العناوين الرئيسيةمجتمع

يحق “للنابور” مالا يحق لغيره .. من سرديات قطاف الزيتون السوري

برشاقة وخفةٍ رغم وزنه البالغ 85 كيلو غرام، وثبات وحرص وانتباه شديدين لمكان تموضع قدميه، يتنقل ياسر (55 عاماً) بين أغضان شجرة الزيتون لقطاف حباتها مهما كانت بعيدة المنال.

و”يكفي التعرض الدائم لأشعة الشمس”، بحسب ياسر، كي ينال الرجل المنحدر من قرية تنورين بريف حمص الغربي رتبة تعلو باقي الأفراد العاملين في الورشة العائلية المنتشرة تحت الشجرة.

يقول ياسر (حداد) لتلفزيون الخبر إن: “حقوق النابور في قطاف الزيتون متعددة، ويحق له ما لا يحق لغيره، وهو العنصر الأكثر أهمية، إذ يصل مسافات عالية خلال التسلق ويخاطر من أجل نبر الحبات وإسقاطها على المدات المفروشة تحت الزيتونة”.

وتابع ياسر أن “للنابور أيضاً الحق في توجيه وإدارة اللواقيط وتوزيعهم دون اعتراض أو امتعاض منهم، إذ تكون زاوية الرؤية أفضل من الأعلى، ناهيك عن خطر السقوط، عكس المنبطحين على الأرض”، حسب تعبيره.

و”النابور أيضاً هو الآمر في تحديد موعد الإستراحة وتناول الطعام وشرب المتة”، يردف ياسر، فالوقوف لساعات طويلة والتنقل بين الأغصان يمنحه هذه السلطة دون أي منافسة من باقي الأفراد.

وأردف ياسر ضاحكاً “كما يحق لي الغناء بأعلى صوتي حتى وإن كان النشاز غالباً على الأغاني والمواويل والعتابا، بالإضافة إلى تحديد موجة الراديو التي أريدها إن فضلوا ذلك على سماع صوتي”.

 

ويحق للنابور بحسب الرجل الذي ينتظر موسم الزيتون بفارغ الصبر أن “يعين مساعداً له”، حيث يمكن ترفيع اللاقوط إلى رتبة نابور حسب الحاجة ومتطلبات العمل، لكنه إجراء نادر الحدوث ويتطلب الكثير من الجد والعمل.

 

ولا تنتهي مهام النابور في الأرض، بل تستمر عند الذهاب إلى المعصرة، إذ يرتب الأكياس الممتلئة بالزيتون في “تريلّا التراكتور” ويعيد تنزيلها بعد الوصول، مع أحقية الجلوس على الرفراف بجانب السائق، حسب تعبيره.

 

وبعيداً عن مهام العمل، يؤكد ياسر أن اجتماع العائلة على الفطور من أكثر الطقوس جمالية خلال العمل، مع تناول أصناف المونة الشهيرة كالشنكليش والمكدوس، مضاف إليها شاي منكّهة بطعم الشحوار ودخان الحطب.

 

وتتشابه معظم المحافظات السورية بالالقاب المستخدمة في السلم الوظيفي للعاملين في قطاف الزيتون، والتي تتركز على ثلاثة عناصر رئيسية هي اللاقوط والنابور والعافور، الذي يذهب إلى الحقول لجمع حبيبات الزيتون المنسية بعد انتهاء الموسم، وببيعها أو عصرها للاستفادة منها على شكل زيت.

عمار ابراهيم- تلفزيون الخبر

مواد متعلقه

زيت “الخريج” موروثٌ شعبي أصيل في الساحل السوري يصر العلم على عدم صلاحيته للاستهلاك البشري

كميات إنتاج الزيتون في مناطق سيطرة الدولة السورية لهذا العام

زيتون سوريا النازف في إدلب وعفرين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى