العناوين الرئيسيةمجتمع

“مسدسات الخرز” في أيدي الأطفال بحمص.. وكأننا لم نكتف من ألعاب الموت في البلاد

يصحو سكان مدينة حمص كل عيد على هتافات وصراخ مصحوب بتهديدات يطلقها عبّودة وعلوشة وصطّوف، وغيرهم من الأطفال أصحاب النفوذ والهيبة في حاراتهم، ممن اشتروا بنادق مسدسات الخرز ليحكموا سيطرتهم على الحي ومنع تسلل أولاد الأحياء الأخرى.

ومما لاشك فيه أن سكان المحافظات السورية كافة يعيشون هذا المشهد في فترة الأعياد، الفطر والأضحى بشكل خاص، مع انتشار عشرات الأطفال بثياب جديدة وقصّات شعر مبتكرة، و”برستيج” لا يكتمل دون مسدس خرز على الخصر.

dav

وتعتبر مسدسات الخرز من بين أكثر الألعاب المفضلة لدى الأطفال خلال فترة الأعياد، فتمتلئ الشوارع بالحبيبات الملونة، في تفشّ لظاهرة متكررة كل عيد على الرغم من الإصابات الخطيرة في العين والوجه والجسد.

تجارة رابحة على عينك يا رقابة

 

يعرض أصحاب محال بيع الألعاب مسدسات الخرز وتوابعها على الواجهة مع تشكيلة واسعة من مجسمات البنادق الأمريكية والروسية وغيرها، مع ذخيرتها الملونة التي يغلب عليها اللون الفوسفوري.

dav

ولا يخفي أحد أصحاب المكتبات في حمص الانتعاش الكبير والربح الواضح من بيع المسدسات وتوابعها، ولهذا السبب فإنه يحرص على تأمين أعداد كبيرة منها في آخر أيام شهر رمضان وعرضها بشكل مرتب يجذب الأطفال من بعيد.

 

ويدرك الرجل خطورة هذه الألعاب على سلامة الأطفال وعواقب الإصابة بحبة خرز في العين أو الأذن، قائلاً لتلفزيون الخبر بأن: “بيع الأقلام والدفاتر لم يعد كافياً وأحتاج لمورد مالي إضافي وجدته في تلك الألعاب”.

 

وبين البائع أن أسعار تلك الألعاب تترواح وتختلف بحسب جودة وقياس المسدس أو البندقية وقوة ضغطها وسعة مخزنها، وتبدأ من 10 آلاف ليرة حتى 25 ألف للمسدسات، وما بين 25- 50 ألف ليرة للبنادق وكيس الخرز 2000- 3000 ليرة.

 

دور الأهل في الحماية والتوعية

 

يستغرب علاء (من سكان حي الأرمن بمدينة حمص) غياب دور ورقابة الأهل عن شراء هذه الألعاب، مشدداً على ضرورة الحزم ومنع وقوع المصيبة، “ففقدان الطفل لعينه أو إصابته لعين طفل آخر ستبقى مصيبة تلازمه طوال حياته”.

 

وتوجّه علاء للباعة قائلاً: “بيع هذه الألعاب يشبه بيع للضمير، كونكم تخاطرون بصحة وسلامة أبنائنا من أجل مبالغ مالية زهيدة، وهو ما يجب منعه من قبل المعنيين ومعاقبة كل تاجر يتلاعب بسلامة السكان بقصد أو دون قصد”.

 

عشرات الإصابات كل عيد

 

أشار طبيب العيون بشار الحسن في تصريح لتلفزيون الخبر إلى أن: “عشرات الحالات لإصابات العيون تتوافد إلى عيادتي خلال فترة الأعياد، ولذلك أرجو من الأهل توعية أبنائهم لخطورة شراء أسلحة الخرز وتوجيهها نحو الوجه والعين خصوصاً”.

 

وأضاف “الحسن: “أقوم فور ورود أي إصابة بإجراء فحص للشبكية، وكثيراً ما تصاب العين برضوض كليلة بسبب الخرز مسببة سحجة سطحية مؤلمة، ويصل الأمر للتسبب بنزف العين وهو ما يحتاج لعلاج كثيف بالقطرات وراحة تامة ريثما يزول النزف، وقد تحتاج بعض الإصابات لعمل جراحي لغسيل النزف من داخل العين وإلى متابعات لاحقة لنفي انفصال الشبكية”.

 

تنمّي العنف في المستقبل

 

من ناحيته بيّن الاختصاصي والمعالج النفسي رامي جمعة، لتلفزيون الخبر أن: “إدمان الأطفال على شراء الأسلحة الخرزية يسبب آثاراً سلبية، كونها تنمي العنف في المستقبل فالأطفال أصبحوا يتفاخرون بحمل الأسلحة ومحاولة استخدامها”.

 

وأضاف “جمعة” أن: “هذه الثقافة تتعزز بشكل خطير، فيحمل الأطفال أسلحة آبائهم وأقاربهم كنوع من المفاخرة وهذه الثقافة تنتشر بشكل كبير في مجتمعنا دون التفات من قبل المعنيين، وبالتالي يجب عدم استيراد هذه الألعاب لما تسببه من أضرار وعاهات”.

 

ولفت الاختصاصي إلى أنه: “من الضروري أن يلعب الأهل دوراً أساسيا ً بتوعية الأطفال بمخاطر مثل هذه الألعاب ومقاطعة مثل هذه المنتجات الخطرة، ومن جانب آخر، يعيش الأطفال في سوريا مرحلة طفولة بائسة لعدم توفر المتنزهات والملاعب والحدائق العامة أسوة بأطفال العالم، والخطير في هذا الأمر أن بيع ألعاب الأسلحة تنمي روح الكراهية للآخر“.

 

توجيه إنذارات للمحال.. هل تم الالتزام فعلاً؟

 

أكد مصدر في مجلس مدينة حمص لتلفزيون الخبر أنه: “تم تشديد الرقابة خلال فترة العيد على الأسواق، وتوجيه إنذارات بعدم بيع ألعاب الأطفال الخطرة مثل مسدسات الخرز، وفي حال ضبط هذه المخالفة سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالف وإغلاق المحل”.

 

وأشار المصدر إلى أنه: “يوجد في المدينة 3 مدن ألعاب ولا يوجد أي طلبات لدى مجلس المدينة لاستثمار إحدى الساحات خلال فترة العيد”.

 

يذكر أن ظاهرة انتشار مسدسات الخرز تترافق مع شراء الألعاب النارية المؤذية بدورها، مع قيام الأطفال برميها عشوائياً في الطرقات، مع كل الإزعاج الذي تسببه، وهو ما يتطلب متابعة أكبر من الجهات المعنية التي تستمر بإصدار التحذيرات دون أي استجابة من الأهالي بالدرجة الأولى.

 

عمار ابراهيم _ تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى