الغارديان : لماذا تخلى الداعمون عن “المعارضة” السورية ؟
وقال كاتب المقال مارتين تشولوف، إن “تقليص المساعدات المالية والأسلحة المقدمة لـ “المعارضة” السورية، بدد الآمال التي كانت معلقة على الدعم الدولي لمنع الأسد من تحقيق النصر في النزاع المسلح الدائر في البلاد”.
ولفتت الصحيفة إلى أن “الأردن، الذي كان أحد أكبر داعمي المعارضة السورية، أصدر بياناً في وقت سابق من هذا الأسبوع، قال فيه إن العلاقات الثنائية مع دمشق تسير في الاتجاه الصحيح”، وهو ما اعتبرته الصحيفة بمثابة “إعلان موت قضية المعارضة” بالنسبة لكثيرين.
ونقلت الصحيفة قول قادة لـ “المعارضة” السورية، إبان عودتهم من اجتماع عقد بالعاصمة السعودية الأسبوع الماضي، إن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أخبرهم صراحة أن “الرياض تنفض يدها من الأزمة السورية”.
وقال دبلوماسي غربي بارز، بحسب الصحيفة، أنه “لم يعد السعوديون يهتمون بأمر سوريا، ليس لدى “المعارضة” الآن سوى قطر، لقد ضاعت سوريا”.
أما تركيا، فكانت من أوائل داعمي “المعارضة”، الذين حادوا عن المبادرة المشتركة لتسليح معارضي الأسد، واتجهت لتحقيق مصالحها المحدودة المتمثلة في كبح طموحات الأكراد السوريين، ويسود أنقرة إدراك أن الانتصار في الحرب التي ساندت تركيا فيها المعارضة أكثر من أي دولة أخرى لم يعُد ممكناً، بحسب الصحيفة.
وفي أوروبا الوضع لا يختلف، ووفقاً لـ “الغارديان”، فإن بريطانيا أيضاً، استُبدلت الخطاب الذي كان يطالب الأسد بالتنحي كخطوة أولى باتجاه تحقيق السلام، بخطاب آخر وصفته الحكومة البريطانية بـ”الواقعية النفعية”.
وعبر وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون عن مطلب رحيل الأسد باعتباره “ليس شرطاً مسبقاً، لكنه جزء من عملية الانتقال السياسي”، وفي المقابل، فإن وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون فوّض روسيا علانية بمهمة إيجاد حل للأزمة السورية.
كما تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإيقاف برنامج تديره وكالة الاستخبارات الأمريكية، يقوم على إرسال الأسلحة من الأردن وتركيا، إلى بعض تنظيمات “المعارضة” السورية التي خضعت لتدقيق الوكالة على مدى الجزء الأكبر من الأعوام الأربعة الماضية.
واكتفت واشنطن بلعب دور ثانوي في عمليات سلام متشابكة ومعقدة في كل من جنيف وأستانا، وركزت جهودها في الحرب ضد تنظيم “داعش” وليس الأسد، وفقا لـ “الغارديان”.
وفي تحليلها لسؤال “لماذا تخلى الجميع عن المعارضة؟”، أوردت “الغارديان” تصريحات للسفير الأمريكي السابق في سوريا، روبرت فورد، الذي قال “تخلى داعمو “المعارضة السورية” عنها لأسباب مختلفة، أولها أن استمرار الخلافات، والصغائر، وعدم القدرة على الاتفاق على قيادة واستراتيجية مشتركة، لطالما جعلت الداعمين قلقين من الفصائل وأذرعها السياسية”.
ووفقا لفورد، فإن “تنسيق “المعارضة” وتكاملها، مع جماعات إرهابية جعل الأمريكيين والأردنيين يشعرون بالقلق”، مضيفاً “لا يريد الأردن إيواء المزيد من اللاجئين، كما يريد توقف المعارك في جنوب سوريا، ويقبل فقط استمرار العمليات العسكرية ضد “داعش”، تبعاً لأولويات أمريكا”.
وأضافت الصحيفة أنه “وبالتزامن مع نجاحات الحكومة السورية وحلفائها على الأرض في أنحاء كثيرة من البلاد، تعيد الجهات المانحة لجهود الإغاثة الدولية حساباتها، تجاه المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في سوريا”.
ووفقاً للمقال، فإن “الحكومة البريطانية تبحث ما إذا كانت لندن ستستمر بالإيفاء بوعدها بتقديم معونة بقيمة 200 مليون جنيه إسترليني، حوالي 257 مليون دولار، للسكان المحليين في مدينة إدلب والمجتمعات النازحة من مناطق أخرى في سوريا”.
ويخشى المسؤولون البريطانيون أن تكون الجماعة المنضوية تحت لواء “القاعدة”، والمعروفة باسم “جبهة النصرة”، أو “هيئة تحرير الشام” بمسماها الجديد، فرضت ذاتها على نحو متزايد على طريقة إدارة المؤسسات المحلية، ما يعني أنه لا يمكن ضمان عدم وقوع المساعدات في أيدي جماعة مصنفة كتنظيم إرهابي”.
وتدرس ألمانيا هي الأخرى احتمال تعليق برنامجها للإغاثة في محافظة إدلب. وإذا انسحبت هاتان الدولتان من إدلب، فمن المتوقع أن تلحق بهما الولايات المتحدة، وفقا للصحيفة.
يذكر أن اجتماعات استانا وجنيف تتواصل بين وفد الدولة السورية ووفود “المعارضة”، التي كانت اجتمعت أواخر الأسبوع الماضي في السعودية للخروج بوفد موحد يمثلها، ولكن دون جدوى.