شيخ المجاهدين الذي باع بيته لشراء السلاح.. عز الدين القسام المقاوم السوري الفلسطيني
اشتهر الشيخ عز الدين القسام كواحد من رموز الانتفاضات العربية، حيث قاوم الانتداب الفرنسي على سوريا، والانتداب البريطاني على فلسطين.
ولد الشيخ عز الدين القسام في مدينة جبلة، اللاذقية سنة 1883م، نشأَ في أسرة متديّنة، عندما بلغ الرابعة عشرة، ارتحل إلى الجامع الأزهر، بالقاهرة، سنة 1896م، وتخرّج منه سنة 1906، وتأثر بالشيخ “محمد عبده”، وواكب الحركة القومية الناشطة، في مصر ضد بريطانيا.
عاد القسام إلى أهله، وكان المجتمع الريفي ينقسم إلى طبقة الأفندية، وطبقة الفلاحين، وروى عبد الوهاب زيتون الجَبَلي، أنَّ القوى الإقطاعية تألبت عليه، وأرادت نفيه إلى “إزمير” التركية، للتخلص من صوته الجريء.
بعد أمد قصير، توجّه إلى إسطنبول، ليطّلع على الأساليب المتّبعة في الدروس المسجدية، ولم تطل رحلته هناك، لأنه شاهد في القرى والمدن التي زارها من الجهل ما روّعه.
آمن القسام أنّ الجهل هو سبب كل تخلف، عاد إلى مدينته، جبلة، وفتح مدرسة، ودرّس الأطفال نهاراً، والكبار مساءً، كما درّس الحديث وتفسير القرآن الكريم، ثم عُيّن موظفاً في شعبة التجنيد بجبلة.
عندما احتلت إيطاليا ليبيا، عام 1911، خرج القسام إلى الشوارع، يقود الجماهير في مدن الساحل وقراه، وقام بقيادة حملات تجنيد الشباب، وجمع الأموال، والمؤن، لمساعدة المجاهدين في ليبيا.
ثار القسام مع مجموعة من تلاميذه، في وجه الفرنسيين، الذين احتلّوا الساحل السوري، باع بيته لشراء السلاح، ليكون قدوة للناس في الجهاد بالمال والنفس، وقام بتدريب المتطوعين على استعمال السلاح، وفنون القتال، لبّى نداءَه جمعٌ غفيرٌ من أهل جبلة.
دعم الشيخ القسام، “ثورة جبل صهيون”، التي قادها عمر البيطار، فأصدرت سلطات الانتداب الفرنسي، حكماً غيابياً بإعدامه، وطارده الفرنسيون، فقصد دمشق إبان الحكم الفيصلي، ثم غادرها بعد استيلاء الفرنسيين عليها، ليتوجه إلى حيفا في فلسطين.
تولى في حيفا إمامة جامع الاستقلال، ورئاسة جمعية “الشبان المسلمين”، جاب القرى، ودعا العرب إلى التوحد لمحاربة التمدد الصهيوني، فكوّن خلايا سرية، ترافق مع جمع التبرعات من الأهالي لشراء الأسلحة.
بدأت القوات البريطانية، تشدّد الرقابة على تحركاته في عام 1935، فقرّر الانتقال إلى الريف، وأقام في قضاء جنين، ليبدأ عملياته المسلحة من هناك.
وكشفت القوات البريطانية أمر “القسام”، فتحصن هو وأتباعه بقرية “نزلة الشيخ زيد”، فلحقت القوات البريطانية بهم، وقطعت الاتصال بينهم وبين القرى المجاورة، وطالبتهم بالاستسلام، لكنه رفض، واشتبك مع تلك القوات.
قتل “القسام” ورفاقه، في تلك المعركة، خمسة عشر جندياً إنكليزياً، واستمرت المعركة غير المتكافئة، لمدة ست ساعات، لتنتهي باستشهاد الشيخ القسام، وثلاثة من رفاقه.
كان لاستشهاد الشيخ عز الدين القسام، “زعيم المجاهدين” كما يصفه الفلسطينيون، في 20 تشرين الثاني 1935، الأثر الكبير، في اندلاع “الثورة الفلسطينية الكبرى” عام 1936.
وقالت جريدة “الجامعة العربية”، في عددها الصادر في الثالث من كانون الثاني عام 1936 “يحتفل أبناء فلسطين بإحياء ذكرى مجاهد من سوريا الشمالية سقط شهيداً في سبيل استقلال سوريا الجنوبية، وقاد حملة جهاد لعلها الأولى من نوعها في تاريخ الإسلام الحديث في فلسطين وسوريا والشرق العربي بأسره”.
اختارت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، الشهيد عز الدين القسام، ليكون اسماً لجناحها العسكري، فهو القائد، والشهيد، والبطل، والمفكّر، الشهادة، ورمز وحدة الألم والحلم العربي.
تتابع اليوم كتائب القسام، المسيرة التي بدأها ” شيخ المجاهدين”، لتحرير الأرض، والحقّ، والحلم، وتقود عملية “طوفان الأقصى”، التي شكلت صدمة لكيان الاحتلال بعد تنفيذ المقاومين لعملية اجتياح بري وجوي وبحري لمستوطنات غلاف غزة وتكبيد الاحتلال أكثر من 800 قتيل وأكثر من ألفي جريح وعدد غير محدد من الأسرى.
تلفزيون الخبر