فلاش

في الذكرى الرابعة لتفجير مأذنة وسرقة منبر الجامع الكبير في حلب .. لن ينسى الحلبيون “ حجي مارع “

أتت الحرب السورية المندلعة منذ سبعة أعوام على كل تفاصيل الحياة السورية من بشر وحجر وتاريخ وجغرافيا، ولم يسلم من حرب الوجود هذه أي مقدس بدءا بالانسان مرورا بالأرض وصولا للأديان.

وفي 24 نيسان من عام 2013 قام مسلحو ما يسمى بـ “جيش التوحيد” بتفجير وهدم مأذنة جامع حلب الكبير أو الجامع الأموي في حلب، ولم يكتف المسلحون التابعون لـ “حجي مارع” بذلك بل قاموا بعدها بأقل من شهر في 12 أيار بنقل ما تبقى من المأذنة والمنبر وهربوها لتركيا.

وبعد انتهاء الحرب، ولو جزئياً، في حلب إثر تحرير الجيش العربي السوري لها، وبعد خروج التنظيمات المتشددة من أحيائها الشرقية، وكان سبقهم بأعوام مقتل عبد القادر الصالح أو “حجي مارع” مزارع البطاطا الذي أصبح قائداً لـ “الثورة” التي سرقت حلب وتاريخها، لم تعد مأذنة جامع حلب الكبير، كغيرها من تاريخ سوريا الذي نهب.

وتعد المنابر المتعاقبة للجامع الأموي بحلب من أجمل المنابر في العالم الإسلامي فصنع المنبر الأشهر بعصر الملك العادل “نور الدين الزنكي” وكان توأم المنبر الذي أرسل من حلب لبيت المقدس بعد تحريرها من الصليبيين وكان مصنوعا من الخشب المرصع بالصدف والعاج وخيوط الفضة.

وخطط نور الدين الزنكي ليكون ذالك المنبر هو أول منبر يضعه في المسجد الأقصى حين تحريره ولكن احتراق منبر الأموي حينها دفع الزنكي لوضعه بحلب وأمر بصنع المنبر التوأم من قبل نجار من منطقة اخترين في حلب, قبل أن يحرر “صلاح الدين الأيوبي” الأقصى من الصليبيين ويجلبه من حلب.

واحترق منبر الزنكي حينما دخل “حلب” صاحب “سيس” /عاصمة أرمينية الصغرى/ إلى الجامع وأحرق الجانب القبلي منه وذلك في العام 1285 م ثم قام قام السلطان المملوكي المنصور قلاوون في العام 1326 باستبدال المنبر المحترق.

وكتب على تاج باب المنبر المملوكي : “عمل في أيام مولانا السلطان الملك الناصر أبي الفتح محمد عز نصره، وتحت ذلك: عمل العبد الفقير إلى الله تعالى محمد بن علي الموصلي، وعلى مصراعي الباب: بتولي العبد الفقير إلى الله تعالى محمد بن عثمان الحداد، وكُتب وراء المنبر في أعلى الجدار: أمر بعمله المقر العالي الأمير الشمسي قراسنقر الجوكندار الملكي المنصوري عز نصره”.

وكان مكتوباً على المصراع الأيمن من الباب: عمله سليمان معالي رحمه الله، وعلى المصراع الأيسر: عمله حميد بن ظافر رحمه الله، وعلى الجهة الغربية اليمنى في أطرافه الأربع بعد البسملة “في بيوت أذن الله…” إلخ الآية، وفي الجهة اليسرى أي الملاصقة للمحراب في الأطراف الأربع أيضاً بعد البسملة “إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله…” إلخ الآية.

والمنبر كان مزيناً بالحشوات الخشبية من خشب الصنوبر والجوز والأبنوس ومرصع بالعاج والصدف وخيوط الفضة، وتم عزله عن الرطوبة وحمايته من السوس والحشرات بموادّ خاصة وتم تعويض بعض الأجزاء المفقودة وتم إعادة ترميمه في احتفالية “حلب عاصمة الثقافة الإسلامية” في 17 آذار 2006 م ولكنه ومنذ عصر المماليك لم يكن مثل المنبر القديم الذي صنعه “نور الدين الزنكي” حسب ما تناقله المؤرخون.

ويقول بعض علماء الآثار الحلبيين أن المنبر هو بارتفاع 3.57 م وعرضه 1.08 م، يصعد إليه الخطيب بعشر درجات ويتألف من أربعة أجزاء هي: المدخل، المجنبتان، مجلس الخطيب، المعبر.

يذكر ان منبر “نور الدين الزنكي” الذي حُمل إلى “القدس” لم يزل باقياً فيها إلى أن احترق حين دخول الصهاينة لبيت المقدس في العام 1969 م.

ومنبر حلب الأخير سرقه من سرق حلب ذات “ثورة”، ولم يخجل هؤلاء من سرقة التاريخ والجغرافيا والأرض، بل ووثقوا “عقوقهم” بشريط فيديو تم تسجيله بتاريخ 12-5-2013 يظهر قيام مسلحي “لواء التوحيد”، الذي يعد “معتدلا” بقيادة “حجي مارع”، بفك المنبر الذي كان شاهداً وحاضراً على جميع حروب الأمة في آخر سبعة قرون، ونقله إلى تركيا بعد قيامهم بتفجير مئذنة الجامع والتي بث بتسجيل فيديو أيضاً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى