عن شعب يمتلك أكبر احتياطي من الأمل في العالم.. عن شعب الدراويش نتحدث !!
في دمشق البارحة ، من المزة حيث تجمع الجلاء، إلى ساحة الأمويين، فحديقة الجاحظ، ثم حديقة السبكي، تجمعات كبرى في الساحات العامة تجمعت حول شاشات عملاقة تنقل مباراة كرة قدم.
مطاعم المدينة ومقاهيها كانت ممتلئة على الآخر، فقد اكتملت الحجوزات منذ صباح البارحة، مئات الآلاف تسمرت عيونهم نحو الشاشات لمتابعة منتخب البلاد، ملايين التعليقات والتغريدات والصور على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، عشرات الفيديوهات المباشرة -لايف- عبر الفيسبوك تنقل من كل دول العالم تجمعات السوريين الذين تجمعوا ليشاهدوا مباراة كرم قدم !! حالة أمل وفرح كبيرة.
أعصاب مشدوهة طوال المباراة، كنا نعلم أن النكات الساخرة التي أطلقها السوريون عن إيران والمتخب الإيراني ليست ذات مطرح وهي لا تتعدى كونها نكات على سبيل أي قضية تتحول مثاراً للسخرية لدى السوريين على السوشيال ميديا.
الإيرانيون لا يهمهم إن تأهلنا أم لا، وشأن مباراة كرة قدم لا علاقة له بمحور الممانعة، فالمنتخب السوري ليس قوات حليفة للمنتخب الإيراني، بل منافس على أرض الملعب
والإيرانيون بهكذا مواقف شهيرون باللؤم، فالمنتخب الإيراني نزل بكامل قوته وبتشكيلته الأساسية على الرغم من تأهله بشكل مباشر وعادة الفرق والمنتخبات الكبيرة أن تقوم بإراحة لاعبيها بهكذا نوع من المباريات لكن الإيرانيين كانوا غير ذلك
لم يكتفوا بالنزال الرياضي بل كانوا عنيفين للغاية على أرض الملعب، بشكل غير مبرر، وخطأ شاشة الملعب -غير المقصود ربما – مع جماهير المنتخب الإيراني الكثيرة لعبت دوراً بالتأثير النفسي على كل ما هو سوري في الملعب…
لعب منتخبنا البارحة في آخرات الدقائق بطريقة القتال لانتزاع التعادل، بعد أن تقدمنا في بداية المباراة، ولن ندخل بتفاصيلها التكتيكية ولا بتحليلها رياضياً، لكن أبطال المنتخب السوري انتزعوا النقطة بالدقائق الأخيرة كما حصل في غير مباريات، وعندما نقول أنه تعادل بطعم الانتصار نقصد ذلك
فهدفان دخلا في شباك الحارس الإيراني كانا كفيلين تماماً بتعكير مزاجه ومزاج كل المنتخب الإيراني اللئيم الذي لم يدخل شباكه أي هدف في كل التصفيات السابقة، وعلى أرضه وبين جمهوره.!!
كان التأهل المباشر للمونديال قاب قوسين أو أدنى من أن يكون واقعاً ولا سيما بعد نتيجة مباراة كوريا، كان يمكن أن نستيقظ اليوم على حقيقة أن منتخبنا الوطني ذاهب إلى روسيا بعد ثمانية أشهر للعب في المونديال، وبالتالي فهو يستعد للتحضير لكأس العالم !!
لكن القدر أراد لنا أن نبقى على أمل التأهل عبر الملحق، بمبارياته القادمة، حيث سنلعب مع أستراليا، فإن فزنا سيبقى لنا مباراة مع فريق من أمريكا الوسطى، فإن فزنا بها أيضاً سنتأهل لكأس العالم …
لقد اختار لنا القدر الطريق الطويل للمونديال، وأنا أثق بأن منتخبنا سيقف على ناصية حلم التأهل وسيقاتل، كرمى لعيوننا، كرمى لعيون الشعب الدرويش الذي كان البارحة يفترش الطرقات فرحاً
هذا المنتخب الذي عانى في طريقه الطويلة وصولاً لهذا اليوم، من حرماننا من أن تلعب مباريات منتخبنا الوطني على أرض الوطن، إلى امتناع الكثير من الدول الشقيقة عن استضافة مباريات فريقنا، إلى تحمل كل المشاكل الفنية والتقنية المتعلقة بالمنتخب، وصولاً إلى الواقع الحالي، هذه الروح المعنوية العالية ببث الأمل في نفوس هذا الشعب الصابر !!
فرح الناس البارحة كان كفرح شعب قد ربح كأس العالم حقاً، نظرات الأمل في عيون الشعب واضحة، دموع الفرح والنظرة إلى المستقبل واضحة …
شعب الدراويش نحن، نحن نمتلك أكبر احتياطي من الأمل في العالم !!