العناوين الرئيسيةموجوعين

منتخبنا يلعب في الهند .. حكاية الحلم السوري الذي قتلوه مرات ومرات على مدى ٧ سنوات

الجميع كان ينتظر الساعة السادسة مساءً والأعين تتجه نحو ملعب “ٱزادي” في طهران لمتابعة المباراة المصيرية لمنتخب سوريا مع المنتخب الإيراني.

 

حسم منتخب إيران موضوع التأهل لمونديال 2018 باكراً كمتصدر للمجموعة دون أي خسارة ودون أن تتلقى شباكه أي هدف بينما منتخبنا كان يلعب على فرصتي الفوز للتأهل المباشر أو عبر التعادل للوصول للملحق الٱسيوي.

 

كانت مباراة مشتعلة على صعيد الجماهير واللاعبين بدأت بهدف لصالح منتخبنا في الدقيقة 13 عبر تامر الحاج محمد ليأتي التعادل ثم التقدم الإيراني عبر سردار ٱزمون الذي مد لسانه في وجوهنا شامتاً في الدقيقتين 45 و64.

 

وفي عز اشتداد الأعصاب وبينما كانت نداءات الجماهير السورية تنطلق من ساحات البلد ليصل صداها إلى إيران جاء هدف التعادل السوري بأقدام عمر السومة في الدقيقة 93 ليحفظ لسوريا فرصتها في التأهل للمونديال من بوابة المُلحق.

 

نعمة أم نقمة

أخذت مباراة سوريا وإيران بُعداً تخطى حدود المستطيل الأخضر حيث تحولت قبيل انطلاقتها وبعد صافرة النهاية لحلم بلد بأكمله مل الحرب وويلاتها واتفق لمدة 90 دقيقة أن يقف خلف المنتخب بعيداً عن متاهات السياسة والحرب حتى أنه كان هناك وقف اطلاق نار تام على الأراضي السورية خلال المباراة.

 

واستمرت حالة الدعم الجماهيري من مختلف المشارب السورية حتى الملحق الٱسيوي ورغم الهزيمة أمام أستراليا إلا أن الجماهير رأت أننا للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب على البلاد نتفق كسوريين على مفهوم مشترك يقرب ويوحد لا يُبعد ويشرذم عدا عن الٱمل بامتلاك منتخب قوي لقادمات الأيام.

 

لكن حسابات الحقل لم تطابق حسابات البيدر وتحول هذا المنتخب بما شكله من أمل على الصعيد الرياضي والوطني إلى نقمة ستلحق بالكرة السورية حتى تاريخه.

 

سلسلة من الكوارث

بعد نهاية “فورة” تصفيات مونديال 2018 طمع الجمهور السوري بتحقيق إنجاز في كأس ٱسيا 2019 خصوصاً بعد امتلاك منتخب قوي في التصفيات قارع كبار القارة مُدعم بنجوم شباب وخبرة من الأفضل في ٱسيا إضافة لوجود مدرب أجنبي مخضرم على دكة المنتخب.

 

وبدأت الجماهير برفع سقف التوقعات فيما يخص الكأس الٱسيوية وأكد ذلك تصريحات اللاعبين منهم عمر السومة الذي توقع وصول المنتخب لنصف نهائي البطولة بسهوله.

 

لكن الأمل دون عمل نهايته حكماً تكون حصاد الخيبة حيث خرج منتخبنا من الدور الأول للبطولة متذيلاً للمجموعة بعد نتائج كارثية.

 

وظهر بعد البطولة سلسلة من الفضائح تتعلق بالتخبط الإداري للمنتخب والاتحاد عدا عن مشاكل بين اللاعبين حول شارة الكابتن وغيرها من الفضائح الأُخرى (الضمة على الألف).

 

وكما العادة بعد كُل خيبة للمنتخب يتم إقالة المدرب وتغيير الاتحاد وبث الشائعات حول بداية عصر جديد ومرحلة جديدة علينا جميعاً انتظار حصد نتائجها.

 

وكان أول استحقاق جدي يواجه الكرة السورية بعد فضيحة كأس ٱسيا 2019 هو بطولة العرب 2021 حيث تم تشكيل منتخب من الشباب والمحليين مدعوم بمدرب له تاريخ جميل مع الكرة السورية وهو الصربي تيتا.

 

وعادت المشاكل ذاتها بعد أول مباراتين للمنتخب في البطولة حيث خسر من الإمارات بأداء محترم وحقق انتصار تاريخي على تونس بهدفين دون رد لتعود ٱمال الجماهير السورية بالارتفاع خصوصاً وأن المنتخب الأخير في المجموعة هو موريتانيا التي يكفي تحقيق نقطة وحيدة منها لضمان التأهل للدور الثاني.

 

ولكون المنتخب الموريتاني متواضع كروياً بدأت الجماهير السورية ومن خلفها القائمين على الكرة التفكير بالمنتخب الذي سنواجه في الدور الثاني للبطولة لكن حدث ما هو متوقع خسارة بهدفين لهدف وخروج تقليدي صادم بشكله من البطولة.

 

ولأن الأمل هو “أفيون الخيبة” كما يقال، عاد الجمهور الكروي المحلي للوقوع بذات الحفرة حيث تم تغيير المدرب وتقديم الوعود بتحقيق إنجاز يرضي السوريين في تصفيات مونديال 2022.

 

ولكن هذه المرة لم يُشكل خروجنا من الدور الأول للتصفيات المونديالية أي صدمة للجماهير لكونه حفظ دورة حياة كرتنا عن ظهر قلب، هزيمة فوعود بالنصر فتجييش إعلامي فتغيير مدربين فوعود بمحاسبة اللاعبين المستهترين وحل مشاكل الاتحاد فهزيمة جديدة وخروج جديد أمام ضعاف القوم وكبارهم.

 

وتعاقب خلال هذه الكوارث اتحادات لقيادة الكرة السورية إضافة لضرب أرقام قياسية في عدد المدربين الذين تولوا دكة المنتخب علاوة على تكرار مشاكل تغيب اللاعبين وخلافاتهم فيما بينهم.

 

الضربة القاتلة

في 2 شباط 2023 أعلن الاتحاد السوري لكرة القدم عن تعيين الأرجنتيني هيكتور كوبر مدرباً لمنتخب الرجال ليعود الأمل للجمهور السوري نظراً للسيرة الذاتية الممتازة التي يتمتع بها المدرب الأرجنتيني في التدريب والصرامة ورفض المحسوبيات.

 

واستطاع “كوبر” أول الأمر تقديم كرة ممتازة مع المنتخب قياساً بما كان عليه الوضع مع أسلافه من المدربين عدا عن تطعيم المنتخب بلاعبين مغتربين بهدف تحقيق الإضافة الفنية في ظل تراجع جودة اللاعب المحلي يضاف إلى ذلك ضبط غرفة الملابس.

 

وحقق “كوبر” نتائج مقبولة في ذهاب الدور الثاني من تصفيات مونديال 2026 تبع ذلك تحقيقه انجاز التأهل للدور الثاني من كأس ٱسيا الأخير وخروجه المشرف أمام المنتخب الإيراني.

 

وبعد انجاز ٱسيا تأملت الجماهير السورية خيراً بالمنتخب خصوصاً مع تبقي مباريات شبه محسومة في إياب التصفيات المونديالية ما يعني ضمان التأهل للدور الثالث من التصفيات والتفكير بالوصول لكأس العالم مع وجود خيارات كبيرة للتأهل أنتجتها الصيغة الجديدة للتصفيات.

 

وبدأت الشكوك تتسرب إلى الجمهور السوري مع عودة الحديث عن خلافات بين اللاعبين أنفسهم واللاعبين والمدرب وتخبط الاتحاد وفشله في ضبط إيقاع المنتخب.

 

وشكل التعادل الصعب مع منتخب ميانمار ضربة كبيرة هزت الكرة السورية عموماً لكن الأمل كان معقوداً على الفوز في مباراة كوريا الشمالية (شبه محسوم الأمر) وضمان التأهل للدور الثالث دون الاحتكام لنتيجة مباراتنا مع اليابان.

 

ماذا حصل؟ خسرنا من كوريا الشمالية بهدف دون رد ثم خسارة بخماسية نظيفة أمام اليابان تبعها استقالة “كوبر” والفشل في تقديم دعوى أمام “الفيفا” تدين ممارسات كوريا الشمالية مع منتخبنا لجهة رفض اللعب على أرضه ونقل المباراة الأمر الذي حصل مع اليابان واستطاعت معاقبة الكوريين وحرمانهم من نقاط المباراة.

 

وانتظر الجمهور السوري أياماً وأيام بعد المباراة على أمل ظهور أي تعليق من إدارة الاتحاد سواء بالاستقالة أو تبرير الكارثة لكن دون أي ردة فعل حيث استمر الاتحاد في عمله مترفعاً عن التبرير ومتعالياً على الجمهور وعين مدرب جديد قبل أيام وقدم وعود جديدة.

ماذا عن اليوم؟

تنطلق الخميس مباريات الدور الثالث من التصفيات الٱسيوية لمونديال 2026 وسط غياب منتخبنا الصادم عنها وحرقة الجماهير السورية وهي تنتظر مشاركة منتخبنا في بطولة الهند الودية.

 

بينما منتخبات تمر بظروف سياسية وكروية مشابهة لسوريا مثل العراق وفلسطين والكويت وعُمان وكوريا الشمالية وقرغيزستان تشارك بالتصفيات.

 

ويقف الجمهور السوري اليوم حائراً هل يتوقف عن تشجيع منتخب بلاده الذي كان قبل 7 سنوات مُلهماً للأمل والوحدة أم يتوجه لتشجيع المنتخبات العربية التي يراها تحقق انجازات تُشعره بالفرح وكأنها منتخبات بلاده.

 

أو يبكي حظه العاثر مع اتحادات كروية متعاقبة لا تجيد من الإدارة سوى المشاركة ببعثات السفر وينتحب على لاعبين ظنوا أنفسهم أكبر من المنتخب فتخلوا عنه وساهموا في خرابه.. للأسف لا جواب سوى “أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض” في مباراة “ٱزادي”.

جعفر مشهدية-تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى