العناوين الرئيسيةسوريين عن جد

أبو صفوان.. ثمانيني عاش جلّ حياته بين الحديد والنار في حمص

بضربات قوية تضاهي عزم الشباب، يستخدم “أبو صفوان” مهدّة بثقل 5 كيلو لضرب الحديد وتصويج بعض القطع، فهو ورغم 85 عاماً مرّت من حياته، “لا يزال يعمل وكأنه ابن عشرين عاماً”، كما قال لتلفزيون الخبر.

وسط سوق يمتلئ بزملاء المهنة، ويضج بأصوات آلات الجلخ وطرق الحديد، ينصبّ تركيز أبو صفوان على شحذ عشرات حفّارات الكوسا والسكاكين المرتبة أمامه في دكّانه على كتف السوق المسقوف بحمص.

وعلى الرغم من سرعة المحرك ومعه حجارة الجلخ المثبتة على طرفيه، يثبّت أبو صفوان بيديه بإحكام جميع تلك القطع ليزيل عن بعضها الصدأ، وتعود للعمل كأنها “أخت الجديدة”، بحسب وصفه.

وتختفي عيون أبو صفوان لبعض الوقت، تارة وراء نظارة خاصة تحميه من الشرار المتطاير، وأحياناً أخرى خلف تلك الشرارات ذاتها، ليتأكّد الرجل الثمانيني من دقة العمل على أكمل وجه.

ودأب “أبو صفوان” خلال سبعة عقود مضت، وهو حمصي عتيق من مواليد 1941 على جلخ السكاكين وفؤوس الزراعة ومناجل الحصاد وجواكيش نجاري الباطون وسياخ اللحمة، بالإضافة إلى تلميع الطناجر، مختصراً الحديث بقوله، إنه “يعمل بكل ما يتعلّق بالنار”.

وسرد أبو صفوان لتلفزيون الخبر حكايته مع مهنة ورثها عن والده منذ أن كان بعمر العاشرة، ليصبح مع مرور السنوات أحد أقدم شيوخ الكار، متقناً لتفاصيل العمل وعارفاً أسرارها بشكلٍ كبير.

 

وعلّم أبو صفوان تفاصيل هذه المهنة لإخوته الثلاثة الذين أصبحوا بدورهم “معلمين عالأول”، إذ فتحوا محلاتهم الخاصة ويعملون بها لكسب الرزق الحلال.

 

وكان التوقّف عن العمل لعدة سنوات جرّاء الحرب في مدينة حمص من أصعب الفترات في حياة أبو صفوان، إذ أن وزنه وصل إلى 115 كيلو، ولم يستطع الجلوس أكثر في المنزل رغم إصرار أكبر أبنائه على ذلك.

أما عن صعوبات العمل، فهي وكمعظم المهن الحرة يكمن أكبرها في انقطاع الكهرباء، يضيف أبو صفوان، وعلى الرغم من ذلك فإن العمل جيد والزبائن يتوافدون إلى دكانه لطلب شحذ سكين أو حفارة كوسا، وبأسعار مقبولة حسب القطعة، فشحذ السكين مع تركيبها لا يكلف أكثر 5 آلاف ليرة على سبيل المثال.

ويرى أبو صفوان الحياة من منظور خاص به، وهو أن رسالة الإنسان السامية خلال حياته تكمن في العمل الذي يؤمن من خلاله الحياة الكريمة لأسرته، “فالشغل كتير والفقر ما بيتعدى على حدا”، يختم أبو صفوان لتلفزيون الخبر.

 

عمار إبراهيم – تلفزيون الخبر – حمص

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى