العناوين الرئيسيةفلسطين

46 عاماً على اتفاقية “كامب ديفيد”.. اخترقها الاحتلال بعد “الطوفان” وسط صمت مصري

رجحت الكثير من التحليلات الصادرة عن جهات مصرية وغربية أن الرئيس المصري الأسبق أنور السادات دخل إلى جانب سوريا في حرب 1973 بهدف تحريك موقع مصر التفاوضي مع الاحتلال وليس بهدف تحرير الأراضي المحتلة.

 

وظهر ذلك في توقف الجيش المصري بأوامر من “السادات” بعد أيام قليلة من اندلاع حرب تشرين وفتح قنوات تواصل مع قادة الكيان للتفاوض وترك الجيش السوري وحيداً يقاتل جيش الاحتلال.

 

وعلى امتداد سنوات من التفاوض بعد حرب تشرين بين الجانبين المصري و”الإسرائيلي”، توصل الطرفان لتوقيع اتفاقية شقت صفف الموقف العربي وأضرت بالقضية الفلسطينية وفتحت الطريق أمام دخول الاحتلال للعمق العربي “كامب ديفيد”.

 

خلفيات

 

كانت اتفاقات “كامب ديفيد” نتيجة 14 شهراً من الجهود الدبلوماسية بين مصر وكيان الاحتلال وأمريكا بدأت بعد تولي الرئيس جيمي كارتر الحكم في واشنطن.

 

وركزت الجهود في البداية على حل شامل للنزاعات بين كيان الاحتلال والدول العربية في ما يعرف بـ “مسار محادثات جنيف” وتطورت تدريجياً إلى البحث عن اتفاق ثنائي بين الكيان ومصر.

 

وشعر “السادات” بحسب المعلومات المتداولة أن مساعي “كارتر” ومسار جنيف لم يتجاوزا حدود العمل الإعلامي فقرر اتخاذ خطوة زيارة عاصمة كيان الاحتلال “تل أبيب” بحجة إبداء حسن النوايا وتحريك عملية “السلام”.

 

وأعلن في 9 تشرين الثاني 1977 أمام مجلس الشعب المصري رغبته بزيارة القدس ومخاطبة “الكنيست” وعبر وسيط أمريكي وجه الكيان دعوة للرئيس المصري لإلقاء خطبة أمام أعضاء “الكنيست”.

 

وفي 19 تشرين الثاني 1977 وصل “السادات” إلى القدس في أول زيارة لزعيم عربي للكيان واستمرت 3 أيام ألقى خلالها كلمة أمام “الكنيست” قال فيها: “بكل إخلاص، أقول لكم، نرحب بكم بيننا، بأمن وأمان كاملين”.

 

وبعد الزيارة استمرت المفاوضات بين الطرفين بوساطة أمريكية في عدة أماكن وسط حالة رفض عربي كامل لتصرف “السادات” إلا أن اجتمعت الأطراف جميعها في 5 أيلول 1978 بمنتجع “كامب ديفيد” بولاية ماريلاند الأمريكية.

 

الاتفاقية

 

على مدار 12 يوم من التفاوض خلصت جميع الأطراف إلى توقيع أول معاهدة سلام بين دولة عربية وكيان الاحتلال في 17 أيلول 1978.

 

ومثل مصر في المعاهدة الرئيس “السادات” وعن الجانب “الإسرائيلي” رئيس الحكومة “مناحيم بيغن” وبحضور الرئيس الأمريكي “كارتر” حيث وقع الأطراف الثلاثة على الاتفاقية التي باتت تعرف باتفاقية “كامب ديفيد”.

 

وتعد المعاهدة أول خرق للموقف العربي الرافض للتعامل مع الكيان، والتي تعهد بموجبها الطرفان الموقعان بإنهاء حالة الحرب وإقامة علاقات ودية بينهما تمهيدا لتسوية، كما انسحب الكيان من سيناء التي احتلها عام 1967.

 

النص

 

ورد في بنود الاتفاقية “يتعهد كل طرف بأن يكفل عدم صدور فعل من أفعال الحرب أو الأفعال العدوانية أو أفعال العنف أو التهديد بها من داخل أراضيه أو بواسطة قوات خاضعة لسيطرته أو مرابطة على أراضيه ضد السكان أو المواطنين أو الممتلكات الخاصة بالطرف الآخر”.

 

وتابعت “يتعهد كل طرف بالامتناع عن التنظيم أو التحريض أو الإثارة أو المساعدة أو الاشتراك في فعل من أفعال الحرب العدوانية أو النشاط الهدام أو أفعال العنف الموجهة ضد الطرف الآخر في أي مكان، كما يتعهد بأن يكفل تقديم مرتكبي مثل هذه الأفعال للمحاكمة”.

 

وشملت على “تمتع السفن “الإسرائيلية” والشحنات المتجهة من “إسرائيل” وإليها بحق المرور الحر في قناة السويس ومداخلها في كل من خليج السويس والبحر الأبيض المتوسط وفقا لأحكام اتفاقية القسطنطينية لعام 1888 المنطبقة على جميع الدول”.

 

وأكملت الاتفاقية أنه “يعامل رعايا “إسرائيل” وسفنها وشحناتها وكذلك الأشخاص والسفن والشحنات المتجهة من “إسرائيل” وإليها معاملة لا تتسم بالتمييز في كافة الشؤون المتعلقة باستخدام القناة”.

 

وتعهد الطرفان في المعاهدة على “الامتناع عن التهديد باستخدام القوة أو استخدامها أحدهما ضد الآخر على نحو مباشر أو غير مباشر، وبحل كافة المنازعات التي تنشأ بينهما بالوسائل السلمية”.

 

تنازلات أمنية مصرية

 

أثارت المعاهدة جدلاً كبيراً بعد كشف كامل بنودها وشكلت البنود الخاصة بخفض الوجود العسكري للجيش المصري في سيناء والذي يعني غياب السيادة الكاملة للدولة المصرية على جزء من أراضيها أكثر البنود إثارة للجدل.

 

وحددت المعاهدة مناطق منخفضة القوات والتسليح في سيناء والنقب كما شملت بعض الترتيبات والتنازلات الأمنية والعسكرية المصرية في سيناء تجرّد ثلثي سيناء من القوات والسلاح إلا بإذن “إسرائيل” وفقاً للملحق الأمني من المعاهدة إضافة للتحديدات تخص نشاط الطيران.

 

ردود الفعل العربية

 

صادقت القاهرة و”تل أبيب” على المعاهدة في 26 أذار 1979 وبعدها بخمسة أيام في 31 آذار، اجتمع القادة العرب في بغداد بغياب مصر وقرروا طردها من جامعة الدول العربية ونتيجة لذلك نقلت أمانة الجامعة من مقرها في القاهرة إلى تونس العاصمة.

 

وعمت المظاهرات الرافضة لـ “كامب ديفيد” جميع الدول العربية خصوصاً ما كان يعرف بدول “جبهة الصمود” المؤلفة من سوريا والعراق وليبيا والجزائر، كما انتشرت المظاهرات الرافضة في شوارع مصر وأدت لصدامات مع قوى الشرطة والجيش.

 

وتم منح الرئيس المصري أنور السادات ورئيس حكومة الكيان “مناحيم بيغن” جائزة نوبل للسلام مناصفة بينهما تقديراً لتوقيعهما اتفاق “كامب ديفيد”.

 

مصر اليوم

 

رغم مرور عقود على التطبيع الرسمي بين القاهرة و”تل أبيب” إلا أن الشعب المصري ما زال يرفض أي تقارب مع الاحتلال ويُعتبر التطبيع مُجَرماً من قبل النقابات المصرية.

 

ورفض الشعب المصري للاتفاقية منع الكيان من التغلغل ضمن الأوساط الشعبية وأكدت مراكز الدراسات الصهيونية أن تصلب المصريين كشف فشل الكيان بإقامة علاقات دافئة مع القاهرة.

 

ولم تستطع مصر رغم “التطبيع” تحقيق أي ازدهار اقتصادي، حيث حملت الاتفاقية الفقر للشعب المصري وجعلته أسير المعونات الغربية والعربية سيما الأمريكية منها، وعزلت القاهرة عن موقعها المقا*وم.

 

ونفذ جندي مصري اسمه “محمد صلاح” مطلع حزيران 2023 عملية بطولية عند معبر “العوجا-نيتسانا” على الحدود الفلسطينية المصرية وأسفر عن قتل 3 جنود “إسرائيليين” وجرح إثنين آخرين.

 

وتعاملت الحكومة المصرية مع العملية بتعتيم كبير خلال أولى ساعات العملية ما اعتبره الناشطون تخوف من زعزعة اتفاقية السلام مع العدو الموقعة.

 

الاتفاقية بعد “الطوفان”

 

انتهك الكيان منذ بداية العدوان على غزة اتفاقية السلام التي وقعها مع القاهرة من خلال احتلاله لمعبر “فيلادلفيا” الحدودي بين فلسطين المحتلة ومصر، الأمر الذي يخالف بنود “كامب ديفيد” ويعتبر خرقاً لها ويعتدي على سيادة وأمن القاهرة، دون أي ردة فعل من الدولة المصرية.

 

وتحولت موانئ بحرية مصرية، بحسب موقع “عربي بوست” إلى محطات رئيسية للعديد من سفن الشحن التي تنقل الحمولات المهمة بشكل دوري من وإلى الاحتلال “الإسرائيلي” خلال فترة الحرب على غزة، مع عدم وصول أي سفن تابعة لأي دولة عربية أخرى إلى الاحتلال في نفس الفترة.

 

يذكر أن اتفاقية “كامب ديفيد” شرعت وجود كيان الاحتلال على الأراضي الفلسطينية والسورية واللبنانية المحتلة، وفتحت له باباً ضمن العمق العربي بعد إزاحة أحد أهم أطراف النضال ضده مصر، لتبقى سوريا وحلفاءها حتى اليوم تقاتل باسم الأمة العربية لتحرير الأرض المحتلة.

 

يشار إلى أن الرئيس “السادات” اغتيل في احتفالات حرب تشرين يوم 6 تشرين 1981 على يد أحد المحسوبين على التيار الإسلامي وذلك رفضاً لتوقيعه الاتفاقية إضافة لتردي واقع المصريين الاقتصادي بعد “كامب ديفيد”.

تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى