هالة الحسامي.. ومتلازمة البطولات والعطاء والفن
بعيون تبوح بالحب خلف نظارتها، وفي تركيز كامل لا يقطعه ضجيج المعرض المشاركة به في حمص، تمسك هالة الحسامي سنارتها بإتقان وعزم لتصنع بها كنزة صوف ستدب الدفء لاحقاً في جسد طفل ما.
تبتسم هالة (33 عاماً) للمارين أمام طاولتها، وترد السلام على الجميع، وتجيب على الأسئلة المتعلقة بحياكة الصوف الموجود أمامها بكل ثقة ومودة.
“بحط السنارة هون وبلف الخيط حواليها وهيك”، تشرح هالة، وهي مصابة بمتلازمة داون، لتلفزيون الخبر، خلال معرض بازار إبداع المقام في حمص كيفية عمل السنارة في حركات منتظمة حتى الانتهاء من حياكة الكنزة.
وليس ببعيد عنها، تجلس والدة هالة، سحر الأخرس، لتعرف عن منتجات يدوية قامت ابنتها بصناعتها ضمن جناح خاص لجميعة رعاية الطفل، حيث قررت هالة أن تشارك بدورها في تقديم كل ما تستطيع للأطفال الآخرين من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وقالت سحر لتلفزيون الخبر: “هالة أول أطفالي الذين أنجبتهم عندما كنت في العشرين من عمري، وكنا مسرورين للغاية عند ولادتها كونها الحفيد الأول من جهة عائلتي وثانيهم بالنسبة إلى عائلة زوجي”.
“ما كنا منعرف أول شي”، تتابع سحر، فإصابة هالة بمتلازمة داون لم تكن ظاهرة في الأشهر الأولى من عمرها، والحقيقة أن الطبيب أخبر كل العائلة منذ اللحظة الأولى باستثنائي”.
“زوجي انصدم بداية الأمر”، تكمل سحر، وصارحني بعد فترة زمنية أنه لم يعرف طريق العودة إلى المنزل في اليوم الذي عرف فيه وضع هالة، لكننا قررنا تجاوز الصدمة والعمل معها خطوة بخطوة”.
“تعاهدنا على رعايتها بكل قوتنا”، تردف سحر لتلفزيون الخبر، وكان للعائلة دور كبير بمساعدتنا على الاهتمام بها، إلا أن الدور الأكبر كان لشقيقها سمير وشقيقتها سنا في ذلك”.
وأكملت سحر: “ذهبت هالة إلى الروضة وكونت علاقات اجتماعية كثيرة، واكتشفنا في فترة مبكرة حبها لرقص الباليه، حيث تمرنت على ذلك لفترة من الزمن وأصبحت راقصة باليه على مستوى حمص وشاركت في كل حفل يتضمن هذا النشاط”.
وتابعت سحر لتلفزيون الخبر: “تعلمت هالة على الكمبيوتر منذ الصغر، كما أنها تتكلم كلمات إنكليزية وتقرأ قليلا ً، إلا أن موهبة أخرى ظهرت عندها بشكل واضح وهي الرسم”.
“والفن ألو حصة عند هالة”، تكمل سحر، حيث مارست الرسم منذ سنوات طويلة وأقامت معرضها الخاص الذي ضم أكثر من /40/ لوحة مطلع آب 2009 ، وبيعت كل اللوحات حينها وتبرعت بها لصالح أطفال الجمعية”.
“طباخة عالأول”، تقول سحر، حيث تقوم هالة بإنجاز مختلف أصناف الحلويات لاسيما المبروشة والسوكسيه، كما أنها شاركت بمعرض من خلال الحلويات وباعت كل الكمية، بالإضافة إلى أنها عملت في محل خاص ببيع الألبسة”.
“وبطلة كمان”، تكمل سحر، وبدأت هالة مشوارها الرياضي مشاركة بعدة ألعاب، فمارست كرة السلة والريشة الطائرة ورفع الاثقال وحققت في رفع الاثقال الميدالية الفضية في بطولة واحدة فقط عام 2009، كما مثلت سوريا في البطولة الاقليمية في أبو ظبي عام 2018 وحازت على المركز الثاني”.
“بتحس بالاطفال ومساعدتهم هوس حقيقي”، تبين سحر لتلفزيون الخبر أن وضع هالة وإصابتها بمتلازمة داون خلق بداخلها ومنذ الولادة كمية كبيرة من العطف والحنان الذي تتعامل به مع رفاقها، وتعمل حالياً متطوعة في الجمعية وتساعد جميع الأطفال فيها”.
وتابعت سحر: “تشارك هالة كعضو في فريق عطاء التطوعي وتشارك في جميع الأنشطة الخاصة به، بالإضافة كونها عضو فعال في فريق الدندشي التعليمي أيضا ً”.
وأشارت سحر إلى أن “هالة تعمل منذ ثلاث سنوات في مجمع لمسة حمصية وتتقاضى راتباً شهرياً، وذلك لقاء العمل في المنتجات اليدوية مع زميلاتها في العمل”.
وتوجهت سحر لكل الأسر التي تضم متلازمة الداون بأن يحاولوا إخراج طاقات أبنائهم في الرسم أو في أي من الفنون الأخرى.
وبشخصية قوية وهادئة في الوقت نفسه، تختم هالة لتلفزيون الخبر بالحديث عن أحلامها، لكن أكثرها حضوراً في قلبها هو افتتاح محل خاص لبيع الشمع وتسميته “شو حلو”.
عمار ابراهيم_ تلفزيون الخبر