العناوين الرئيسيةمن كل شارع

عصابات تحتال على تحويلات السوريين في الخارج إلى ذويهم في الداخل تحت اسم “شركة الهرم”

لطالما شكلت الحوالات المالية المرسلة من خارج سوريا عصب الحياة لألاف العائلات السورية، وأصبحت طوق نجاة من واقع اقتصادي قاسٍ وغلاء يضرب كل مستلزمات المعيشة، انطلاقاً من الأساسيات وصولاً إلى باقي الاحتياجات.

 

ومع الحصار الاقتصادي المطبق على البلاد، أصبحت قنوات إرسال الحوالات محدودة، وفتح الباب أمام طرق غير شرعية يلجأ إليها كثيرون، لأسباب مختلفة، أبرزها التخلص من الفجوة الواقعة بين سعر الصرف المقرر من مصرف سوريا المركزي، والذي على أساسه تصرف الحوالات الخارجية المرسلة بشكل رسمي.

 

وبين الطرق “الأخرى” التي تلامس قيمة ما تسلمه، سعر الصرف في “السوق السوداء” الذي يزيد عن السعر الرسمي بنسبة 25% تقريباً والتي انخفضت خلال شهر رمضان إلى 11-12% تقريباً.

 

عصابات الحوالات

 

ومع ولادة هذه الطرق، وقع الكثير من السوريين، خاصة المقيمين في البلدان الأوروبية، في شراك عصابات نصب واحتيال، والتي تعمل عبر مواقع التواصل الاجتماعي بأدوات واستراتيجيات اقناع، تمنحها واقعية وشرعية لإقناع المرسلين بالتحويل من خلالها، ومن ثم سرقة الحوالات، مستغلة كثرة الحوالات المرسلة خلال موسم شهر رمضان وعيد الفطر.

 

وروت إحدى السيدات السوريات (لمى – اسم مستعار) لتلفزيون الخبر، الحادثة التي جرت معها بعدما قامت بتحويل مبالغ عن طريق وكلاء لشركة الهرم للحوالات، والذين يقدمون خدماتهم عن طريق تركيا.

 

تقول “لمى”: مع بداية شهر رمضان بدأت البحث عن طريقة لأرسل حوالة لعائلتي من ألمانيا إلى سوريا، واخبرني أقاربي في البلاد عن شركة الهرم التي يستلمون عبرها الحوالات في سوريا، وخلال البحث عن الشركة عبر الانترنت وصلت إلى صفحة على موقع “فيسبوك” تدعي بأنها وكيل للشركة في تركيا”.

 

وتتابع “لمى”: أن الصفحة التي يتابعها أكثر من 85 ألف شخص تقريباً ومن خلال البحث فيها، يذكر القائمون عليها كل تفاصيل العمل، من أرقام هواتف سورية للتواصل، ومواقع مكاتب الشركة، وطريقة التحويل”.

 

وتضيف “لمى”: لكنها تقوم بالعملية عن طريق وسيط في تركيا، الذي بدوره يحولها إلى العنوان في سوريا، ويسلمها بالدولار أو بما يعادله بسعر السوق السوداء، وبالتالي يتجنب المرسل الخسارة في الفرق بين السعر المركزي والآخر”.

 

وتضيف “لمى”: عندما لاحظت وجود أكثر من صفحة، بحثت عن الموقع الرسمي للشركة، وتواصلت من خلال رقم الواتساب الخاص بهم دون وجود رد، وقمت بإرسال رسائل عبر رابط الصفحة التي يوجد عنوانها على الموقع الرسمي، لأتأكد من الصفحة الأخرى، وكذلك لم احصل على أي رد”.

 

وتكمل “لمى”، “بعد إرسالي الحوالة إلى تركيا، تم حظري من كل قنوات التواصل الموجودة سواء رقم الهاتف، والصفحة المذكورة، لأدرك أنه تم الاحتيال علي، وسرقة أموالي، وعليه تواصلت مع أقارب لي من داخل سوريا، والذين قاموا بدورهم بإبلاغ شركة الهرم التي أجابت بأنه ليس لها أي علاقة بهذه الصفحات، وأكدوا أنهم لا يستلمون حوالات بشكل مباشر من أي مصدر خارجي”.

 

وحاولت عائلة “لمى” إيجاد أي طرف يوصلها إلى أصحاب الأرقام السورية الموجودة على الصفحة، من خلال التواصل مع شركتي الاتصالات “سيرياتيل” و” ام تي ان”، ليكون ردهم بأن هكذا إجراء يحتاج إلى قرار محكمة، بعد قيامهم بتقديم شكوى رسمية ورفع دعوى قضائية، ثم يتم البحث بأمر هذه الأرقام”.

 

الوسطاء والتسليم باليد

 

شاعت خلال السنوات الأخيرة، طرق استلام عديدة للحوالات المالية، عن طريق الوسطاء، وهي ليست بمستهجنة بالنسبة للشارع السوري، خاصة للذين يعملون مع جهات خارج سوريا.

 

حيث تقوم هذه الشركات بتحويل الرواتب وتسليمها لأصحابها باليد وبالدولار، مقابل نسبة ضئيلة لا تتخطى أجرة التوصيل، وعليه يتجنب صاحب المال الخسارة بسبب فروقات أسعار الصرف، كما يضمن تجنب أي مسائلة عن هوية الجهة المرسلة والأسباب.

 

وكان حذر مصرف سوريا المركزي من هذه الطرق، وصدرت مراسيم تشريعية بتجريم التعامل بغير الليرة، إضافة إلى أن الطريقة المذكورة لا تضمن حق صاحب الحوالة بأي شكل، فهو غير قادر على تقديم شكوى في حال تم الاحتيال عليه.

 

كذلك لا يمكن التعرف على هوية الوسيط الذي غالباً ما يسلم الحوالة بطرق تضمن عدم التعرف على هويته وهوية العاملين معه، سواء من خلال التواصل عبر أرقام غير سورية، أو استخدام اسماء مستعارة، وعدم اعطاء أي معلومة عن مكان تواجده.

 

كيف يتم استقبال الحوالات الخارجية بالطرق الرسمية؟

 

حدد مصرف سوريا المركزي مجموعة من شركات الصرافة المرخصة، والتي يصل عددها تقريباً إلى 6 شركات على امتداد سوريا، ترسل إليها الحوالات الخارجية، ويتم تسليمها عن طريقها أو طريق شركات التحويل المحلية، كشركة الهرم والتي تقوم بتسيلم الحوالة بما يعادلها بالليرة السورية بحسب نشرة المصرف المركزي.

 

وكان صدر مع بداية العام الحالي مجموعة من المراسيم الرئاسية، ومن بينها المرسوم 5 للعام 2024، الذي أكد على منع التعامل بغير الليرة السورية، فيما شدد المرسوم رقم 6 العقوبات على من يزاول مهنة الصرافة دون ترخيص، أو من يقوم بنقل او تحويل العملات الأجنبية أو الوطنية بين سوريا والخارج.

 

شركة الهرم تنفي مسؤوليتها

 

وأجابت شركة “الهرم” على لسان مصدر مسؤول فيها لتلفزيون الخبر بأنها ” شركة حوالات داخلية بالليرة السورية تعمل ضمن اراضي الجمهورية العربية السورية، بالإضافة إلى توزيع الحوالات الخارجية الواردة عبر شركات الصرافة المرخصة لدى مصرف سوريا المركزي”.

 

وأضاف “نؤكد عدم وجود أي علاقة مع أي شخص أو موقع أو صفحة تدعي ارتباطها وتقوم باستخدام الاسم التجاري للشركة بشكل غير مشروع بهدف التضليل والقيام بعمليات نصب واحتيال تجاه زبائن الشركة الذين تعودوا على الثقة والمصداقية بالتعامل منذ سنوات طويلة”.

 

وأكدت الشركة على عدم مسؤوليتها عن اي تضليل او احتيال ينشأ من التعامل معها، ونوهت إلى ضرورة التحويل عبر القنوات الرسمية المرخصة واعتماد ارقام التواصل والموقع والصفحة الرسمية التابعة للشركة حصرا وهي:

 

www.haram-transfer.com

 

[www.facebook.com/harampyramid](http://www.facebook.com/harampyramid)

 

التحري عن الصفحة الرسمية

 

خلال البحث والتحري عن الصفحات الخاصة بشركة الهرم، تبين وجود عشرات الصفحات وبأسماء متعددة لها، جميعها تحمل شعارها، وموثقة بأرقام هواتف سورية، وبصور ليافطات الشركة، ومتابعة لأسعار صرف الليرة اليومية.

 

وكانت أكدت “لمى” المقيمة في ألمانيا أنها بحثت عن الموقع الرسمي للشركة، وتواصلت من خلال رقم الواتساب الخاص بهم دون وجود رد، وقامت بإرسال رسائل عبر رابط الصفحة التي يوجد عنوانها على الموقع الرسمي، لتتأكد من الصفحة الأخرى، ولكنها لم تحصل على أي رد”.

 

لين السعدي – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى