ثلاث ليال من الرعب .. العاصفة المطرية تستحضر “كارثة الزلزال” في ذاكرة اللاذقانيين
ثلاث ليال كانت بمثابة “فيلم رعب” عاشها سكان عروس الساحل السوري، حيث سادت أجواء مشابهة تماماً لأجواء ليلة الزلزال المدمر، أصوات رعد لا تهدأ منذ منتصف الليل وحتى مطلع الصباح، مع مطر غزير لا يكاد يتوقف.
وربط سكان محافظة اللاذقية، التي شهدت كارثة زلزال شباط المدمّر مع أخوتهم في حلب وإدلب، الجو الشتوي العاصف بالهزات الأرضية والزلزال المدمر في ذكراه الأولى، واستحضر اللاذقانيون مشاعر الخوف والرعب مع كل ومضة برق أو هدير رعد.
تقول زينة (41 عاماً)، من سكان اللاذقية، لتلفزيون الخبر “ثلاثة أيام مضت لم أعرف خلالها ما هو طعم النوم، حقيقة في كل لحظة ومع كل صوت رعد كنت استحضر ليلة 6 شباط 2023، وكان القلق على عائلتي وأطفالي مسيطر”.
وأضافت “زينة” (معلمة مدرسة)، أنه “علمياً ومنطقياً أدرك أن لا علاقة للزلازل بالمنخفضات الجوية، على الرغم أن البعض يحاول إثبات عكس ذلك، إلّا أنه وبحكم اطلاعي أعلم أن هذا الربط غير علمي، لكن رغم ذلك لا استطيع تجاوزه”، وأردفت متهكمة “من كتر الاطلاع بحكم المخاوف أصبحنا جميعاً خبراء زلازل”.
ولفت “علي” (35 عاماً – مهندس) إلى أنه “لمس الخوف خلال أيام المنخفض الثلاثة الماضية لدى جميع الأشخاص الذين صادفهم، حتى ممّن حاول منهم عدم إظهار ذلك”، وتابع متهكماً “حقيقةً صار بدنا علاج نفسي.. المضحك المبكي ملاحظين أن بعد الزلزال عشاق الشتوية انقرضوا”.
خبرات متشابهة
وحول الموضوع، أوضح اختصاصي علم النفس الصحي، الدكتور فؤاد صبيرة، لتلفزيون الخبر، أن “هذه الحالة تسمّى الإقران أو الإشراط بين الخبرة التي عاشها الفرد أثناء الحدث، والخبرات المشابهة لها، إذ أن عملية الربط أو الاقتران تحدث بشكلٍ إشراطي”.
وتابع الدكتور “صبيرة”، أن “حدثين يمران مع بعضهما البعض بنفس الوقت والزمن، بالتالي عند تكرار حدث منهما لاحقاً، يعود الفرد للخبرة الأولى وتولّد لديه مشاعر سلبية”.
وذكر الاختصاصي، أن “هذه الحالة تزيد عند الأشخاص الذين تعرّضوا للخسارة أو الفقدان، كفقدان عزيز، سكن، عمل، أو طرف من أطراف الجسد، في حين يختلف الإجهاد النفسي من شخص لآخر بحكم العوامل الشخصية كشخصية الفرد وكفاءته الاجتماعية”.
وعن العلاج، أجاب الاختصاصي بعلم النفس الصحي، أن “هؤلاء الأشخاص بحاجة لتدريبات نفسية، تقديم الحماية المطلوبة لهم، توجيههم ذاتياً، تنيمة قدراتهم الذاتية، وثقتهم بأنفسهم، ليتمكنوا من استبدال مشاعرهم السلبية بمشاعر إيجابية، وهذا يكون إما ببرامج فردية أو جماعية، وفق الحالة”.
ولفت “صبيرة”، إلى أن “الأشخاص الذين تمر عليهم هذه الحالة بشكلٍ أكبر من الطبيعي، هم بحاجة حقيقةً إلى تدريبات، عادةً نسميها في علم الصحة النفسية تدريبات ما بعد الكارثة أو ما بعد الصدمة”.
ونصح الدكتور “صبيرة” بالابتعاد عن المثيرات التي تعود بهؤلاء الأشخاص للذكريات المؤلمة، كمواقع التواصل الاجتماعي التي تعرض صور أو تستعيد الذكريات السابقة، بحسب ما أفاد به لتلفزيون الخبر.
وأشار الدكتور “صبيرة” إلى “أهمية الاعتناء بالنفس والجسد بنفس الوقت”، مؤكّداً أن أحد مؤشرات الصحة النفسية الأساسية هي أن يهتم الإنسان بنفسه، من خلال الرياضة، تمارين الاسترخاء، الطعام الجيد، والنوم الهادئ.
ماذا يقول العلم؟
وحول ارتباط الطقس بالزلازل، سبق أن أوضح أستاذ الجيوفيزياء في جامعة دمشق، الدكتور “نضال جوني”، لتلفزيون الخبر، أنه “لا يوجد أي ارتباط مباشر بين فصل الشتاء وهطول الأمطار وحدوث الزلازل”.
وظهر مؤخراً عدد من المختصين من أتباع مدرسة الباحث الهولندي “فرانك”، والذي اشتهر بربط الفلك والظروف الجوية بوقوع الزلازل، يحاولون تحدي العلماء بأن توقّع النشاط الزلزالي بات ممكناً، في حين لا توجد أي دراسات معتمدة حول ذلك، حتى في دول كاليابان، والتي تُعدّ من الدول الرائدة بهذا الاختصاص.
وشهدت المناطق الساحلية ومحافظة اللاذقية تحديداً، خلال الأيام الماضية، منخفضاً جوياً شديداً، ترافق بفيضانات وسيول وصواعق رعدية، دفعت بسكان هذه المناطق لاستحضار أجواء ليلة زلزال 6 شباط المدمّر، الذي ضرب محافظات شمال غرب سوريا، وراح ضحيته محلياً نحو 1500 شخصاً، وتهجّر أكثر من 300 ألف آخرين من منازلهم.
بشرى سعيد – تلفزيون الخبر