من منا لم يشتر صوصاً ملوناً بـ 5 ليرات ثم بكى حزناً لموته بعد يومين؟
بألوانها الزاهية وحركتها الدائمة في العربة المدولبة، تغزو تجارة الصيصان الملونة أحياء المدن السورية خلال الفترة الحالية من العام، في تكرار لتقليد استمر عقوداً على الرغم من النهاية المأساوية ذاتها.
{“}
تهرع طفلتان لشراء صوصين ملونين من أحد الباعة الجوالين في حي المهاجرين بمدينة حمص، وسط نظرات إعجاب وبهجة تجاه مخلوقات صغيرة جميلة الشكل دائمة الحركة.
وعلى الرغم من تبدل وغلاء أسعار كل ما ينشر الفرح في قلوب الأطفال في البلاد، بما فيها الصيصان وكرة القدم والألعاب والدراجات الهوائية وغيرها، إلا أن نهاية تلك الصيصان بقيت ثابتة من حيث قصر عمرها بعد الشراء.
ولم يعطِ البائع الذي رفض الإفصاح عن اسمه لتلفزيون الخبر أي جواب واضح حول سبب وفاة الصيصان الملونة بعد الشراء مباشرة، فها هي تعيش لأسابيع معه دون أن يصيبها أي مكروه، وبالتالي تكون سوء التغذية إحدى أكثر الأسباب واقعية، حسب قوله.
وأصبح من السهل توقع الإجراءات التي يقوم بها الأطفال بعد شراء الصوص بحكم العادات والتقاليد، يكمل البائع، من حيث وضعه في كرتونة وفتح بعض الثغرات للتنفس، لكن المصيبة الكبرى تكمن في إطعامها البرغل قسرياً.
فالبرغل المنقوع “ينفش” في بطنها الصغير ما يتسبب بموتها، يصر البائع على أن براءة وطيبة قلب الطفل تدفعه لحشو معدة الصوص بكميات كبيرة منه، دون إدراكه أن لا قدرة لذلك المخلوق الصغير على التحمل ما يؤدي إلى النهاية المأساوية ذاتها التي تتكرر منذ أن كنت طفلاً.
والموت عصراً إحدى تلك النهايات الحزينة، يضيف البائع، فمن المؤسف أن الطفل يعتبر الصوص دمية متحركة أو لعبة يلهو فيها في غرف المنزل، مع حمله بشكل دائم، وعصره في بعض الأحيان، وهذا ما يعرضه إلى حالات اختناق وضيق النفس.
ويلجأ مربو الدجاج إلى بيع الصيصان بعد صبغها بألوان مختلفة لجذب المشترين، وخصوصاً الأطفال منهم، الذين يتسابقون على شرائها بأسعار تبدأ بألف ليرة وقد تزيد عن ذلك، وبالتالي يمكن اعتبار سعرها بسيطاً لا يكفي لشراء بسكوته، بحسب البائع.
ويذكر البائع جيداً خلال السنوات الطويلة التي عمل فيها ببيع الصيصان كيف ارتفعت أسعارها من 5 ليرات حتى بداية الأزمة، ومن ثم الارتفاعات المتكررة التي ضاعفت من التكاليف ومعها سعر الصوص إلى ألف ليرة.
ويؤكد البائع لتلفزيون الخبر أنه يشتري الصيصان ملونة جاهزة من أحد التجار دون علمه بطريقة تلوينها، لكنه سمع في إحدى المرات بحديث جانبي أن ذلك يتم عبر رشّها أو جمعها في علبة واحدة وخلطها بالألوان.
ويختم البائع بأن الموت هو الاحتمال الأكثر وقوعاً للصيصان، لكنها تجارة في نهاية المطاف، ووجد فيها مصدر رزق جيد بالإضافة إلى وظيفته الحكومية التي لا تكفي وحدها لتأمين مستلزمات عائلته.
عمار ابراهيم – تلفزيون الخبر