جرّاح سوري يجري أول عملية فصل “توأم ملتصق” بنجاح في مشفى تشرين الجامعي باللاذقية
كائنان صغيران ملتصقان بوجهين متقابلين وكأنهما يقبّلان بعضهما البعض، وزن الأول 1700 غرام، والثاني 2 كيلو، وعمر كلاهما 24 ساعة، قرار العملية رغم خطورته كان الخيار الوحيد للحفاظ على حياتهما.
“بعد عودتي من فرنسا كان حظي مع التوائم السيامية الملتصقة وفيراً، وها أنا بمساعدة طلابي في قسم الجراحة في مشفى تشرين الجامعي، نجحنا بفصل توأمين متصلين، بعد عملية صعبة ومعقدّة، هي الأولى من نوعها في سوريا، أجريت العملية بشكل مجاني بالكامل، استمرت ثلاث ساعات ونصف”، هذا ما قاله الدكتور عمّار عمران لتلفزيون الخبر.
الدكتور عمّار عمران أخصائي جراحة الأطفال الحشوية والصدرية والبولية من فرنسا استطاع مع فريقه الطبي أن “يفصل توأمين سياميين ملتصقين من الكبد والبطن بنجاح، بعد لقاء معه، شرح الدكتور عمران تفاصيل العملية بجميع مراحلها”.
و قال الدكتور عمّار عمران “بدأنا إجراء العمل الجراحي، تخيّلنا العملية قبل أن نباشر فيها، كل خطوة يجب أن تكون محسوبة بالإضافة للمستجدات التي من الممكن أن تطرأ أثناء الجراحة”.
وبيّن الدكتور عمران لتلفزيون الخبر “الحالة هي التحام كبدي، من جهة ثلاثة أرباع كبد ومن جهة ثانية ثلاثة أرباع كبد، و عملية التحام الكبد عملية معقّدة جداً، لأن الطفل الصغير لا يتحمّل نزف، فهو لا يملك من الدم ما يملكه الكبار”.
وتابع الدكتور عمران “باشرنا بالأمور السهلة، وهي قطع الأمعاء، أي عزل الأمعاء عن بعضها، وبعد فصل الأمعاء بنجاح، انتقلنا إلى الخطوة الأخطر وهي الالتحام الكبدي”.
وأضاف الدكتور عمران “لدينا جهاز في المستشفى “المخثر أو القطاع” يتعامل مع طبيعة الأنسجة، يخثرّ من الجهتين ويقطع بينهما، وهو ما ساعدنا، وهذا الجهاز سعره مرتفع جداً، ولولا توافر هذا الجهاز في مستشفى تشرين الجامعي لما تمكنّا من إجراء العملية”.
وتابع الدكتور عمران “رسمنا الخطة وتخيلّنا ما يمكن أن يحدث، وكانت جميع الحلول جاهزة لكل المفاجأت، وتمت إعادة أحشاء الطفلين إلى كبدهما وبطنيهما، وتابعنا حتى وصلنا إلى خياطة الجلد، وتمت العملية بنجاح”.
وأكمل الدكتور عمران “بعد نجاح العملية، قدمنا للطفلين كل أنواع الدعم، وتم وضعهما على جهاز التنفس لمدة 72 ساعة، والحقيقة وضعهما مستقر إلى الآن، ولكنه استقرار من النمط المخيف، وبطبيعة الحال لا يمكنك أن تأمن لطفل وليد وزنه 1700 غرام”.
وخلال حديث الدكتور عمران لتلفزيون الخبر قال إن “أحد الطفلين جاء بلا سرّة، وعند سؤاله إن كان الطفل ذو 1700 غرام هو الطفل المشاكس الذي جاء بوزن منخفض و بلا سرّة، ضحك قليلاً ثمّ أومأ برأسه موافقاً”.
وقال “نعم صحيح إنه هو، ونحن ننتظر أن يبقى لطيفاً ومستقراً، لأنه سيقيم في المستشفى حتى نأمن له، بينما سنخرج أخيه الأكثر وزناً ذو السرّة المتكاملة”.
وأضاف “هذه العملية تجري لأول مرة في سوريا، و دراسة الأسباب المؤدية ليست دقيقة ولكنها نادرة جداً، أذكر أني سمعت بحالة في قرى ريف دمشق استلمها الصليب الأحمر، وأرسلها خارج سوريا ولا أعرف مصير الطفلين”.
وعن التكلفة المادية للعملية، قال الدكتور عمران إن “العملية مجانية بشكل كامل، وأجريت في مستشفى عامل، وكادر جراحي متخصص ومتميز وذو أخلاق عالية، وكلفتها مئات إلى آلاف الدولارات وتصل إلى مليون دولار في الخارج، وهنا نشكر الجهود الحكومية التي تدعم المستشفيات العامة بشكل دائم”.
وعن سبب تسمية التوأم الملتصق بـ “السيامي” قال الدكتور عمران “كلمة سيامي تعود الى “سيام” وسبب تسميتهم يعود إلى توأم شهير ملتصق من مدينة سيام في تايلند، عاشا و هما ملتصقان و عملا في سيرك واشتُهِرا حول العالم”.
وعن موقف عائلة الطفلين، قال الدكتور عمران “الأب كان مستغرباً، و أبلغناه قبل الجراحة أننا ربما نستغني عن أحد الطفلين، ولكنهما الآن بخير ولم نطلق عليهم أسماء إلى الآن إلا الطفل ذو السرّة والطفل بلا سرّة”.
وعن حجم الدعم الحكومي، قال الدكتور عمران “نحن في سوريا بعد سبع سنوات حرب، و بجهد شخصي و مهارات محلية، وبأجهزتنا تمكنّا من إجراء عملية هي الأولى من نوعها في سوريا”.
وأضاف الدكتور عمران “لذلك يجب أن نعترف أن الدولة مازالت تصرف على المشافي العامة وتزودها بأجهزة حديثة، بالاضافة لجهد الفريق الطبي، و حجم الميزانيات التي تدفع على هذه المشافي، و التي تجري العمليات الجراحية مجاناً”.
وختم الدكتور عمران حديثه لتلفزيون الخبر “في الخارج لا تشعر أنك أديت واجبك أو رسالتك بشكل مرضي، سعادتي مرتبطة بمكان وجودي وبعائلتي، أحيانا كلمة “الله يوفقك دكتور”، حتى لو قالوها لي بالفرنسي لا أشعر بها، كما أشعر عندما يقولها والد أحد المرضى بلغتي العربية”.
سها كامل – تلفزيون الخبر