصر في منطقة الكوبر بدير الزور، ليتقبل بعضهم كلامي، ويظهر البعض الآخر عدم تقبله لمصابنا”.

ويكمل “أحضرت بنفسي جثمانه في اليوم التالي لاستشهاده، دفنته إلى جوار رفاقه من شهداء القرية، وسط تشييع شعبي كبير، حيث حضر تشييع الجنازة خمس قرى مجاورة لقريتنا “صفر”، بينما كان التمثيل الرسمي شبه معدوم، ومن الحضور جمعية “الأخوة” ومازالت حاضرة معنا إلى يومنا هذا، تقف معنا في كل صغيرة وكبيرة”.

وعن الشهيد الثاني في العائلة يقول والد الشهيدين لتلفزيون الخبر “كان ابني حسين عيسى السلامة موظفاً في مستوصف القرية، قبل أن يلتحق بالخدمة الاحتياطية في العام 2013، لتم فرزه إلى مناطق الجنوب السوري، حيث خاض مع زملائه أشرس المعارك ضد “جبهة النصرة”.

و يتابع أبو أحمد حديثه “بتاريخ 23/2/2014 قرب المكان الذي استشهد فيه ابني الشهيد حيدر، هاجم مسلحو “جبهة النصرة” قوة عسكرية للواء 61، وكان ابني الثاني حسين في مقدمة القوات، حيث استشهد عدد كبير من زملائه، بعد أن تم أسره ،ليبدأ المسلحون بالاتصال من هاتفه وابتزازنا مادياً”.

وعن خبر استشهاد حسين يقول أخ الشهيد أحمد السلامة لتلفزيون الخبر “وردني اتصال من هاتف أخي حسين، وكان المتصل أحد المسلحين ، أخبرني أنه ذبح حسين السلامة فصمت قليلا ًوقلت له “بعوّض الله” ثم أغلقت الهاتف، مضيفاً “عوضني الله بعدها بطفلين اسميت أحدهم حيدر والثاني حسين ولانعلم الآن مكان ضريحه”.

و عن وضع القرية، يشرح والد الشهيدين إن “منزل العائلة غير مخدّم بالكهرباء والصرف الصحي، والطرق ترابية، و طالبنا عبر الكتب والعرائض محافظة حمص ومديرية الخدمات الفنية أن تقدم لنا الدعم والخدمات إسوة بغيرنا من القرى، لاسيما أن معظم الشوارع غير المخدمة في القرية تعود لذوي الشهداء”.

ويكمل أبو أحمد “تعبت كثيراً في تربية أبنائي، لأجدهم سنداً لي في آخرتي، و لأرفع رأسي بهم عندما يكبروا، كبروا ورفعوا رأسي باستشهادهم”.

وختم والد الشهيدين حديثه لتلفزيون الخبر بالقول “أشعر بالفخر لأن ابني الصغير زكريا حصل هذا العام على الثانوية العامة، و هو مصمّم على التطوع في الكلية الحربية، رغم أنه معفي من الخدمة، لأن إخوته علي وأحمد وعمّار جميعهم في الجيش العربي السوري، بالإضافة إلى الشهيدين حيدر وحسين”.

محمد علي الضاهر – تلفزيون الخبر – حمص

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى