العناوين الرئيسيةمحليات

قنديل البحر “الرحّال” يصل شواطئنا خلال الأسبوعين القادمين.. مخاطره وكيفية التعامل معه ومواجهته

غزت أعداد كبيرة من قناديل البحر “الرحّالة” شواطئ شرق المتوسط، وتمّ توثيقها في خليج “جونية” قبالة شواطئ لبنان، وسط تأكيدات حول وصولها إلى الشواطئ السورية خلال الأسبوعين القادمين، الأمر الذي أثار تساؤلات كثيرة حول ماهية هذه القناديل؟ التحذيرات والمخاطر حولها.. وكيفيّة التعامل معها؟.

 

ما هو القنديل الرحّال؟

 

يقول اختصاصي البيولوجيا البحرية، الدكتور “سامر ماميش”، لتلفزيون الخبر، إن “ينتمي قنديل البحر الرحّال إلى شعبة اللاسعات، وهي حيوانات لافقارية، تشكّل جزءاً من العوالق الهلامية الضخمة، وتنتشر شبكة عصبية بدائية تشمل الجسم بأكمله، تساهم في تأمين تقلّصات الحيوان المنتظمة وردود فعل متناسقة”.

 

وصوله إلى شواطئنا حتمي

 

وأضاف الدكتور “ماميش”، أنه “تتعرّض شواطئنا سنوياً لهجمات من هذا النوع على شكل تجمعات كبيرة بدرجة غير مألوفة أواخر الشتاء وبداية الربيع منذ 2011 ليختفي اختفاءً كلياً حتى بداية شهري تموز وآب، ليعود للظهور والانتشار انتشاراً واسعاً على طول الساحل السوري، ثم يختفي كلياً مع نهاية الصيف، فوصوله إلى شواطئنا حتمي وموضوع وقت ليس إلّا”.

 

“الرحّال” أكثر قناديل المتوسط خطورة

 

يتابع اختصاصي “قناديل البحر”: “يُعدّ هذا النوع من أكبر قناديل البحر المتوسط وأكثرها خطورة وتأثيراً على الإنسان، لما تحتويه خلاياه اللاسعة من سموم وأنزيمات تسبب التأثيرات الجلدية والتنفسية التي تحدث بعد اللسع، مما أوجب وضعه ضمن قائمة أسوأ 100 نوع غازٍ في البحر المتوسط وأكثرها تأثيراً”.

 

وأشار البيولوجي إلى أن: “هذا النوع يتميّز بلون أبيض مائل للأزرق الثلجي، له مظلّة هلامية نصف كروية تقريباً، وتوجد له 8 أذرع فموية تلتحم في المنتصف، وتحمل في نهايتها خيوطاً طويلة ورفيعة، تكون الأذرع الفموية والخيوط مزودة بملايين الخلايا اللاسعة، ويتراوح وزن الفرد البالغ بين 1 و 10 كغ، وقد يصل إلى 40 كغ”.

 

وتابع الدكتور “ماميش”: “يُعدّ قنديل البحر الرحّال (روباليما نوماديكا) نوعاً مهاجراً من المحيط الهندي، وجديداً بالنسبة للبحر المتوسط، فربما هاجر من موطنه الأصلي في المحيط الهندي إلى البحر الأحمر ومنه إلى البحر المتوسط، مع مياه صابورة وهياكل السفن القادمة عبر قناة السويس”.

 

وأوضح البيولوجي، أن “ظهر هذا النوع لأول مرة في البحر المتوسط مقابل الساحل الفلسطيني عام 1977، ومن ثم الساحل اللبناني 1988، وجرت الإشارة إليه في المياه الساحلية السورية عام 1995، تزامناً مع تسجيل وجوده لأول مرة في تركيا، لينتشر بعدها في كامل الحوض الشرقي، وجزءً كبيراً من الحوض الغربي للمتوسط”.

 

عوامل الظهور المتزايد للقناديل

 

وعن الأسباب المحتملة للظهور الكثيف والمتزايد لأعداد قناديل البحر في البحر المتوسط، أجاب “ماميش”: “بسبب التغيّر المناخي نتيجة للنشاط البشري، والتلوّث، إذ أسهمت النشاطات البشرية في زيادة حمل الملوثات الحضرية والزراعية والصناعية، والتي تُرمى بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في الأنهار الساحلية، وتصب في النهاية في البحار والمحيطات”.

 

وتابع الاختصاصي: “بالإضافة إلى الصيد الجائر واستنزاف الثروة السمكية، واستغلال الشواطئ استغلالاً مكثفاً من قبل البشر، عن طريق بناء المرافئ، وإقامة الحواجز الاصطناعية، وكواسر الأمواج أمام المرافئ”.

 

وأردف الدكتور “ماميش”: “إضافةً إلى ردم الشواطئ الرملية والذي أدّى إلى خلق بيئة مناسبة وشروط مثالية لتثبت بوليبات قناديل البحر وحضانتها على هذه المنشآت الاصطناعية وبالتالي زيادة معدلات تكاثرها اللا جنسي”.

 

وأشار البيولوجي إلى أن: “انخفاض أعداد السلاحف البحرية التي تتغذّى أساساً على قناديل البحر أدّى إلى حدوث عدم توازن لصالح القناديل وزيادة أعدادها”.

 

وأوضح “ماميش” أنه: “أصبح من المؤكّد أن الاستنزاف والاستغلال الجائر لموارد البحار، خلق بيئة مثالية لتكاثر قناديل البحر، بالتالي يمكن عدّ قناديل البحر كمؤشر حيوي ممتاز للتدهور البيئي، وكلما زادت قناديل البحر، كانت الإشارة أقوى على أن شيئاً ما قد تغيّر”.

 

وأضاف الاختصاصي: “لا يمكن القول بأن لعامل واحد بمفرده دور رئيس ومباشر في زيادة أعداد قناديل البحر، وإنما تنتج من تضافر عوامل عدة مجتمعة، تؤدّي إلى التأثير في غزارة قناديل البحر وانتشارها”.

 

مخاطر وتحذيرات

 

وحول أضرار قنديل البحر الرحّال على صحة الإنسان، أوضح “ماميش”: “يؤدّي انتشار هذا النوع بأعداد كبيرة إلى تهديد حقيقي لصحة مرتادي البحر من المصطافين والصيادين، نتيجة تأثير لسعاتها المؤلمة والحارقة، وينتج عنها إصابات طفيفة في معظم الأحيان، إلّا أن القليل منها يمكن أن تكون شديدة الضرر”.

 

وأضاف البيولوجي: “تعتمد حدة اللسعات على حجم القنديل وعدد الخلايا اللاسعة التي تخترق الجلد، وقوة اختراق الخلايا اللاسعة، بالإضافة إلى عمر الضحية وثخانة بشرته، ومكان الإصابة، وأخيراً درجة حساسية الضحية للسّم”.

 

وتابع “ماميش”: “تتمثل تأثير اللسعات بحروق جلدية واحمرار وألم شديد مع حكة في موضع اللسع، ونادراً ما تكون شاملة للجسم إلّا في حالات التحسس، كما تتضمن الأعراض حمى، إعياء، ألم عضلي، وقد تحتاج إلى دخول المستشفى، أما التأثير الأشد فهو على العين حيث يؤدّي إلى وذمات في الجفون والتهاب الملتحمة”.

 

هل من إجراءات مجدية لمواجهتها؟

 

يضيف الاختصاصي في حديثه لتلفزيون الخبر أنه: “تم تجريب عدة وسائل لمنع وإعاقة دخول القناديل إلى قرب الشواطئ والمنتجعات السياحية، وذلك بإنشاء مناطق آمنة للسباحة، وتثبيت شباك كبيرة ذات فتحات صغيرة نسبياً على عوامات مثبتة بسلاسل إلى القاع (الأحواض المسيّجة)، إلا أن هذه الطريقة مكلفة وغير مجدية”.

 

وتابع البيولوجي: “وذلك بسبب انتشار المجسات والخيوط اللاسعة لبعض الأنواع لمسافة كبيرة بعيداً عن جسم القنديل، كما أن ماء البحر بحد ذاته يحوي بعض الحويصلات اللاسعة التي انفصلت عن القناديل وخصوصاً في فترة الغزارة، مسببة ما يسمّى (المياه اللاسعة) التي تمر عبر الشبكة وتثير تحسس السباحين دون معرفة السبب”.

 

وحذّر دكتور البيولوجيا البحرية: “من الاقتراب من قناديل البحر حتى عندما تكون ميتة وملقاة على الشاطئ كونها تبقى قادرة على اللسع”.

 

وعن آلية مكافحة قناديل البحر والحدّ من انتشارها الغزير والغير مألوف، أوضح “ماميش”:

“لا تعدّ مسألة مكافحة قناديل البحر مسألة تقنية فحسب، وإنما تتطلب المزيد من الوعي والشعور بالمسؤولية لمواجهتها”.

 

وأضاف الاختصاصي: “تشمل أساليب المكافحة مقترحات عدة، كالحد من طرح النفايات والملوثات ومياه الصرف الزراعي والصناعي غير المعالجة، وإنشاء محطات معالجة وعدم طرحها مباشرة في الأنهار الساحلية”.

 

وتابع “ماميش”: “والحد من ردم السواحل، أو إجراء أي تغيّرات طبوغرافية، وذلك لتقليص مناطق تثبت وحضانة بوليبات قناديل البحر، إضافةً إلى حماية السلاحف البحرية وإنشاء محميات للمحافظة على تنوّعها الحيوي”.

 

وبيّن البيولوجي أنه: “من آليات المكافحة أيضاً التقيد بقوانين حماية المخزون السمكي وذلك بتحديد أنواع الشباك المستعملة، ومنع الصيد في أوقات التفريخ والإباضة، ومنع استعمال الديناميت في الصيد حتى لا تتخرب موائل الأسماك”.

 

توصيات أهل الاختصاص

 

وأشار الاختصاصي إلى ضرورة: “ابتكار وسائل للاستفادة من قناديل البحر، كاستخلاص مادة الكولاجين واستخدامها في الأدوية المرممة للغضاريف، وبعض مستحضرات التجميل الأخرى”.

 

يُشار إلى أن هناك توصيات من قبل أكاديميين لإنشاء منشآت لمعالجة قناديل البحر بعد صيدها، وحفظها في عبوات وتصديرها إلى دول شرق آسيا، إذ تستهلك مع الأطعمة البحرية، أو استعمالها كعلف للأسماك والحيوانات.

 

شعبان شاميه – تلفزيون الخبر – أرشيف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى