العناوين الرئيسيةفلسطين

فلسطينيو سوريا .. مركب بلا شراع

في مقال “فلسطينيو سوريا، مركب بلا شراع” الذي نشرته صحيفة “الأخبار” اللبنانية، يشرّح كاتبه “محمد جلبوط” تساؤلات واقع الفلسطينيين في سوريا في ظل الأوضاع الحالية، ومستقبلهم، والمقاربة ما بين واقع التنظيمات السياسية الفلسطينية في سوريا ولبنان، ودعائم كل منها، إضافة إلى أدوارها الحالية.

 

يفتتح الناشط الفلسطيني السوري ورئيس مجلس إدارة جمعية نور للإغاثة والتنمية المقال بسؤال “ثم ماذا؟” بصفته علامة استفهام جلية “لكل من يعمل أو يعيش تحت سماء الدولة السورية”، سواء أكان سورياً أو فلسطينياً”.

 

يقول الكاتب إن هذا التساؤل بدأ “منذ احتلال العراق حتى اليوم بحيث لم تترك الأحداث مجالاً للمواطن العادي، أن يرسم تصوراً ما عن ماهية المستقبل، لا البعيد ولا حتى القريب، مع كل ما يتبع ذلك من حياة القلق والخوف والاستعداد الدائم للمصيبة القادمة”.

 

ولم يستثنِ “جلبوط” فلسطينيي سوريا من هذا الطرح، قائلاً “إنهم بعد عقود طويلة من اللجوء إلى سوريا، أصبحوا جزءاً من نسيج المجتمع السوري، ويتفاعلون ويتأثرون بكل ما يجري على الأراضي السورية. لكن الأكيد، أنهم يعيشون قلقاً مضاعفاً ومركباً وخوفاً أشد من غيرهم، فهم في النهاية لاجئون وعرضة لأي تسوية أو حلول دولية قادمة أو محتملة في المنطقة”.

 

ويؤكد المقال على أن “الدولة السورية لم تغير في موقفها السياسي والاقتصادي والاجتماعي من القضية الفلسطينية ومن الفلسطينيين. ولا تزال القضية تحتل مكانتها الخاصة في القرار السياسي السيادي السوري”.

 

ويتابع في هذا الخصوص بأن “هناك مراعاة واحتراماً أكبر من قبل القيادة السياسية السورية لمسائل الكيان الفلسطيني السياسي، وخصوصاً بعد إعلان سوريا اعترافها بالدولة الفلسطينية في عام 2011، ورفع التمثيل الديبلوماسي من مكتب لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى سفارة دولة فلسطين”.

 

ويوضح المقال أن “المنظمات والفصائل الفلسطينية في سوريا لا تزال تمارس عملها، وتتناحر في ما بينها من دون تغيير يذكر. ولا يزال اللاجئ الفلسطيني السوري يعمل ويتوظف ويستثمر ويتعلم ويخدم الجندية في جيش التحرير الفلسطيني”.

 

ويرى “جلبوط” أن “القضية الفلسطينية لا تزال تحتل مكاناً عميقاً في الوجدان الشعبي السوري، ولا يزال الشارع السوري بمعظمه يجد فيها جزءاً لا يتجزأ من قضيته المركزية السورية، على الرغم من أن المجتمع السوري تعرض لضربات قاسية هزّته بعنف في كل جوانب حياته، لكن مع بدء معركة “طوفان الأقصى” سرعان ما وضع الشعب السوري مشاكله جانباً ولو لبرهة، وعاد ليثبت تمسكه بقضيته في فلسطين”.

 

ما الذي يؤرق الفلسطينيين في سوريا؟

 

يجيب المقال عن هذا السؤال من منطلق أن “الفلسطينيون حتى اليوم متروكون بلا صوت، وبلا تمثيل، وبلا روافع سياسية أو اجتماعية”.

 

ويذكر كاتبه مثالاً عن هذا الواقع من خلال “وجود مؤسسة رسمية اسمها الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب، كان من المفترض أن تشكل هذه الهيئة رافعة رسمية وسياسية مهمة للفلسطينيين في سوريا، وصلة الوصل في ما بينهم وبين الدولة”.

 

ويعود ليصفها بـ” الدكان الفقير” الذي “لم يحاول أحد تطويره وتدعيمه بالأموال والوسائل، ومع ذلك فإن معارك تدور على من سيشغل منصب مدير هذه الهيئة بعدما شغر المنصب أخيراً والمنظمات والفصائل الفلسطينية لا تشكل حالاً أفضل، فمعظمها اليوم تعيش على الفتات الذي يمكن أن يصلها من الحلفاء الإيرانيين أو غيرهم”.

 

وحول دور الاتحادات الشعبية الفلسطينية في سوريا، يشير الكاتب إلى أنها “ليست سوى انعكاس لصورة كسرة الخبز العفنة التي تقاسمتها الفصائل وعلى وجه الخصوص الفصيلين الأساسيين في سوريا “الصاعقة” و”فتح”، في حين احتفظت “الصاعقة” بقرار تعيين رؤساء الاتحادات، واستخدمتها كوسيلة لحصر التمثيل الفلسطيني بيدها، من دون أي اعتبار لانتخابات أو تمثيل حقيقي للشارع الفلسطيني”.

 

ويكمل “جلبوط” بأن “فتح” تواطأت مع الصاعقة بسكوتها على ذلك، والمشاركة في تعيين بعض ممثليها في بعض المناصب الواهية. وبسبب غياب حماس أو المشروع المنافس، فإن القبضة على القرار الفلسطيني قد أحكمت من قبلهما”.

 

ويقارن المقال بين دور هذه الفصائل في سوريا ولبنان، والتي تتنافس فيها على الشارع الفلسطيني، حيث تفتتح المكاتب والمؤسسات وتصرف الأموال وتتطور منافسة هذه الفصائل حتى بين قيادات الفصيل الواحد”.

 

ويشرح “جلبوط” عن هذه المقارنة من خلال دور “فتح” التي تتناحر فيما بينها في لبنان من جهة، ومع “حماس” من جهة أخرى وما تشكله من مشروع منافس لمشروع السلطة الفلسطينية وفتح”.

 

في حين غابت هذه الحالة عن فلسطينيي سوريا تماماً، ولا سيما أن هناك تاريخاً طويلاً لغياب منظمة التحرير ومؤسساتها في حياة اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، وتحديداً مع تشكّل “تحالف القوى الفلسطينية” وصولاً إلى خفوت دوره اليوم.

 

ويعود الكاتب لتفسير قلق فلسطينيي سوريا اليوم، لوصفهم “مركب بلا شراع، منسيّون ومتروكون من الجميع. وبينما يعجّ الفضاء السياسي للمنطقة بأحاديث لا تنتهي عن تسويات وحلول نهائية وصفقات للقرن، يدرك الفلسطينيون أن رياح هذا التغيير لن تكون بعيدة عنهم، وأنهم بلا حوامل وروافع سياسية واقتصادية واجتماعية حقيقية تمثلهم وتستمع إليهم وتساعدهم في إيصال صوتهم”.

 

ويضيف بأن فلسطينيي سوريا يدركون أيضاً أن هذه الرياح لو هبت ستجرف هذا القارب، وأنهم سيكونون أكثر من يدفع الثمن، ومن أجل ذلك، لا يجب أن نستغرب أبداً عندما يحاول هذا الشعب المناضل الصابر تنظيم نفسه من جديد، وخلق روافعه الخاصة به بعيداً عن كل “الدكاكين” البعيدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى