فلاش

الطفل عمران .. يعود من جديد إلى “ البازار “

ظهر الطفل السوري الشهير عمران دقنيش على شاشة التلفزيون السوري الرسمي وعدة قنوات أخرى، وهو الذي اشتهر كأحد الأطفال السوريين الذين بيعت قصته في بازار أشبه بسوق نخاسة عالمي.

وكانت صورة الطفل عمران على كرسيه البرتقالي في سيارة الإسعاف تصدرت صحف ومواقع الكترونية في العالم أجمع، بعد أن وزع ناشطون تابعون لما يسمى بـ “الخوذ البيضاء” التابعة لتنظيم “جبهة النصرة” في حلب، مقطع فيديو يظهر به عمران قالوا أنه جاء بعد قصف روسي لمدينة حلب.

صورة عمران التي بدا فيها غير مدرك لما يحصل من حوله على كرسي برتقالي وهو مغطى بالغبار ويسيل الدم من رأسه، تم تداولها على أعلى المستويات، وتحولت لتصبح أشبه بأيقونة “ثورية” أطاحت بكل الأيقونات الأخرى التي لم تعد تؤت أكلها في سوق النخاسة الإعلامي.

ويعود اليوم الطفل السوري لتتصدر صوره وسائل الإعلام، المحلية والإقليمية فقط، ليفتح بازار من نوع آخر، وإن كان فتح هذا البازار قد يفيد في توضيح ما حصل مع ابن الأربعة أعوام.

وكشف والد الطفل عمران أنه تأذى كثيرا من المسلحين بسبب قضية ابنه، وحصل على عروض مالية ضخمة ليقول إن ما حصل مع عائلته كان ناتجاً عن غارات للطائرات السورية والروسية، وذلك بحسب عدة وسائل إعلام التقته.

وأضاف الأب، محمد خير دقنيش، “الجميع نسي طفولة عمران وشقيقه الشهيد علي”، موضحا “الحقيقة أننا لم نسمع أصوات طائرات حربية ولا صواريخ جوية استهدفت منزلنا، لم نعلم كيف حدث ذلك”.

وأكمل الأب، الذي مازال يسكن مع ابنه في مدينة حلب، “أخرجت عائلتي من بين الركام، عمران كان معي، أخذوه أثناء التصوير أصحاب “الخوذ البيضاء”، إبنتي أصيبت أيضاً، جميعنا أصبنا بجروح طفيفة، إلا ولدي علي كانت إصابته بالغة ثم استشهد على اثرها بثلاثة أيام”.

وأكد الأب أن “أحدا لم يقل إن الدماء التي كانت على وجه عمران هي دماء والده، ولم يذكر أحد أن شقيقة عمران، أروى، ضربت أحد الصحفيين لتمنعه من تصويرها”، مشيرا إلى أنه رفض سابقا أي لقاء مع صحقيين أو ناشطين “معارضين”.

وأضاف الأب أن “ناشطين عدة اتهموني بأني أعيق توثيق “جرائم” الجيش السوري ومنهم محمود رسلان إعلامي من تنظيم “حركة نور الدين الزنكي”، وهو الذي صوّر عمران والذي لا يزال يظهر وكأنه مسؤول عن ابني، بالرغم أنه متواجد في ادلب”.

حقائق كثيرة كشفها الأب، الذي خرج مع الطفل عمران وبيده علم الجمهورية العربية السورية، منها محاولة صحفيين تابعين لـ “جبهة النصرة” الضغط على الوالد بالقول أن “المسلمين في العالم يعتمدون على عمران وصوره”، كما حاول “الائتلاف المعارض” إغرائه بالسفر والسكن في تركيا.

وكانت إحدى شركات الاتصالات السعودية، استخدمت صورا الطفل عمران في إعلان لها روجت له في بداية رمضان، عن محافحة الارهاب والتطرف، شكل ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي.

على أن اللافت والصادم في الموضوع هو ردة فعل الطرف “المعارض” الذي خون الأب والطفل أيضا، وجولة واحدة على المواقع وصفحات التواصل الاجتماعي “المعارضة” حيث أكالوا الاتهامات بـ “التشبيح” والندم لما قالوا أنه إنقاذ للعائلة، جولة كفيلة بأن تبين أن الاصطفاف السياسي أهم من الانسانية والطفولة، اللتان أصبحتا عملة وليس غاية بحد ذاتهما.

يذكر أن صور الطفل السوري عمران كانت تصدرت صفحات الصحف والمواقع الالكترونية العالمية، أيام تحرير حلب، وبالتحديد في 18 آب من العام الماضي، حتى أن مذيعة إحدى القنوات الأمريكية بكت على الهواء من هول الصورة، التي بالفعل تعد إحدى أكثر الصور إثارة للرعب والاشمئزاز طوال الحرب السورية.

وعلى ما يبدو أن أطفال سوريا سيبقون بيئة خصبة لكل من يريد أن يتاجر لسبب سياسي أو اقتصادي أو ديني أو أيا يكن، جوائز عالمية حققها مصورون بعد التقاطهم صورا توثق معاناة أطفال بلادنا.

ولكن يبدو عمران الصغير أكثر حظا من سابقيه، ببقائه على قيد الحياة أولا، وهو ما يثلج القلب قليلا، وإمكانية الاستفادة من وضعه الحالي كعينة لتكذيب بقية القصص، عل أصحاب الحرب يخرجون الأطفال السوريين من بازار قذاراتهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى