يا أيتها اللجان الشعبية : خلوا الشهيد مكفناً بثيابه
أوقح ما يمكن أن تسمعه أذن وتراه عين في مجرة درب التبانة ، هو أن يدفع ذوو الشهيد ضريبة مرور جثمانة على حاجز لاتعرف ” قرعة أبوه من وين ” وهو الذي أنهى حياته في ميادين الحرب .
أب وابنه من ريف عفرين بحلب ، استشهدا قبل أيام في معارك ادلب ، في حرب أصبحت بعد أعوامها السبع حقيقة دامغة تحفر بنارها سفر التاريخ كما حفر الشهيد خلود الارض و أنشودة البقاء .
كاظم ابراهيم ، حملته أقدار حمقاء ، كما حملت الآلاف من السوريين ، وشردته في أصقاع بلده الذي يحب ،من مكان لآخر، قبل أن يطأ الهدوء والإستقرار في اللاذقية، يكد من خلف مقود السيارة التي عمل عليها سائقاً ليدفع أجرة منزل استأجره لعائلته ، وثمن لقيمات خبز تبقيهم قيد حياة غير سعيدة ، وهم ينتظرون بفارغ الصبر أن تعلن الدولة أن الحرب ” خلصت ” و ” فشلت ” فيعودوا إلى العمل في حرثهم ويغمروا الأرض تيناً وزيتوناً وطور سنين .
اندفع كاظم وراء ابنه احمد الذي تطوع للقتال ضمن صفوف لواء البعث – الفيلق الخامس فتطوع مثله ، ظناً أن تطوعه قد يبعد لحظات السوء عن ابن قلبه ، ولكن الموت لا يفهم كل هذا الفيض من المشاعر فاختار الاثنين معاً
استشهد كاظم وابنه احمد يوم 12/1/2018 حيث رميا رميتهما الأخيرة باتجاه العدو على جبهة أبو ضهور ، وسلما الروح مطمئنين إلى عزيمة أخوة التراب وأخوة الدم
نقل جثامينهما إلى مشفى حلب العسكري في اليوم الثاني ، وشعر أهلهم وذويهم بحب الوطن ودفء الكلمات في المشهد الجنائزي الأخير
قرر الاهل ان يكون الدفن في مسقط رأسيهما في معبطلي بريف عفرين ، فاتجه الموكب الى حيث شاؤوا ، تغمرهم دمعات الفراق و الفخر وكثير من مشاعر أهل حلب وقادتها العسكريون
وصلوا إلى ” مفرق ” قرية نبل والتي تعد آخر نقطة تقع تحت سيطرة الدولة باتجاه عفرين ، حيث تسيطر عدة ميليشيات أهمها الاتحاد الديمقراطي
وعلى ” مفرق ” نبل أوقفهم حاجز للتفتيش في اخر نقطة تسيطر عليها الدولة باتجاه عفرين ، ودار حديث بين الاهل وقائد الحاجز المسمى بحاجز أبي جعفر .
قبل ان يغادر موكب الشهيدين ، طلب أبو جعفر عن كل جثمان 3000 ليرة كرسوم للعبور فدفع الاهل ما ترتب ومضوا حاملين قهر كلمات الحاجز ، هائمين ، غير مصدقين أن أبا جعفر وحاجزه يعاملون الشهيد ككيس من البطاطا أو ” تنكة ” زيت فيفرضون الرسوم التي ترضيهم
مضى الموكب الجنائزي من حاجز أبي جعفر ليتم ايقافه على بعد 500 متر على حاجز ميليشيا الاتحاد الديمقراطي ، والذين أجبروهم أيضاً على نزع العلم السوري عن التوابيت ، ليكتمل مشهد الخزي والعار بين الحاجزين ، أيهما أكثر وضاعة وأقل وجداناً.
تلفزيون الخبر