طفل الأنبوب رحلة أمل وألم للحالمين بالأبوة والأمومة.. واختصاصي يوضّح
يسعى الكثير من الأزواج لتحقيق حلم الأمومة والأبوة، وتُعدّ تجربة طفل الأنبوب واحدة من الحلول التي يلجأ إليها الأزواج الذين يواجهون صعوبات في الإنجاب، ومع تزايد الشغف بهذا الخيار، تبرز العديد من المعاناة والتحديات التي يواجهها الأهالي بين مشاعر الفرح بعد انتظار طويل وألم بعد الفشل.
وقال “محمد” الملقب بأبو مصطفى (50 عاماً)، إنه “بعد فحوص كثيرة وانتظار طويل، قررنا أنا وزوجتي اللجوء لطبيب لإجراء طفل أنبوب بسبب قلة عدد الحيوانات المنوية لدي”.
وتابع “محمد” الموظف الحكومي، إن “تكلفة العملية في عام 2014 وصلت إلى 3 ملايين ليرة، اضطررت خلالها لبيع سطح منزلي لإجراء العملية”.
وأكمل “محمد”، إنه “جلست زوجتي بعد إجراء الزرع مدة شهرين في المنزل دون حراك واتباع جميع تعليمات الطبيب، وعند مراجعة الطبيب، أخبرنا بفشل العملية، ويجب علينا إعادتها لكن السطح كان كل ما أملك لسداد تكلفة العملية”.
وأضاف “محمد”، إن “دخلت زوجتي بحالة نفسية صعبة، وكادت تصل لمرحلة الاكتئاب، ولا تحب أن تتذكّر محاولة الحمل أبداً رغم أنها المحاولة الوحيدة بسبب عدم امتلاكي لتكاليفها”.
وحول مشاعر الأمل عند زرع طفل الأنبوب، قال “محمد”، إنه “حلمت بالطفل يومياً، وزرعت العملية فينا الأمل بأن نرزق بطفل بعد معاناة سنين، وعند فشلها، شعرت كأنني فقدت طفلاً ولد للتو”.
وبدورها قالت “رنا” (37 عاماً)، لتلفزيون الخبر، إنه “بعد أربع محاولات أجريناها لطفل الأنبوب، نجحت المحاولة الخامسة بإنجابي توأم صبي وفتاة”.
وأوضحت المحامية “رنا”، إنه “انتظرت لمدة خمس سنوات لم أنجح خلالها بالحمل بسبب مشكلة لدى زوجي، فلم يبقى أمامنا إلّا خيار طفل الأنبوب، رغم رفض أهلي وأهل زوجي للموضوع لأسباب عدة”.
وبيّنت “رنا”، إنه “لجأنا لطبيب معروف بنجاحه في هذه العمليات، ورغم التكلفة الكبيرة التي وصلت لعشرات الملايين، قمنا في أول محاولة لطفل الأنبوب، لكنها باءت بالفشل بعد شهر، ورغم مشاعر الإحباط إلّا أنها لم تمنعنا من تكرار التجربة مرة أخرى”.
وأشارت “رنا” أن “مشاعر الأمومة تبدأ منذ لحظة التأكّد من وجود جنين يتكوّن بداخلي، وعند فقدان الجنين في المحاولات الفاشلة تنتابني نوبة بكاء وحزن كبيرين، لكن كنت دائماً أتغلّب عليها بالحب لإنجاب طفل مهما كلّفَ الثمن”.
ولفتت “رنا” إلى إنه “رغم نسب النجاح عند كل محاولة إلّا أن فشل الحمل كان يعود لأسباب متعددة، أو ربما للنصيب وفق رأيي الشخصي، فالعناية كانت واحدة في جميع المحاولات حتّى نجحت المحاولة الخامسة، ورزقنا بتوأم جميلين، يعنون لنا الحياة كلّها”.
من جهته، قال “نور” (45 عاماً) بعد عدم قدرة زوجته على الحديث عن الموضوع لتلفزيون الخبر، إنه “أجرينا ثلاث محاولات لطفل الأنبوب، ولم تنجح أي محاولة فيها، ثم قررنا في النهاية عدم التكرار والاقتناع بالقدر”.
وأكمل “نور” الموظف الحكومي، إنه “عندما كان الطبيب يخبرنا بفشل المحاولة، أشعر بكأنني فقدت قطعة من جسدي، وكانت زوجتي تدخل باكتئاب يدوم لأسابيع”.
وزاد “نور”، إنه “وصلنا لمرحلة لم نستطع بعدها تحمّل الآم الفشل وفقدان الجنين، لذلك قررنا أن نعيش بدون طفل، ومضى على آخر محاولة أكثر من 5 سنوات، وحياتنا مستقرة وجيدة رغم ضغط المجتمع للزواج مرة أُخرى ظناً بأن المشكلة من الزوجة”.
وأضاف “نور”، إنه “غالباً يرغب الأقارب بقدوم طفل، لكنهم لا يدركون المشاعر التي تنتابنا عند فقدان الجنين بعد محاولة إجراء طفل الأنبوب، ورغم الرغبة والحب لوجود طفل إلّا أن حياتنا الآن جيدة بوجود أطفال أخوتي وأخوات زوجتي”.
وحول عوامل فرص النجاح، قال اختصاصي أمراض النساء وجراحتها، الطبيب عمرو شحنة، لتلفزيون الخبر، إن “أهم 10 عوامل تزيد فرص نجاح طفل الأنبوب، هي عمر السيدة وهو العامل الأهم، فكلما كان عمر السيدة أقل من 40 عاماً زادت نسب الاستجابة لمنشطات الإباضة وإنتاج البيوض وفرص النجاح”.
وتابع “شحنة” حول عوامل فرص النجاح، إن “نوعية الحيوان المنوي (العامل الذكري)، فكلما كان عدد النطاف وحركتها وأشكالها الطبيعية أكبر كانت النتيجة أفضل”.
وأضاف “شحنة”، إن “جودة الإباضة ومخزون الإباضة الجيد، بالإضافة لجودة بطانة الرحم، فبطانة الرحم التي تقيس 10-12 ملم أثناء إرجاع الأجنة لديها فرص تعشيش أعلى”.
وعرّف “شحنة” إرجاع الأجنة، بأنها “مرحلة من مراحل طفل الأنبوب، يتم فيها إرجاع الأجنة بعد وضعها بالحاضنات وبمرحلة متقدمة من الانقسامات نقوم بإرجاعها لرحم الأم، لتبدأ مرحلة الانغراس”.
ويضاف للعوامل “تشوهات الرحم وتشطيب جدار الأجنة بالليزر أيضاً يزيد فرص التعشيش والنجاح، وجودة المخبر والمركز والطبيب ذو الخبرة الجيدة من عوامل النجاح المهمة كما هو معلوم”، وفقاً لـ”شحنة”.
وتُعدّ الحالة النفسية للزوجين والابتعاد عن الضغوطات النفسية والعصبية وضغط الوسط المحيط من العوامل التي تساعد على ازدياد فرص النجاح، بالإضافة للحياة الصحية وتشمل التغذية الصحية وعدم زيادة الوزن (البدانة) وممارسة الرياضة والعامل العاشر هو إيقاف التدخين، بحسب الدكتور “شحنة”.
وحول العوامل التي تزيد فرص فشل طفل الأنبوب، أوضح “شحنة” لتلفزيون الخبر، إن “هذه العوامل هي تقدم عمر الزوجة، وضعف الإباضة وانخفاض مخزونها، ومشكلات بطانة الرحم التي تسبب فشل تعشيش الجنين، والتشوهات الرحمية”.
وزاد “شحنة” حول عوامل الفشل، إن “الاندومتريوز الشديد (بطانة الرحم الهاجرة وهو ما يسمى الأكياس الشوكولانية)، وتدني جودة الجنين، ومشكلات أثناء إرجاع الأجنة، ونمط حياه غير صحي كالبدانة والتدخين”.
وتوجد بعض المعتقدات الخاطئة حول طفل الأنبوب، أشار إليها الدكتور “شحنة”، وهي “الراحة بعد إرجاع الأجنة هي راحة طبيعية تختلف من سيده لسيدة وحسب الحالة، ولكن لا يطلب عدم الحركة بشكلٍ تام أو الاستلقاء بشكلٍ تام إلّا ببعض الحالات المرضية”.
وأضاف “شحنه”، إن “العلاقة الزوجية غير ممنوعة، كما الأدوية الهرمونية المستخدمة بتنشيط المبيضين أثناء إجراء طفل الأنبوب لا تسبب انقطاع الدورة المبكر (سن الحكمة المبكر)، ولم تثبت الدراسات زيادة ملحوظة بحدوث سرطانات الرحم والثدي للأم التي أجرت سابقاً طفل الأنبوب”.
وتابع “شحنة”، إنه “ولا يزيد طفل الأنبوب تشوهات الأطفال مستقبلاً أو حدوث أمراض معينة ولكن على العكس يمكن إجراء دراسة وراثية عند وجود أمراض وراثية عائلية معينة”.
و “يتميّز أطفال الأنابيب بمعدل ذكاء طبيعي بل أثبتت إحدى الدراسات بارتفاع مستوى الذكاء لديهم، ولكن ربطت الدراسة ذلك باحتمال زياده اهتمام الأهل بالطفل”، وفق الطبيب “شحنة”، مضيفاً للمعتقدات: “ولا يمنع السفر براً أو بحراً أو جواً بعد إرجاع الأجنة بوقتٍ قصير”.
وحول أخلاقيات العمل المتبعة لدى الأطباء والمستشفيات، قال “شحنة”، إن “الحفاظ على سرية الحالة وخصوصية الزوجين، والصدق بالتعامل مع الحالة، والاستماع الحسن وتفهم معاناة الزوجين، وعدم التفرقة بين المرضى حسب الوضع المادي أو العلمي أو رؤية الطبيب لنسب النجاح”.
وزاد “شحنة” حول الأخلاقيات: “الحرص على إجراء التحاليل اللازمة والتي تخدم الحالة، والصراحة وإخبار الزوجين بنسب النجاح، وتأمين المركز والمختبر الجيدين، ووجود المخبري والطبيب ذو الخبرة الجيدة”.
ووفقاً لمواقع طبية، تعتبر الفحوصات المبكرة الخطوة الأهم في علاج العقم عند الشريكين فهي تحدد الطرف الذي يُعاني منه، ويتم عادةً تقييم حالة العقم عند الرجل من خلال فحص السائل المنوي أو المرأة من خلال تقييم الخصوبة لديها.
وتوصّل العلم إلى علاجات عديدة للعقم، أبرزها ما يسمّى “طفل الأنبوب” التي تعتبر ثورة طبية في معالجة العقم، بالإضافة للرحم البديل، وتجميد البيوض والحيوانات المنوية، وغيرها.
بشار صارم – تلفزيون الخبر