مُنع في عدة دول عربية وعرّف الغرب على سيرة النبي.. ماذا تعرف عن فيلم الرسالة؟
قال المخرج الأيرلندي مارك كوزينز في كتابه “قصة الفيلم: ملحمة” إن فيلم “الرسالة ربما شاهده عدد من الأشخاص يفوق عدد الأشخاص الذين شاهدوا أي فيلم آخر في تاريخ السينما”.
وباشر المخرج السوري الراحل مصطفى العقاد تصوير فيلم “الرسالة” في 16 نيسان 1974 وظهر للنور عام 1976 ودخل في مخاض طويل لكي نراه على شاشات السينما بدايةً من تمويله حتى كتابة السيناريو والتصوير والحصول على الغطاء الديني لتلافي المنع الرقابي ولاحقاً قبول عرضه في صالات السينما العريية والعالمية.
ويبدأ فيلم “الرسالة” في مكة حيث ينزل الوحي على الرسول محمد ويبدأ بدعوة من حوله إلى الإسلام، فكره سادة مكة ما يدعوا إليه فقرروا تعذيب متبعيه كي يرتدوا عن دينه، ثم تتوالى أحداث الفيلم حتى فتح مكة مروراً بمعركتي بدر وأُحد وصلح الحديبية والهجرة نحو الحبشة.
وأُنتج الفيلم من نسختين واحدة باللغة العربية وأخرى باللغة الإنكليزية، وضمت النسخة العربية عبد الله غيث في دور حمزة بن عبد المطلب، ومنى واصف بدور هند بنت عتبة، ومحمود ياسين بدور الراوي
وأما النسخة الإنكليزية من بطولة النجم العالمي الأمريكي أنتوني كوين بدور حمزة، والنجمة أيرين باباس بدور هند، كما أشرف على كتابة السيناريو والحوار الكتاب العرب توفيق الحكيم وعبد الرحمن الشرقاوي ومحمد علي ماهر وعبد الحميد السحار والهولندي هاري كريغ، إضافة لمساهمات من “العقاد”.
وبلغت تكلفة إنتاج الفيلم للنسختين حوالي 17 مليون دولار أمريكي، وحققت النسخة الأجنبية وحدها أرباحاً تقدر بأكثر من 10 أضعاف هذا المبلغ، علماً بأن الفيلم ترجم إلى 12 لغة.
البحث عن تمويل
حاول “العقاد” بما يحمله من شهرة فنية في أمريكا حث المنتجين في هوليود لإنتاج الفيلم لكنهم ترددوا بشأن عدم تجسيد شخص النبي، فاتجه “العقاد” نحو العالم العربي بحثاً عن تمويل لمشروعه، ونال قبول أمير الكويت صباح الصباح وملك المغرب الحسن الثاني ورئيس ليبيا معمر القذافي حيث كان لكل منهم دوافعه الخاصة.
وانطلق التصوير في قرية قرب مدينة مراكش المغربية، وبعد أسابيع قليلة أوعز الحسن الثاني بوقف التصوير تحت ضغط المملكة العربية السعودية التي بذلت جهداً كبيراً لعرقلة المشروع لاعتراضها عليه لينتقل التصوير نحو الصحراء الليبية وبتمويل كامل من القذافي.
وخلال عملية البحث عن تمويل تلقى “العقاد” عرضاً من زعماء المسلمين الأفريقيين في أمريكا لتمويل الفيلم شريطة أن يُجسد الملاكم الشهير محمد علي كلاي دور بلال الحبشي لكن “العقاد” رفض العرض لما سيؤثره وجود “كلاي” ونجوميته على جوهر فكرة الفيلم.
الصدام مع الرقابة
سعى “العقاد” خلال المضي في خطوات مشروعه للحصول على موافقة الجهات الدينية مثل الأزهر في مصر، والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان، لتلافي اعتراض الجهات الرقابية وهو ما تم فعلاً بشرط عدم الكشف عن وجوه وأصوات وظلال النبي والعشرة المبشرين بالجنة.
وتراجع لاحقاً الأزهر عن موقفه، حيث قال أمين عام مجمع البحوث الإسلامية رجب بيومي عن أسباب منع الفيلم “هذا الفيلم تم فيه تجسيد شخصية حمزة عم الرسول عليه الصلاة والسلام وهو من أهل الجنة”.
ومنعت عدة دول عربية عرض الفيلم تماشياً مع الموقف السعودي، لكن مصر أجازت عرضه بعد 22 عاماً من إنتاجه وسُمح بعرضه في السعودية عام 2018.
يذكر أن فيلم “الرسالة” ساعد في معرفة العالم الأوروبي بالدين الإسلامي ونشر البعض من تعاليمه، كما احتل المرتبة الـ17 ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في السينما العربية، وتم ترشيح موسيقى الفيلم لجائزة الأوسكار لأفضل موسيقى تصويرية في حفل توزيع جوائز الأوسكار الخمسون.
جعفر مشهدية-تلفزيون الخبر