العناوين الرئيسيةرياضة

مسلسل “الدجل” مستمر .. من يقتص للسوريين من سارقي أحلامهم ؟

“ما كانت الحسناء ترفع سترها لو أن في هذي الجموع رجالاً” هذا البيت الشعري لخليل مطران ينطبق قولاً واحداً على واقع كرة القدم السورية، فلو كان هناك رجال حقيقين في جسم الكرة السورية لما وصل الأمر بأحلامنا لانتظار هدية من ميانمار للتأهل نحو الدور الثالث من التصفيات المونديالية.

 

بداية الحكاية

 

منذ 2017 توالى على تدريب منتخبنا الوطني للرجال ثمانية مدربين بين مدرب دائم أو مؤقت، هم الألماني شتانغه والأرجنتيني كوبر والصربي تيتا والسوريين أيمن الحكيم ونزار محروس وحسام السيد وغسان معتوق وفجر ابراهيم، كما تعاقبت أربعة اتحادات، صلاح رمضان مرتين وفادي الدباس وحاتم الغايب.

 

وكان هناك أمل جماهيري بعودة اتحاد “صلاح رمضان” في 2022 لاستلام دفة الأمر لما صاحب ذلك من “تطبيل وتزمير”، كون الأخير برفقة فريقه سوف “يعدلون المايلة” و”يطالعوا الزير من البير”، لكن المفاجأة الأولى كانت عبر كم الأفواه وحجب التعليقات عن الجماهير على صفحة المنتخب على “فيسبوك” بحجة أن الاتحاد “جايه يشتغل وما بدو تشويش من المغرضين”.

 

وعقب توليه قيادة الاتحاد، صرح “صلاح رمضان” لأحد المنصات “أنا مو جايه اشتغل على المنتخب الأول.. أنا جايه اشتغل مع الناشئين والشباب والأولمبي وحاسبوني على هاد الشي”.

 

“جردة الدكان”

 

ولأنه لا ينطبق على الكرة السورية سوى توصيف “الدكان” فيجب علينا أن نقوم “بجردة حساب” مع القائمين على “دكاننا” الكروي لتبيان ما لقيصر لقيصر وما لله لله.

 

أولاً: النتائج

 

لعشاق الأرقام خاض منتخب الرجال تحت قيادة “اتحاد صلاح رمضان” 26 مباراة خسر منها 15، وحقق 6 انتصارات و5 تعادلات وسجل 24 هدفاً منها 7 على ميانمار وتلقى 34 حيث خسر من كوريا الشمالية وتعادل مع ميانمار وقيرغيزستان وماليزيا مرتين.

 

وفي الفئات التي طلب “صلاح رمضان” محاسبته عليها (الفئات العمرية)، خاض المنتخب الأولمبي تحت قيادته 15 مباراة خسر في 7 وفاز في 6 وتعادل في مبارتين وسجل 28 منهم 11 على بروناي وتلقى 17 ولم يفلح في تحقيق البطولة العربية رغم تطعيم المنتخب بلاعبين من منتخب الرجال.

 

وعلى صعيد منتخب الشباب، لعب منتخبنا 15 مباراة انتصر في 7 منها وخسر في 6 وتعادل في مبارتين وسجل 30 هدفاً منها 10 على منتخب جزر ماريانا وتلقى 14 هدف وخرج من الدور الأول لكأس آسيا 2023 متذيلاً مجموعته.

 

وفي حساب منتخب الناشئين خاض منتخبنا 15 مباراة انتصر في 5 مباريات وتعادل في 3 وتلقى 7 هزائم وسجل 19 هدفاً، 6 منها على الفلبين وتلقى 21 وخرج من الدور الأول لكأس العرب 2022 ولبطولة غرب ٱسيا 2023 ووصل لنصف نهائي غرب ٱسيا 2022 ولم يفلح بالتأهل لكأس آسيا 2023.

 

وبلغ عدد المباريات الذي خاضته المنتخبات السورية في مختلف فئاتها في عهد اتحاد “صلاح رمضان” 71 مباراة، فازت بها منتخباتنا ب 24 مباراة وخسرت في 35 وتعادلت في 12 وسجلت 101 هدف وتلقت شباك منتخباتنا 86 هدفاً.

 

وخرجت منتخباتنا الوطنية من أغلب الاستحقاقات التي شاركت بها باستثناء تحقيق إنجاز التأهل للدور الثاني من كأس آسيا للرجال 2024 للمرة الأولى بتاريخنا بعد تحقيق مركز أفضل ثالث.

 

من خلال فوز واحد على الهند بهدف دون رد وخسارتين من إيران وأستراليا وتعادل مع أوزباكستان ليتم تصوير الأمر وكأن منتخبنا استطاع جلب الكأس عبر حملة “تطبيل” لم يلقاها ميسي عند تحقيقه المونديال للأرجنتين.

 

ثانياً: اللاعبين

 

طبق اتحاد “صلاح رمضان” طريقة الشركات متعددة الجنسيات في إدارته لملف المنتخب الأول عبر نائبه الرجل الأقوى ضمن الاتحاد عبد الرحمن الخطيب الذي أدار ملف اللاعبين مستعيدي الجنسية حيث تحول هم الاتحاد لجلب اللاعبين السوريين في الخارج على حساب الاهتمام بتقوية اللاعب المحلي ودعمه.

 

وتحول منتخبنا الوطني للرجال في حقبة اتحاد “صلاح رمضان” الحالية لحقل تجارب، حيث بات كل توقف دولي مطمع لتجربة لاعبين مغتربين وتطعيمهم مع المنتخب الأول من أمريكا الجنوبية وأوروبا ولم يوفق الاتحاد بالإجماع الجماهيري سوى باستقدام اللاعب أيهم أوسو من دوريات أوروبا الذي أفاد المنتخب بالشق الدفاعي.

 

وأصبح ملف اللاعبين المغتربين مثار كبير للنقد خصوصاً لما صاحبه من مشاكل وأقاويل تتعلق بالسمسرة من قبل أشخاص خارج سوريا وداخلها ضمن الاتحاد والجهاز الفني للمنتخب بحسب التسرييات التي انتشرت على مواقع التواصل.

 

وتعرض الاتحاد ومعه سمعة منتخبنا الوطني للرجال لهزة كبيرة على مستوى العالم في قضية اللاعب السوري/الألماني محمود داهود الذي انسحب من معسكر المنتخب قبيل مباراة ذهاب ميانمار بحجة “عدم الالتزام بالوعود المقدمة له”.

 

وضج الشارع الرياضي المحلي حينها بآلاف التسريبات التي تتعلق بوعود قُدمت للاعب حول شارة الكابتن ومزايا مالية ومعنوية توعد الاتحاد بدحضها ولكنه لم يقم بذلك حتى تاريخه بل سارع ل”ضبضبة السيرة” وإقناع “داهود” بالتراجع عن قراره بعدم تمثيل المنتخب وتقديم اعتذار للجماهير وفق مبدأ “تبويس الشوارب” على أمل استدعاء اللاعب في أي توقف مقبل وهو ما لم يحصل بتاتاً.

 

وفيما يتعلق باللاعبين المحليين نشبت خلافات كبيرة بين الكادر الفني للمنتخب بقيادة المدرب الأرجنتيني هيكتور كوبر وقائد منتخب سوريا عمر السومة، أدت لاستبعاد الأخير حوالي ثمانية أشهر من المنتخب يتضمنها المشاركة في كأس ٱسيا وترك الأمر للتحليل الجماهيري دون أي توضيح.

 

وذلك حتى إعلان التوصل لاتفاق يحل المشكلة بين “السومة” و”كوبر” لكن الصلح بين الطرفين واجه هزة جديدة حيث حذف “السومة” بعد ساعات من الاتفاق منشور إعلان إتمامه.

 

ما صدم الجمهور الرياضي السوري وكذلك الأمر لم يصدر أي توضيح عن الاتحاد سوى تسريبات من صحفين تحدثت أن مساعد “كوبر” ومترجمه المصري توجه بحديث لل”سومة” بطريقة غير احترافية جعلته يتراجع عن “الصلحة” ثم بعد يوم عادت المياه لمجاريها وحُل الأمر.

 

وفيما يتعلق باللاعب عمر خربين ورفضه المتكرر لتمثيل المنتخب خصوصاً في المبارايات التي تحتاج سفر طويل لم يعلق الاتحاد على هذا الموضوع واكتفى بنفي الأقاويل التي تتحدث عن وجود اتفاق ضمني مع اللاعب يتيح له الانسحاب من المبارايات البعيدة وهو ما تكرر في مباراة ذهاب ميانمار وإياب كوريا الشمالية التي تعادل وخسر بهما المنتخب.

 

ثالثاً: الدوري المحلي

 

مع تهميش الحديث عن تعطيل وتقليص حجم دوريات الفئات العمرية التي تعتبر الخزان الأساسي لبناء أي منتخب أول بشكل قوي ومتماسك تراجع الدوري الممتاز للرجال بشكل غير مسبوق في عهد اتحاد “صلاح رمضان”، ما أدى لفقدان حصة الأندية السورية المباشرة في البطولات الآسيوية الثلاث المعتمدة والاكتفاء بنصف مقعد في بطولة كأس التحدي الأقل تصنيفاً بين بطولات الآسيوي.

 

وظهرت حملة خفية لإضعاف صورة الدوري المحلي عبر تسليط الضوء على الأخطاء داخله وعدم السعي لعلاجها وترك الأندية لتخبطاتها ونقل بعض المباريات التي أُقيمت على ملاعب لا تصلح لرعي البقر بهدف خلق صورة ذهنية لدى الجماهير الكروية بأن هذا الدوري لا يمكن أن يرفد منتخب الرجال بأي لاعب وذلك بحسب صحفيين مختصين بالشأن الرياضي.

 

واعتبر المختصون أن الهدف من ذلك هو تفويج اللاعب المغترب وتصويره على أنه الملاذ الوحيد لمنتخبنا الأمر الذي فرض على قائمة المنتخب في النافذة الآسيوية الأخيرة أن تكون معظمها من اللاعبين مستعيدي الجنسية “مو معروف راسهم من ساسهم”.

 

رابعاً: كوبر

 

عُرف المدرب الأرجنتيني هيكتور كوبر بأنه مدرب عنيد ولا يقبل أن يتدخل به أحد وهو الأمر الذي كانت تفتقده الأجهزة الفنية المتعاقبة على منتخب الرجال.

 

لكن شاب أسلوب “كوبر” الكثير من الانتقادت خصوصاً تلك المتعلقة باعتماده أسلوب دفاعي مبالغ به مع كبار القارة وصغارها، عدا عن تسريبات من قبل بعض اللاعبين تتحدث عن “تخلف” منهجه التدريبي وعدم مواكبته لأساليب التدريب الحديثة.

 

عدا عن الحديث عن تحول المنتخب في عهد “كوبر” للعبة بيد مساعده المترجم المصري محمود فايز الذي كان بحسب التسريبات “الحاكم بأمر الله” وسط غياب أي تدخل من قبل المعنيين الفنيين ضمن الاتحاد على مبدأ “عملنالو كلشي بدو ياه”.

 

خامساً: التخبط الإداري

 

أُشيع أن أفضل ما يملكه اتحاد “صلاح رمضان” هو حجم علاقاته الجيدة على صعيد الاتحاد الآسيوي لكن ما حدث مع مباراة كوريا الشمالية يكشف عكس ذلك حيث وافق الآسيوي على عدم لعب مباراة اليابان كوريا بسبب مخالفة الشمالية لأنظمة الاتحاد وتم حسم نتيجة المباراة بانتصار اليابانيين دون أن تُلعب كعقوبة للمنتخب الكوري.

 

ومع تكرار الاتحاد الكوري الشمالي لمخالفاته المتعلقة باللعب على أرضه أمام منتخبنا، فشل الاتحاد في الضغط على الٱسيوي لمعاملته بنفس الطريقة التي طبقت في مباراة اليابان وكوريا.

 

وتم التساهل بالسماح لكوريا الشمالية بتحديد أرض بديلة لها في جمهورية لاوس لخوص مباراتهم الحاسمة مع منتخبنا والتي يحتاج السفر إليها 50 ساعة لبعض اللاعبين وبالتالي غيبوا فرصة تحقيق نصر إداري مُحق قانوناً لمصلحة منتخبنا دون أي تبرير.

 

كما فشل الاتحاد في إقناع الاتحاد الكوري الشمالي وبعده الاتحاد الياباني في السماح بنقل مبارتي المنتخب تلفزيونياً، الأمر الذي لا يحتاج سوى دفع التكاليف المالية المتعلقة بذلك علاوه على محاولتهم قرصنة المباراة مع كوريا الشمالية ونقلها عبر “فيسبوك” دون الأخذ أن الاتحاد الكوري أوقف النقل بعد دقائق من انطلاق المباراة.

 

أسئلة ضرورية في عناية “أولي الأمر”

 

من قال أن المدرب وكادره أصحاب السلطة المطلقة في أي منتخب يدربونه ويمنع على الفنيين ضمن الاتحاد مناقشتهم وإبداء الرأي لا أكثر؟

 

مضى على خروجنا المُذل من التصفيات المونديالية حوالي 48 ساعة ولم يُبدِ أي قيادي ضمن الاتحاد تصريح أو توضيح للجماهير بل على العكس جميع الأخبار تقول إن الاتحاد مستمر ولا يفكر بالاستقالة.. ألا يوجد عاقل ضمن الاتحاد يحترم مشاعر الجماهير؟

 

لماذا تم السماح ل”كوبر” بإعلان استقالته عقب مباراة اليابان على الرغم من أن عقده يفسخ حكماً مع آخر مباراة للمنتخب بالتصفيات؟ لماذا لم يخرج المتحدث باسم الاتحاد ليقول أن العقد انتهى بالخروج وسمح له بإعلان الاستقالة وحبك خطاب حول ضرورة التمسك بنهج الاتحاد الحالي؟

 

كيف يظن القائمين على الاتحاد أنه يمكن تشكيل منتخب من اللاعبين المغتريين فقط مع أن القاعدة الرياضية البديهية عالمياً تقول أنه لا يمكن إيجاد منتخب قوي بدوري محلي ضعيف ولاعبين محليين دون المستوى؟

 

ما حقيقة تحكم السماسرة بمصير الكرة السورية؟ ومتى سيتم فتح تحقيق بذلك؟ وأين الاتحاد الرياضي العام الذي هلل لإنجازات اتحاد صلاح رمضان من كل ما يُقال؟

 

كيف يمكن بناء منتخب قوي بلاعبين أغلبهم من جيل 2017 الذي تم استهلاكه؟ وكيف يمكن فرض الانضباط ضمن المنتخب مع التساهل في معاقبة بعض النجوم دائمي التغيب عن تمثيل المنتخب دون أي مبرر؟ وماذا عن التسريبات التي تتعلق بتمييز اللاعبين المغتربين على حساب اللاعب المحلي؟

 

متى سنرى كرة قدم وطنية قائمة على مشروع استراتيجي يحول “الدكانة” التي نملكها لصناعة حقيقية قائمة على الاحتراف؟

 

وأخيراً وليس آخراً.. ألا يوجد بين كوادر الاتحاد واللاعبين رجل يعترف بالخطأ ويُخضع نفسه للمحاسبة ويرد اعتبار الجماهير السورية؟

 

جعفر مشهدية-تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى