العناوين الرئيسيةمجتمع

طلاب وأكاديميون يتحدثون عن علاقة طالب الدراسات العليا بالمشرف الأكاديمي في جامعات سوريا

يُعتبر المشرف الأكاديمي هو المرشد العام لطالب الدراسات العليا ويؤثر فيه بشكل كبير، فضلاً عن التأثير على محتوى البحث بإعطاء الملاحظات والتعديلات بما يضمن جودته وكفاءته، وبالتالي حصول الطالب على الدرجة العلمية التي يسعى إليها.

وحول تأثير الأساتذة المشرفين، أوضح الدكتور حسام بارودي (دكتوراه في اختصاص البستنة من كلية الهندسة الزراعية بجامعة تشرين) لتلفزيون الخبر أن: “تأثري بأستاذيّ المشرفين (أ.د. جرجس مخول و أ.د. وفاء شومان) قد بدأ منذ سنوات الدراسة الأولى ودفعني ذلك لحضور محاضراتهما في تلك المرحلة”.

وتابع “بارودي”: “ومن هنا بدأت رحلتي العلمية معهما، حيث سعيت ليكونا المشرفين في مشروع التخرج ومن ثم الماجستير والدكتوراه، وحملت كل مرحلة طابعها الخاص بإيجابياتها وسلبياتها وكان التأثر بهما حصيلة تلك المراحل كافةً”.

التواصل المستمر والمتابعة الدقيقة لخلق الحافز

وأوضح “بارودي” أن: “مساهمة المشرفين في بناء شخصيتي العلمية والإنسانية والاجتماعية كانت كبيرة، وذلك عبر جلسات علمية مستمرة تناولنا خلالها الأمور الأكاديمية المتعلقة بالبحث العلمي بالإضافة لنقاشات في كافة جوانب الحياة”، متوجهاً بالشكر والتقدير لأستاذيه المشرفين.

وبيّن “بارودي” أن: “التواصل مع المشرفين في مرحلة الماجستير كان مكثّفاً وبشكل دوريّ، كونها مرحلة أساسية لإعداد الباحث وصقل شخصيته العلمية وتعليمه أسس البحث العلمي، وكيفية تنفيذ خطوات العمل على أرض الواقع وقواعد كتابة وإخراج العمل العلمي”.

وأضاف “بارودي”: “أما في مرحلة الدكتوراه، فقد حرص المشرفين على تعليمي التجارب العلمية والعملية التي يجب تنفيذها في المخبر بشكل دقيق، رافقها دائماً شرح مسبق لكيفية وشروط العمل، ومن هنا أصبحت مسؤوليتي أكبر لتنفيذ التجارب وتقديم النتائج لمناقشة صحتها والتواصل معهما واللقاء في حال حدوث خلل أو مشكلة ما”.

كما أشار”بارودي” إلى أهمية متابعة المشرف الدقيقة لكافة خطوات تنفيذ العمل، قائلاً: “قد يحتاج العمل في بعض الأحيان قرارات حازمة من المشرف لا ندرك أهميتها في البداية، فقد كانت المتابعة والتدقيق في أصغر التفاصيل أمراً محفزاً بالنسبة لي للإنجاز وتقديم الأفضل، كما تم تدارك بعض الهفوات بالتعاون مع المشرفين”.

أبٌ علميّ وروحيّ، وعلاقةٌ سامية

وأكد “بارودي” أن: “شخصية المشرف العلمية والاجتماعية تلعب دوراً أساسياً في إعداد وصقل شخصية طالب الدراسات العليا، ويمكن تعميم الحالة بنسبة 90%، وبالنسبة لي فالمشرف بمثابة أب علمي وروحي لطالب الدراسات العليا من حيث التوجيه والتصويب، ومن فيض علومه وإنسانيته ومن خلقه الرفيع، كلها معايير تغرس فينا حب التميز والإبداع”.

وتابع “بارودي”: “يجب أن يكون اختيار الأستاذ المشرف مبنياً على قواعد وأسس صحيحة، مثل الاختصاص والشخصية العلمية والاجتماعية وغيرها، فالعلاقة بين الطالب وأستاذه المشرف علاقة سامية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، مبنية على الصدق والأمانة العلمية والاحترام والتعاون”.

وفي رده على سؤالٍ حول علاقته بمن يشارك في الإشراف عليهم من الطلاب، قال “بارودي” لتلفزيون الخبر: “أحرص على دعم ومساعدة طلاب الدراسات العليا للاستمرار في تحصيلهم العلمي رغم الظروف الصعبة التي نعيشها، لعل تجربتي تكون مفيدة لهم، لنعمل معاً على إعداد كوادر علمية شابة لتكون سواعد لإعادة إعمار بلدنا”.

ونصح “بارودي” طلاب الدراسات العليا في ختام حديثه: “بتحديد الهدف والمحافظة على الشغف بالتحصيل العلمي لأنه أساس للمتابعة بالعمل دون ملل، والصبر وتحمل مشاق طريق الدراسات العليا حتى تتكلل خطوات العمل بالنجاح، إضافةً للصدق والأمانة مع المشرفين ليكونوا خير داعم لتجاوز أية عقبة قد يتعرض لها الطالب”.

بدوره، قال المهندس المعماري حسن اسكندر (ماجستير في اختصاص البنى التحتية والخدمات والمرافق من المعهد العالي للتخطيط الإقليمي بجامعة دمشق) لتلفزيون الخبر إن: “بدأ تأثري بالمشرفين في سنة المقررات، حيث درّسني أحد المشرفين مقرراً تطبيقياً، وفي هذه المرحلة تأثرت بأفكار الدكتور ومنهجه البحثي وطريقة تعامله مع الطلاب، وتم الاتفاق حينها على أن يكون مشرفاً على بحثي”.

الدعم والابتعاد عن السيطرة والتطبيع

وتابع “اسكندر”: “خلال مرحلة البحث كان التأثر بمعظمه على الصعيد الأكاديمي، حيث سرتُ على خطى المشرفين في تراتبية العمل الأكاديمي والتنسيق، وكان الدعم الكبير الذي قدماه لي والمتابعة الدقيقة هما الدافع لإنهاء الرسالة بزمن قياسي”.

وأضاف “اسكندر” أن: “عمل كلا المشرفين (د. حسام سليمان و أ.د. ريدة ديب) على تصويب أفكاري بما يخدم موضوع البحث دون أن يتم تغييرها جذرياً، وحرصا على إعطاء أهمية لما أصل إليه من نتائج وصقلها لتصل في النهاية إلى مخرجات تناسب المرحلة الأكاديمية الحالية”.

وأكد “اسكندر” على تأثر المُخرَج البحثي بالعلاقة بين الطالب والمشرف، قائلاً: “تنعكس طريقة المشرف في طرح الأفكار والإقناع بعيداً عن التطبيع على نتيجة الطالب، حيث أن توجيه الطالب دون تحويله إلى نسخة من المشرف ودون فرض توجه مختلف عما يريده يحقق نتائج أفضل”.

التواصل عن بُعد

وأشار “اسكندر” إلى: “أهمية التواصل الشخصي مع الأستاذ المشرف، وأن التواصل الإلكتروني عن بُعد لا يُغني عن النقاش مع المشرف شخصياً في الأفكار المتعلقة بالبحث، إلا أنه يمكن الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي لتخفيف عناء السفر والتكاليف على الطلاب الذين يقيمون في محافظات بعيدة عن الجامعة التي يدرسون فيها”.

وبيّن “اسكندر” أن: “كان التواصل مع الأساتذة المشرفين خلال مرحلة البحث بشكل شخصي ودوريّ، إضافة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي نظراً لتواجدي خارج محافظة دمشق، وتلعب مرونة المشرف وتقبله للتواصل عن بُعد دوراً كبيراً في تحقيق فائدة أكبر للطالب”.

نظرة خاطئة، وفائدة مُحققة

وخلافاً لما يتم تداوله بين طلاب الدراسات العليا عادةً عن صعوبة التنسيق بين مشرفين، أوضح خريج كلية الهندسة المعمارية في جامعة تشرين لتلفزيون الخبر أن: “وجود أكثر من مشرف ليس أمراً مرهقاً للطالب، ويجب ألّا يتم تعميم هذه الفكرة”.

وأضاف “اسكندر”: “إن وجود مشرفين يعني أن اختصاص كلاً منهما يكمل الآخر، وهو أمر يعود على الطالب بالفائدة ليصل إلى نتائج أفضل، وهذا ما حققته على الصعيد الشخصي في بحثي”.

وحول ما قدمته له هذه المرحلة، قال “اسكندر” إنها: “شكلت إضافةً كبيرةً لي وأصبحتُ شخصاً أكثر أكاديمية، كما أن سنوات الدراسة في مرحلة الماجستير تعادل السنوات الخمس التي قضيتُها في كلية الهندسة المعمارية، وذلك تبعاً للتخصص في مجال ذو أهمية كبيرة في مرحلة إعادة الإعمار التي يشهدها البلد حالياً”.

ونصح “اسكندر” الطلاب المقبلين على تجربة الدراسات العليا: “بالبحث عن اختصاص الماجستير الذي يكمل الاختصاص الذي درسوه سابقاً والحصول على المعلومات اللازمة عنه قبل التسجيل، وأن يستمتعوا بالمرحلة التي ستحقق لهم نقلة نوعية على الصعيد الشخصي وتغير نظرتهم للأمور، وأن يكون هدفهم هو تحقيق الفائدة وصقل الشخصية وليس اللقب فقط”.

صعوبات ومعوقات

تجدر الإشارة إلى أن طالب الدراسات العليا يواجه في هذه المرحلة مجموعة من العقبات التي تعترض طريقه، منها: “الأوضاع الاقتصادية القاسية التي يعيشها السوريون وتجعل متابعة الدراسة أمراً صعباً”، وفق ما ذكره الدكتور حسام بارودي والمهندس حسن اسكندر في سياق حديثهما لتلفزيون الخبر.

وأضافا أن “صعوبة الحصول على البيانات من الجهات الرسمية في بعض الأحيان، وقلة عدد المراجع في مكتبات الجامعات” من أهم الصعوبات أيضاً.

يُذكر أن المشرف الأكاديمي يلعب دوراً جوهرياً وحسّاساً في مسيرة طالب الدراسات العليا، وتُوصف العلاقة بين المشرف والطالب في هذه المرحلة الدراسية بأنها متغيرة مع مرور الوقت، ونضج طالب الدراسات العليا وتقدمه الدراسي.

يُشار إلى أن إظهار المشرف لاهتمامه الشخصي بالبحث يولّد لدى الطلاب شعوراً بالرضى ويحفزهم لتقديم أبحاث تحصل على درجات عالية، وذلك وفقاً لدراسة أجراها مجموعة من الباحثين الهولنديين ونُشرت عام 2012 في مجلة “Studies in Higher Education”.

جلال نادر – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى