عمران وايلان .. وبازار الأطفال السوريين لكسب نقاط
صدم العالم مرة أخرى بصورة مرعبة ومؤلمة طفل سوري يعاني ، وهذه المرة كان الدور على “عمران” الطفل السوري الذي قالت وسائل اعلام غربية أنه انتشل من تحت الحطام في مدينة حلب.
وبين مقطع الفيديو الذي أبكى مذيعة قناة CNN الأمريكية، ذهول الطفل الحلبي عمران دقنيش وبراءته المرعبة وهو مغطى بالغبار ووجهه المتجهم والدماء تسيل منه رأسه وهو لا يدري ما يجري حوله، ومن بجانبه يخلي المكان الذي ينضح بالألوان الاورانجية والبيضاء، لا لاسعاف بل لتصوير طفل انتشل اللحظة من تحت الركام.
مدينة حلب التي تشهد حربا قالت الأمم المتحدة منذ عدة أيام في بيان لها أن الخراب والدمار الذي تعانيه لم تعانيه مدينة على مر التاريخ، وتم تهجير أكثر من نصف سكان المدينة والريف، وصور كثيرة ظهرت للعالم من بينها صور لأطفال “بتبكي الصخر” كصورة عمران تماما.
السؤال هو لماذا يتم التركيز على صورة عمران؟، وهي بطبيعة الحال “بتشق القلب”، كما غيرها الكثير من الصور ولكن، وكما تعود السوريون، كان جليا أنه تم انتقاء هذه الصورة وتوزيعها لتوجيه اللوم من هذه الدولة لتلك وتحصيل نقاط لهذه الدولة على حساب أخرى، لتستمر مأساة عمران نفسها مع أطفال أخرين ولكن لن ترصدهم عدسات اعلام حينها “لانو الصور مو بياعة “.
المتاجرة بصور الأطفال بهذه الطريقة اتضح انها فقط لأجل المتاجرة، فلا خطوات عملية حقيقية لوضع حد لما يحصل، فما زالت الحدود السورية نحو حلب مفتوحة ويأتي إليها من كل أصقاع العالم “مجاهدون” من الشيشان وأفغانستان وقد يقودهم شيخ سعودي كالمحيسني يريد تحرير عمران وأهله من سوريتهم ولا أحد “بيقلو يا محلى الكحل بعينك”، وحتى وإن ظهر يدرب أطفال ليقوموا بعمليات انتحارية!!
قصة الطفل عمران تذكر بقصة أخرى راجت كثيرا وتم المتاجرة بها بطريقة أكثر وضوحا، حيث هز الضمير العالمي صورة لطفل سوري غرق وسحبته الأمواج وألقته على الشاطئ، أثناء رحلة مع أهله ليقطعوا فيها المتوسط من تركيا لليونان طلبا للجوء في إحدى دول أوروبا الغربية.
صورة ايلان تم استثمارها بطريقة أكثر وضوحا ووقاحة، كون تلك الفترة شهدت ما يشبه “الرضا” الأوروبي عن ألوف اللاجئين السوريين الذين يقصدون أراضيها طلبا للجوء، فتم تداول الصورة التي قيل حينها أن الدولة التركية لها يد في الاستثمار ( ومن ورائها أميركا بالطبع ) أيضا للضغط على أوروبا في قضية اللاجئين، فماذا حققت صورة ايلان؟.
حققت صورة ايلان كطفل سوري غرق وهو يطلب البحث عن مأوى وملجأ من الحرب رضا وتعاطف أوروبي شعبي، وهيأت وسائل الاعلام الشعوب في أوروبا لتقبل هؤلاء الناس الهاربين من الحرب الباحثين عن مكان ليعيشوا فيه بآمان بعيدا عنها.
ولكن الآن ومع تغير الظروف الدولية أصبحت قضية اللاجئين، الواصلين أو الغرقى، بندا ثالثا او حتى عاشرا في أولويات الضمير العالمي، الذي وبالمناسبة لم يفعل شيئا في أيام “الرضا”، فمنذ تلك الأيام وحتى اللحظة ما زالت قوارب المطاط تبحر من تركيا لليونان، فهل بالفعل كان البكاء لأجل أطفال سوريا أم لأغراض أخرى؟.
سورياً، وبعيدا عن معارضة وحكومة، صورة عمران وايلان سبقها، وسيتبعها وللأسف، صور “بتقهر” مثلها، ولكن لم ينقلها أحد ولم تأبه وسائل الاعلام، وخصوصا الغربية منها، لمئات الصور لمئات الأطفال الذين يعانون ويموتون يوميا في سوريا.
ألا يجب أن نسأل لماذا يتم نقل صورة طفل انتشل من تحت الأنقاض ولا يتم الحديث عن مجزرة مدرسة عكرمة في حمص عندما قام “معارضون معتدلون” بتفجيرين بسيارة وانتحاري، قضى على أثرها أكثر من 45 طفل، 45 طفل كعمران تماما، ولم يتم حتى إدانة فاعليها!!
كما صورة ايلان هي صورة عمران، صور مؤلمة لأطفال سوريين يندى لها جبين البشرية التي لم تستطع حتى اللحظة ايقاف تدفق الارهابيين مع اسلحتهم ومعداتهم الثقيلة والمتوسطة، كون الخفيفة عم “تسلحب” معهم بسهولة، والذين هم في الأساس لب الحرب في سوريا.
لعبة الاعلام التي يعرف أصحاب المصالح كيف يديرونها جيدا، والتي في الأساس تنطلق من قضية محقة يتم رسم مسارات أخرى لحلها بعيدا عن الحل الواضح والصريح كما في قصة السباحة في فريق اللاجئين السورية يسرا مارديني.
وكما الحرب السورية، والذي على ما يبدو أن المستفيدين من إطالة الحرب السورية لا يحبذونه حاليا، فالولايات المتحدة صرحت علنا منذ أيام أنه ستعمل على إطالة أمد الحرب إذا لم تحقق ما تريده، وأطفال سوريا يموتون ويظهرون فقط عند فتح “السوق”.
علاء خطيب – تلفزيون الخبر