في الذكرى 84 لسلخ اللواء.. تركيا و”إسرائيل” وجهان لمحتل واحد
تحدث المؤرخ ستيفين لونغريج أن “مدينة الاسكندرون هي الألزاس واللورين السورية” وذلك لأهمية هذه المنطقة التي تآمرت فرنسا وبريطانيا وتركيا لسلخها عن وطنها الأم سوريا قبل 84 عاماً.
وفي أساس الحكاية، أنه بعد خروج الدولة العثمانية من الحرب العالمية الأولى مهزومة هزيمة ساحقة، أقرت عبر معاهدة “سيفر” في عام 1920 بعروبة اللواء، إلا أن “مراسيم التقسيم” التي أصدرها الجنرال غورو بين 1920 و1921 صنفت اللواء كدولة مستقلة حتى إعادة ربطها بالدولة السورية عام 1926.
وفي عام 1936 اندلعت تظاهرات عمت جميع المدن السورية مطالبة بالاستقلال، وعلى أثرها رضخت فرنسا وعقدت مع سوريا معاهدة تتضمن الحرية والاستقلال بما في ذلك لواء اسكندرون.
ورفضت تركيا إجراءات إبقاء اللواء ضمن الدولة السورية، وطالبت بتحويله إلى دولة مستقلة ورفعت القضية إلى عصبة الأمم، فيما خالفت فرنسا صك الانتداب الذي يمنع الدولة المنتدبة من التنازل عن أي جزء من الاراضي المنتدبة عليها.
وفي كانون الأول عام 1936 بحثت عصبة الأمم الطلب التركي الذي زعم أنه يريد حماية حقوق الاتراك الذين يتعرضون للاضطهاد والحفاظ على حريتهم في اللواء، فاقترح رئيس مجلس العصبة إرسال ثلاثة مراقبين دوليين، وتمت الموافقة على الاقتراح رغم معارضة تركيا له.
وقدمت اللجنة تقريرها بأن الأغلبية العظمى من السكان هم عرب سوريون، وأن الأتراك لا يشكّلون إلّا نسبة ضئيلة والسكان العرب يعارضون انضمام اللواء إلى تركيا.
واتفقت فرنسا وتركيا على جعل اللواء منطقة مستقلة ذاتياً في نطاق الوحدة السورية، وفي هذه الأثناء يوم جاء دور فرنسا للتنازل عن لواء اسكندرون، حيث قدمت تركيا “مطالب” بفصل اللواء عن سوريا وهددت باستخدام القوة إذا لم يتم هذا الفصل.
في تموز 1938 دخلت القوات التركية بشكل مفاجئ إلى مدن اللواء واحتلتها وتراجع الجيش الفرنسي إلى أنطاكية، وعقدت فيما بعد الحكومة التركية صفقة مع الحكومة الفرنسية وبموافقة البريطانيين على ضمان دخول الأتراك إلى صف الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، مقابل السماح للأتراك بضم اللواء بشكل كامل.
وفي عام 1939 أشرفت الإدارة الفرنسية على استفتاء في اللواء حول الانضمام لتركيا فاز فيه الأتراك وشكك العرب بنتائجه، خصوصاً أن الأتراك تلاعبوا بالأصوات لصالحهم.
ثم ابتدأت سياسة تتريك اللواء وتهجير سكانه الأصليين إلى بقية الوطن السوري، حيث سرقت كل أراضي السوريين الزراعية في تلك المنطقة دون أن تدفع تركيا أموالاً للمتضررين، ثم قامت تركيا بفرض اللغة التركية كل ما هو عربي في اللواء.
ووسط انشغال العالم في تفاصيل الحرب العالمية الثانية وويلاتها، قامت تركيا في 29 تشرين الثاني عام 1939 بسلخ اللواء كلياً عن سوريا وإعلانه مدينة تركية أسمتها “هاتاي”.
ولم ينس التركي أن اللواء سوري وأهله سوريون رغم احتلاله، حيث قام بإهمال مناطق اللواء والتمييز بين سكانه، وظهر ذلك بشكل جلي خلال كارثة زلزال 6 شباط 2023، حيث لم تعر السلطات التركية أي اهتمام بمناطق اللواء المنكوبة وتركت أهلها دون مأوى أو نجدة أو مساعدة بشيء ليخالف كل الأعراف الإنسانية والدولية والتهمة فقط أن اللواء لم يتخلى عن هويته السورية.
اليوم وفي الذكرى 84 لسلخ لواء اسكندرون يربط السوري بين ما تقوم به تركيا من عمليات احتلال وتهجير واغتصاب حقوق في الشمال السوري منذ مطلع الحرب في 2011، وبين ما تقوم به ألية الاحتلال الصهيوني من فظائع في الجولان السوري المحتل وفلسطين المحتلة سيما قطاع غزة الذي يسهد عدواناً مستمراً خلف حوالي 15 ألف شهيد بأقل من شهرين.
يشار إلى أن العلاقات التركية “الإسرائيلية” تعتبر ممتازة، حيث تبلغ عمليات التبادل التجاري والاقتصادي بين أنقرة و”تل أبيب” مليارات الدولارات سنوياً، وذلك لم ينقطع حتى في ظل العدوان الحالي على غزة، حيث أرسلت تركيا حوالي 220 سفينة مساعدات للاحتلال.
يذكر أن الغرب كان من الداعمين لعملية سلخ اللواء عن سوريا قبل 84 عاماً ومن المساعدين والمسهلين لإقامة كيان الاحتلال عام 1948، واليوم يعيد ذات الأمر عبر محاربته للدولة السورية وصمته عن جرائم الاحتلال التركي في الشمال، إضافة لدعمه ماكينة القتل الصهيونية ضد الأهالي في غزة وجميع ذلك تحت عباءة الحريات والديمقراطيات.
جعفر مشهدية-تلفزيون الخبر