متنقلاً بين زوايا الذاكرة.. عبد الرزاق إبراهيم مارس التصوير نحو نصف قرن في حي الزهراء بحمص
بين زوايا محله المشيد منذ عقود طويلة مضت، تتراكم ذكريات عبد الرزاق إبراهيم هنا وهناك، تاركة آثارها على أزرار الكاميرات التي تناوبت أصابعه الضغط عليها آلاف المرات، ملتقطة مئات الوجوه والابتسامات، وضحكات مختلف الشرائح العمرية في حي الزهراء بمدينة حمص.
مبتسماً طوال الوقت بملامح غزاها الشيب في الشعر والذقن، اعتاد الرجل البالغ 62 عاماً أن يستقبل زبائنه، فالتصوير أكثر من مجرد مهنة، ويتطلب الغوص في روح الشخص وكسر الطابع الرسمي بينهما كي تكون ضغطة الزر توثيقاً للحظة تاريخية للشخص، يؤكد عبد الرزاق لتلفزيون الخبر.
ويحكي عبد الرزاق لحظاته الأولى في ممارسة مهنة التصوير، مؤكداً أن شقيقه الأكبر عبد المعين هو أول من ملأ قلبه بعشق الكاميرا بعد أن فتح محله الأول في حي القدم بدمشق منذ عشرات السنين، ويرث عنه أسرار المهنة.
حاملاً راية عائلة ارتبطت بهذه المهنة، والتي أطلقت على محالها المتتالية اسم “عبودي” نسبة لثلاثة أشقاء عبد المعين وعبد الرزاق وعبد الكافي، ومنها الموجود حالياً في شارع الدرزية بحي الزهراء.
وأضاف الأب لثلاثة أبناء قائلاً: “دفعتني الظروف للعودة إلى حمص عام 1982، وفتحت المحل هذا منذ ذلك الوقت بفضل ومساعدة المصور لاشين الذي كان من أكثر المصورين خبرة قبل وفاته، وهو من زودني بالأدوات والبضاعة وحتى تصميم وبناء الاستديو”.
وتحدث عبد الرزاق لتلفزيون الخبر عن الفرق ما بين الزمن الحالي والسابق، إذ كانت فيما مضى ذات مردود جيد قبل ثورة التطور التكنلوجي، وتحديداً عندما كان يستخدم القلم بالروتشة، وتقاضيه 5 ليرات على كل مسودة عندما كانت تكلفة الصورة 15 ليرة، أما الآن فلم تعد بذات المدخول مع تطور الكاميرات والجوالات، وبات الاعتماد حالياً على برنامج الفوتوشوب”.
وأشار عبد الرزاق إلى تراجع الطلب على التصوير في الاستديو، وبات الأهالي يأتون في الأعياد لالتقاط الصور بقصد الذكرى فقط، بمعنى أن يقول الأب لابنه بعد سنوات لاحقة أنه التقط له صورة في هذا المكان، بينما يتركز عملي بشكل رئيسي على جلسات تصوير الأعراس”.
وتابع عبد الرزاق لتلفزيون الخبر: “يمكن القول أن تكلفة جلسة التصوير بما فيها تجهيز الصور تعد مقبولة، إذ تصل تكلفتها نحو 300 ألف ليرة لعشرين صورة، علماً أنني التقط 50 صورة وأترك الخيار للعروسين بالاختيار”.
وفي مدخل الاستديو القديم، بقيت آلة تصوير كبيرة الحجم، توحي بالفترة الزمنية التي اخترعت خلالها وهي الستينات من القرن الماضي، يوضح عبد الرزاق، بالإضافة إلى تشكيلة واسعة من مختلف ماركات آلات التصوير اليابانية من نيكون ويوشيكا وكانون”.
ويعبّر الرجل عن شعوره عند التقاط الصور قائلاً: “ينتابني إحساس غريب بأنني أمسك الكاميرا للمرة الأولى رغم مرور 45 عاماً، وربما يعود السبب في ذلك أنني أحب التعامل مع الأشخاص وخاصة الراغبون بالتقاط صور الزفاف، وبكل تواضع أقول إن رضى زبائني هو معيار نجاحي المستمر”.
وأكد عبد الرزاق لتلفزيون الخبر بأن: “التقاط الصورة يتطلب إحساساً ودقة وحاسة خاصة لتوثيق اللحظة المناسبة، وهو ما يأتي مع خبرة السنين، وأرغب بالبقاء في هذه المهنة حتى آخر عمري لأني أجد في الكاميرا حباً وشغفاً لم ولن ينقص مهما كبرت في السن”.
وأشار عبد الرزاق إلى أن: “من يمتلكون الكاميرات ويجولون في الشوارع لالتقاط الصور لا يجب تسميتهم بالمصورين الفوتوغرافيين، فالمقصود بالفوتوغرافر هو من يلتقط الصور بالمعنى المادي للصورة وليس من يستخدم الموبايل ويعالجها باستخدام البرامج الالكترونية”.
وختم عبد الرزاق حديثه لتلفزيون الخبر أثناء إمساكه بأول صورة التقطها لوالده، مبيناً أنها تعود للعام 1981، مؤكداً أنه سيبقى ملازماً للكاميرا التي أحبها، مستمراً بالتقاط الصور للوجوه والابتسامات.
عمار ابراهيم – تلفزيون الخبر