فلاش

خياطة سوريا في زمن الحرب .. “بترقع لناس..وبتقص دهب لناس”

الأقمشة بأنواعها..الخيطان..و”ماكينة” الخياطة ربما لا تشكل هذه الوسائل شيئاً لأحد،لكنها من المؤكد عناصر مهمة لمهنة متكاملة “كان لها “عزها” سابقاً، ومع غلاء أسعار الألبسة الجاهزة عاد هذا “العز” ليأخذ مكانه.

فالأم التي تربي أربعة أو خمسة أبناء، وفي ظل هذه الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها أغلب الناس، أصبح من العسير عليها شراء الملابس لكل الأبناء، فمنهم من كبر وملابس أخيه الأكبر تناسبه “فَلِمِ الإسراف؟”، و”لِمِ كانت الخياطة أساساً؟”.

وتعد مهنة الخياطة من المهن التي تطورت مع التاريخ، حيث كان “للخَيّاطة” سابقاً في محافل النساء أهمية كبيرة، فهي التي تفصّل وتصنع الأثواب المزركشة، وهي من تفصل “فستان العروس”، وهي من تصنع كل ما يمكن أن تحتاجه الأسرة من ألبسة.

ومرت السنون وشيدت مصانع الألبسة الجاهزة في سوريا، وكان منها ما يضاهي في صناعته أجود الصناعات في العالم، وكانت مدينة حلب أهم مدينة لتصنيع الألبسة الجاهزة في سوريا، إلى أن جاءت الحرب لتهدم تلك الصناعة وتترك القليل منها، وبالتالي يجد التجار حجتهم لرفع الأسعار.

ولجأت بعد ذلك كثير من العائلات إلى تصليح وتضييق ألبستهم القديمة، ومنهم من فضل شراء القماش ليفصل مايريده من لباس كيفما يشاء وعند أحد الخياطين.

وقالت سيدة لتلفزيون الخبر: “مع ارتفاع أسعار الملابس ليس من الممكن ان أشتري لكل أولادي ملابس”، مضيفةً: “أجمع الملابس القديمة لأولادي الكبار، وآخذها للخياط ليأخذ قياسات الأصغر منهم ليصبح بإمكانهم استخدامها”.

وفي جانب آخر، ازدهرت الخياطة والخياطيين فأصبحت مهنتهم “تقص دهب” وذلك في ورشات الخياطة التي تقام في الأحياء التي يسكنها ميسوري الحال”.

والفتاة المقبلة على حفل زفافها تقوم بحجز موعد يسبق ذلك الحفل بشهور طويلة لتفصل”فستان الاحلام” وبالتالي يكون الخياط على موعد مع تقاضي”مبلغ الأحلام”.

وقالت يارا لتلفزيون الخبر: “ذهبت إلى مشغل لتفصيل فساتين الزفاف لأقوم بحجز موعد، طلبوا مني مبلغ مقدم 100 ألف ليرة، قبل البدء بالتفصيل أو حتى أخذ القياسات، حتى عدلت عن فكرة التصميم وغادرت المشغل”.

ويمكن أن يكون هكذا مبلغ “مبلوع” بالنسبة لفستان زفاف أسطوري، لكن الملفت أن ارتفاع تكاليف الخياطة طالت فساتين “أم العروس وأخواتها”.

وفستان “السواريه” الذي كانت كلفته سابقاً تصل لـ 30 ألف ليرة “إن كترت” أصبح اليوم يصل لكلفة 250 ألف ليرة، وفق ما أكدت سيدة لتلفزيون الخبر.

وقالت صاحبة مشغل خياطة في دمشق لتلفزيون الخبر: “إن كلفة الخيطان والكلف مرتفعة، إضافةً لانقطاع الكهرباء المتكرر الذي يجبرهم للعمل على المولدات التي تصرف كثيراً من البنزين، لإنهاء الفساتين في المواعيد المحددة، مما يجبرهم على رفع الأسعار”.

وأضافت أن “أجور العاملين في المشغل تزيد من أسعار التفصيلات أيضاً”، مردفةً أن كثيرات من رواد مشغلها “لا مشكلة لديهن بالأسعار المرتفعة مقابل أن يلبسن فستان “ما لبسوا حدا قبلهن””.

وهكذا تغدو الخياطة التي كان الناس سابقاً يستخفون بها ويرون من يقوم بتفصيل الملابس “دقة قديمة”، حرفة ذهبية عاد لها “عزها” القديم.

وتنوعت مجالات استغلالها بين السيدات، فمنهن من كانت سيدة مدبرة لأن ظروفها لا تسمح لها إلا أن تكون كذلك، ومنهن من اتخذت من الخياطة وسيلة مستحدثة لترتدي “فستان مالبسوا حدا قبلها”.

روان السيد – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى