١٥ ألف عائلة سوريّة على الأقل تسأل : أين مخطوفينا ؟
نحو 5 سنوات وبضعة أشهر على الحرب التي حلت في الأرض السورية حاملة معها الدمار والألم .. الخراب والحزن الذي حلّ بجميع من بقي فيها حياً ، من لم يمت منهم أو كما يقال “استشهد” .. كان دمار بيته وضياع أرضه وتشتت أسرته هو الوضع الجديد، ومن نفد من هذا أو ذاك كان سوء الوضع المعيشي وارتفاع تكلفة الحياة السمة الغالبة على الجميع.
الحرب التي نعيشها خلفت آلاما شديدة ومختلفة لدى تلك الأسر التي ما يزال مصير أولادها حتى الآن مجهولا، حربا خلفت خمسة عشر ألف عائلة مفجوعة بفقد المصير.. فقد الجسد .. فقد ما يطيب روحها بزيارة ثرى فلذة كبدها وإن كان هذا ألما إلا أن غالبيتها تمنته لولدها لأن المجهول ألمه أشد وأعمق.
آلاف العوائل السورية وفق الأرقام الحكومية الرسمية، بدءا من أبناء حمص التي كان خطفها على الهوية واسم القرية، مرورا بأبناء قرى الجبل الساحلي التي راح ضحيتها ما يزيد عن 500 شخص ما بين مخطوف وشهيد، وصولا إلى أبناء عدرا العمالية وأبناء قرى ريف إدلب وصولا إلى الزارة وما حل بها، وغيرهم من السوريين الذي خطفوا على أيدي أبناء بلدهم على الطرق الواصلة بين المدن السورية جميعها.
هذه المناطق التي تعرضت لـ”غزوات ” مخلفة مجازر بحق ساكنيها، والعشرات من المخطوفين النساء والأطفال والرجال، فضلا عن أن مئات العسكريين من عناصر الجيش العربي السوري من مختلف المدن والأرياف السورية ما يزال مصير جميعهم غير معروف، في ظل تكتم رسمي حول عمليات التفاوض أو التحرير أو حتى المبادلة التي تجري بين الفينة والفينة بين طرف حكومي رسمي وأحد الفصائل المسلحة، التي تكلل في بعضها بعودة حياة جديدة لكل أسرة يكون ابنها ضمن العملية.
هذه العوائل الكثيرة التي ترقب أي جديد يذكر حول أي مخطوف سواء كان مدنيا أو عسكريا، باتت لقمة سائغة لدى العديد من ضعاف النفوس في دوائر الدولة المعينة بالأمر أو لدى بعض المحامين الذين وجدوا هذا الباب الأسرع لملء الجيوب، حيث تم إيقاف أكثر من 25 محاميا عملوا على استغلال هذه الأسر، وفق ما قاله نقيب المحامين نزار السكيف لتلفزيون الخبر الشهر الماضي.
كما تجد هذه العوائل تعلل النفس عبر ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال قوائم اسمية يتم اطلاقها على بعض الشبكات على “الفيس بوك” حيث تنتشر كما انتشار النار في الهشيم، وهذا ما يشير إلى أهمية هذا الملف الذي ما يزال على الأفل من الأولويات الأولى لدى الحكومة ، علما أن وزير المصالحة الوطنية علي حيدر نفى صحة ما ينشر على مواقع التواصل مشيرا إلى أن كل من لديه مخطوف التواصل مع وزارته للاطلاع على كل جديد .
الجديد الذي وصل له مجلس الشعب بعد سنوات الحرب التي قاربت عامها السادسة أنه و”مع بدء عقد المجلس لدورته القادمة سيتم طرح التصويت على تشكيل لجنة تعنى بشؤون المفقودين والمخطوفين بناء على اقتراح عدد من أعضاء المجلس لمتابعة هذا الملف لكشف مصيرهم سواء كان المخطوفون والمفقودون مدنيين أم عسكريين” وضرورة أن يتم العمل بشكل مؤسساتي، وفق عضو مجلس الشعب ولجنة حقوق الإنسان والحريات أشواق عباس.
وتم تنظيم عددا من الوقفات الاحتجاجية لأهالي المخطوفين لتحريك قضيتهم الإنسانية ولفت الرأي العام الدولي إليها باعتبار أن المخطوفين “لم يحملوا سلاحا” و” لا يخدمون في الجيش” .
فمنها من نظّم في اللاذقية أمام مبنى المحافظة التي نالت الجزء الأكبر من عدد المخطوفين، مرورا بأهالي حي الزهراء في حمص الذين طالبوا بكشف مصير أولادهم، وصولا إلى دمشق التي نظم أهالي مخطوفي عدرا العمالية وقفة في ساحة الأمويين أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون، إلا أن المصير واحد لتلك الوقفات “الفقراء لا أحد يبالي بمصيرهم”.
وفي كل وقفة لأهالي المخطوفين كان نصيبها اتصال من أحد المسؤولين و”إطلاق الوعود الرنانة” والتأكيد على أن الملف “حساس والحكومة تتابعه ضمن دوائرها السرية” إلا أن هذه المتابعة تبقى طي الكتمان ضمن هذه الدوائر، وحتى ذوي المخطوفين لا يعلمون ما يحدث ، إن كان يحدث أساسا” وفق إحدى نساء قرى جبل اللاذقية التي ما تزال تجهل مصير أكثر من 15 شخص من عائلتها التي خطف أفرادها في أب 2013 .
وحتى تظهر نتائج العمل في دوائر الدولة المعنية بملف المخطوفين، تبقى حكايات أسرهم وفقر ومعاناة وأوجاع من بقي على قيد الحياة منهم، مذكّرة بما يجب على الحكومة فعله، وإعطاء هذا الملف الأهمية اللازمة في البحث والعمل على كشف مصيرهم، دون مخافة اتهامهم بأي تمييز ، على اعتبار أن معظم المناطق التي تعرض ساكنيها للخطف من مؤيدي الدولة .
شذى بدّور _ تلفزيون الخبر