ماذا تعرف عن قطاع غزة؟ .. الحكاية الكاملة
قطاع غزّة، هو المنطقة الجنوبية، من السهل الساحلي الفلسطيني، على البحر المتوسط، يشكّل شريطاً ضيّقاً شمال شرق شبه جزيرة سيناء.
سُمّي بقطاع غزة، نسبةً لأكبر مدنه، وهي غزة، حيث تحده الأراضي الفلسطينية المحتلة، شمالًا وشرقًا، بينما تحده مصر من الجنوب الغربي.
يعتبر قطاع غزة، من أكثر مناطق العالم كثافة بالسكان، بمقارنة مساحة القطاع الصغيرة، والتي تقدر بنحو 365 كيلو متر مربع، مع عدد السكان الذي يقارب 2 مليون نسمة، مما لا يبشر العدو، بأي مستقبل للاستيطان.
لطالما شكلت غزة مشكلةً وهاجساً ،لدى كيان الاحتلال، وهذا ما عبر عنه رئيس وزراء الاحتلال الأسبق “اسحاق رابين”، عندما قال: “أتمنى أن أستيقظ صباحاً، فأجد البحر قد ابتلع غزة”.
سخّر العدو ميزانيات هائلة ، للحرب على قطاع غزة، حاصروه، وضيقوا عليه حتى في الغذاء والدواء ، ومنعوا تصدير منتجاته، ولم يسمحوا لغير المساعدات الإنسانية بالدخول إليه.
وقع قطاع غزة، تحت الانتداب البريطاني 1920، وعندما أصدرت الأمم المتحدة قرار تقسيم فلسطين، إلى دولتين عربية، ويهودية، عام 1947، كانت مدن جنوب الساحل الفلسطيني، ضمن الأراضي الفلسطينية، غير أن ذلك لم يحدث، إثر تداعيات حرب 1948.
في حرب 1948، هجّرت قوات العدو، الكثير من الفلسطينين، ودفعت بهم جنوباً إلى شريط ضيق، حتى مشارف غزة، وفي 24 شباط 1949، وقعت كل من مصر والعدو الصهيوني، هدنة قضت باحتفاظ مصر بالسيطرة على القطاع الضيق.
بقي القطاع تحت الحكم المصري، حتى حرب 1967، باسثناء 5 أشهر، احتل فيها جيش العدو القطاع، ضمن العدوان الثلاثي على مصر1956.
في حرب 1967 توسعت “إسرائيل”، فاحتلت شبه جزيرة سيناء، ووقع القطاع مرة ثانية، تحت سيطرة الكيان الصهيوني المحتل، الذي صادر مساحات كبيرة، من أراضي غزة، وأقام العديد من المستوطنات.
في عام 1987، انخرط سكان مدينة غزة، في الانتفاضة الفلسطينية الأولى، قامت المظاهرات في المدينة، ونفذت الاعتقالات خارج البيوت، وفرض حظر التجول، ومنع السفر.
وفي أيار 1994، انسحبت قوات العدو، من قطاع غزة، بشكل جزئي، بعد اتفاق ” أوسلو”، تاركة مستوطنات عديدة، وظل فعلياً تحت سيطرة الاحتلال، المتحكم بالمعابر والحدود، برّاً، وبحراً، وجوّاً.
رفضت “حماس” اتفاق “أوسلو”، كونه أعطى العدو الحق في السيطرة على 78٪ من أرض فلسطين، وأعلنت استمرار عملياتها ضد قوات الاحتلال.
شكلت الزيارة الاستفزازية، التي قام بها “ارئيل شارون”، لباحة المسجد الأقصى، بحراسة ألفي جندي صهيوني، شرارة الانتفاضة الفلسطينية الثانية، في أيلول عام2000، والتي عرفت ب “انتفاضة الأقصى”.
ونفذ العدو في تلك الفترة، غارات جوية على قطاع غزة، واغتال القيادي في حركة حماس”صلاح شحاده”، وتوالت الاغتيالات في الأعوام التالية، حيث طالت مؤسس الحركة الشيخ “أحمد ياسين”، والقيادي “عبد العزيز الرنتيسي”.
كما ردت “حماس” على اعتداءات العدو المتكررة، بعدة عمليات مؤثرة، بينها هجمات في “نتانيا”، وهجمات ضد ملاهٍ ليلية، داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما أدى لمقتل وإصابة عشرات “الإسرائيليين”.
لم تنجح همجية العدو، واعتداءاته الوحشية، بوقف الانتفاضة، أو كسر حركة “حماس”، التي بدأت بناء شبكة من الأنفاق تحت الأرض، والتي شكلت تهديداً لجيش العدو، الذي لم يتمكن من التعامل معها، بسبب عمقها الكبير تحت الأرض، وخرائطها المتشعبة.
وبذلك انتهى الحكم العسكري للعدو، على قطاع غزة، عام 2005، في عهد رئيس الوزراء “أريئيل شارون”، وتمّ إزالة 21 مستوطنة، من القطاع، وإخراج المستوطنين، والقواعد العسكرية من القطاع.
جرت انتخابات تشريعية عام 2006، فازت بها حركة “حماس”، بعدد كبير من مقاعد البرلمان الفلسطيني، اندلعت بعدها العديد من المناوشات، بين حركتي فتح، وحماس، لتسيطر بعدها حماس على كامل القطاع عام 2007.
فرض بعدها العدو حصار بري، بحري، وجوي،على القطاع، شمل الحصار منع الأشخاص، والبضائع، من الدخول، أو الخروج من المنطقة، ومنع أو تقنين دخول المحروقات، والكهرباء، ومنع الصيد في عمق البحر، وغلق المعابر بين القطاع وما يحيط به.
وفي نهاية عام 2008، وبداية عام 2009، بدأ العدو حرب عدوانية، على قطاع غزة، قصف فيها المنازل، والمساجد، والمستشفيات، ليبدأ بعدها الزحف البري، واستخدم العدو الأسلحة المحرمة دولياً مثل القنابل الفسفورية المسرطنة، والقنابل آجلة التفجير، وغيرها.
نزح كثير من الفلسطينيين، إلى معبر رفح، لكن الإدارة المصرية، منعت النازحين من الدخول إلى الأراضي المصرية، كسر النازحون معبر رفح، في آذار 2008، ودخلوا مصر.
قصف العدو غزة قصفاً عشوائياً عام 2012، طال المدنيين بشكل رئيسي، وردت المقاومة الفلسطينية، عبر قصفها لمدن “تل أبيب”، “هرتسيليا”، و”بئر السبع”، بعشرات الصواريخ.
بدأت “حماس” تطور قدراتها الصاروخية، وتستخدمها كسلاح ردع ضد العدو، وفي صيف 2014، شنَّ العدو حرباً أخرى على غزة، وردت المقاومة الفلسطينية، بمعركة “العصف المأكول”،وعملية “البنيان المرصوص”.
في عام 2016، نُشر تقرير عن وزارة الصحة بغزة، أن 56% من حالات العلاج في الخارج، لم يسمح لها بالسفر، بالإضافة إلى أن نسبة العجز، في الأدوية الأساسية، بلغت 47%، بما فيها أدوية السرطان، وأمراض الدم.
وفي عام 2022، نشر “المرصد الأورومتوسطي” لحقوق الإنسان، تقريراً يوثق فيه تداعيات الحصار “الإسرائيلي”، على قطاع غزة.
ذكر التقرير أن نسبة البطالة، قبل فرض الحصار في عام 2005، كانت نحو 23.6%، لكن مع استمرار الحصار وصلت إلى 50.2%، عام 2021، لتكون بين أعلى معدلات البطالة في العالم.
وبحسب المصدر، فإنَّ معدلات الفقر، قفزت من 40% في عام 2005، إلى 69% في عام 2021، حيث تقلّص نصيب الفرد، من الناتج المحلي الإجمالي، إلى ما لا يزيد عن 18%.
لم تتوقف الفصائل في القطاع عن تنفيذ الهجمات، بالإضافة إلى أنَّ معظم القيادات التاريخية، سواء في إطار الحركات الوطنية، أو حتى الحركات الإسلامية، تشكلت في المدينة.
وبعد طوفان الأقصى، وفي اليوم الـ27 من الحرب على قطاع غزة، أعلن المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، في 2/11/2023، ارتفاع عدد ضحايا القصف “الإسرائيلي”، إلى 9061 شهيداً، و32000 مصاب.
عبر التاريخ، وحتى الآن، جربت “إسرائيل”، كافة الوسائل، من اعتداءات عسكرية، وقصف جوي، وحصار، وتضييق إنساني واقتصادي، لإخضاع غزة، ولم ينجح كل هذا بإسكات صوت القطاع المقاوم.
تلفزيون الخبر