العناوين الرئيسيةمحليات

“ادخل محبّاً واخرج بدعوة جميلة”.. مقهى خان القيصرية الأثري بحمص يجمع الحاضر بعراقة التاريخ

تستوقفكَ في أحد ممرات سوق حمص المسقوف الضيقة عبارة تلخص بين حروفها بساطة “الحمصي” ورحابة صدره المعروف بها، والتي لم تتغير حتى في أقسى سنوات الحرب التي مرت على المدينة.

dav

“لقد بنيت حمص وأسوارها الأثرية بالحب، ادخل محباً واخرج بدعوة جميلة”، بهذه الجملة يستقبلك خان القيصرية الأثري والمقهى المسمى باسمه.

dav

وعلى كتف السوق في ساحة أثرية عُرفت وما تزال بسوق القيصرية، افتتح مقهى القيصرية الأثري ليكون “نوفرة” حمص، والمكان المفضل لزوار المدينة القديمة، ونقطة التقاء السكان بجميع الأعمار وفي كل المناسبات.

dav

وقال مدير المقهى، محمد طيارة، لتلفزيون الخبر إن: “خان القيصرية بني في العهد المملوكي والعثماني، وكان عبارة عن طابق أرضي واحد بداية الأمر، وفي العهد العثماني بني الطابق الثاني”.

dav

وأضاف “طيارة”: “كان الطابق الثاني عبارة عن فندق ينزل فيه التجار، بينما كان الخان مركزاً لتجارة الحرير في المنطقة الوسطى، وظل في حركة تجارية مستمرة حتى ستينيات القرن الماضي قبل أن يودع آخر تجاره وهو علاء الدين الحسامي”.

 

وأكمل مدير المقهى لتلفزيون الخبر: “تحول الخان لاحقاً إلى مركز لبيع الأقمشة والنسيج، وافتتح فيه مكاتب خاصة للتجار والمعامل التي تبيع بضاعتها لمدينة حمص وريفها”.

 

وأشار “طيارة” إلى أنه: “خلال الأحداث نال التدمير من الخان، وجاءت الفكرة لإحيائه منذ 4 سنوات، حيث قمت بإعادة ترتيبه وتنظيفه حسب قدرتي المالية، وبات من أشهر المقاهي في حمص”.

 

وأوضح “طيارة” أن: “الخان يحتوي 52 محلاً لكن أصحابه يقيمون خارج سوريا، كما يوجد بئر مياه عربي عملت على إعادة استخدامه، علما ً أن البنية التحتية للخان رومانية من الحجر الأسود”.

 

ولفت “طيارة” لتلفزيون الخبر إلى أن: “شريحة كبيرة من السكان تعرفت أكثر على الخان بفضل المقهى وأصبحت تأتي الرحلات المدرسية للتعريف به، حيث قام بتنشيط الحركة التجارية في منطقة السوق، ليضم مختلف أطياف وشرائح المجتمع الحمصي”.

 

ويصنف خان القيصرية من أحد أهم الخانات الموجودة في المحافظة والتي تجاوز عددها الـ 27 وذلك لأنه ما زال محافظاً على شكله الإنشائي الكامل تقريباً، وفق مدير آثار حمص، المهندس حسام حاميش.

 

ويختصر خان القيصرية الذي يعود بناؤه إلى العام 1400 ميلادي ،حضارات كثيرة مرّت على المدينة من المملوكية إلى العثمانية، وكلمة “خان” كلمة فارسية تعني “المبيت”.

 

والخان هو بناء مربع الشكل يتألف من طابقين يمتد على مساحة 1394متر مربع. الطابق الأرضي يعود للعهد المملوكي ويحوي باحة داخلية واسعة كانت تستخدم لعرض بضائع تجّار الحرير والمنسوجات حينها، وفق “حاميش”.

 

ويحيط بالباحة غرف كانت بمثابة أماكن للحيوانات التي كان التجار يتنقلون عليها، أمّا الطابق العلوي فتم بناؤه عام 1700 ميلادي خلال فترة الاحتلال العثماني، ويحتوي على غرف خُصصت لمبيت زوّار الخان فيها من تجار وغيرهم.

 

ويتألف خان القيصرية مؤلف من طابقين مع أربعة أروقة ويعود الطابق الأرضي فيه للفترة المملوكية وهو من الحجر ‏البازلتي وأسقفه عبارة عن عقود حجرية ويمتاز مدخله بوجود الباب ‏الكبير المصنوع من الخشب والحديد يتوسطه فتحة تسمى الخوخة كانت ‏تستخدم لدخول وخروج الحارس منها.

 

أما باب الخان فلم يتم تغييره منذ العهد المملوكي إلا أنه تعرض لأعمال ترميم وإصلاحات أما الطابق الأول في الخان فيعود للفترة العثمانية وهو عبارة عن غرف ‏لمبيت الزوار ويمتاز بحجارته السوداء والبيضاء التي تسمى “الابلقية”.

 

ويتوسط الخان فسحة سماوية وبحيرة كبيرة إضافة إلى ‏وجود بئر في الجهة الشمالية منه ودرج للوصول إلى الطابق ‏الأول حيث يتم العمل حاليا ضمن الخان على إزالة التجاوزات ‏عن أروقته مع الحفاظ على شكله الأثري التاريخي.

 

يذكر أنه معَ انحسار المعارك عن المدينة القديمة عادَ تجّار القيصرية لإصلاح ما أكلته نار الحرب واستمرّ الترميم حتى عام 2020 إيذاناً بعودة الحياة للمدينة القديمة بشكل تدريجي.

 

عمار ابراهيم- تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى