الصوت الأقوى في الدفاع عن القضية الفلسطينية”.. في ذكرى وفاة الناقد والمفكر الفلسطيني إدوارد سعيد
يصادف يوم 25 أيلول من كل عام ذكرى وفاة المُفكِّر والناقد الأدبي الفلسطيني ادوارد سعيد، وهو واحدٌ من أهم عشرة مُفكِّرين في القرن العشرين ومن أكثرهم تأثيراً، لُقِّب بالصوت الأقوى في الدفاع عن القضية الفلسطينية.
وُولد سعيد في تشرين الأول 1935، بفلسطين، وكان والده يخدم في الجيش الأمريكي، فمُنِحوا على إثر ذلك الجنسيةَ الأمريكية.
ودرس سعيد في مدرسة القديس جورج الأنجليكانية بالقدس، وكلية “فيكتوريا” بمصر، و”نوثفيلد ماونت هيرمون” بالولايات المتحدة، ثم التَحق بجامعة “برينستون”.
وحصل سعيد على شهادة البكالوريوس في الفنون عام 1957، وماجستير الفنون عام 1960، وفي عام 1964 حصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة في الأدب الإنجليزي من جامعة “هارفارد”.
وعمل سعيد أستاذاً ومحاضراً للأدب المقارن في العديد من الجامعات الأمريكية مثل جامعة “هارفارد”، وجامعة “كولومبيا”.
وكان سعيد عضواً في مركز الدراسات المتقدِّمة للعلوم السلوكية في جامعة “ستانفورد” للعام 1975-1976، ورئيساً لجمعية اللغات الحديثة، وعضواً في مجلس العلاقات الخارجية، والرابطة الفلسفية الأمريكية.
وعُرف سعيد بدفاعه المستمر عن القضية الفلسطينية؛ فكان عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني في الفترة من 1977 حتى 1991، عندما استقال احتجاجاً على اتفاقية أوسلو، وكان من أوائل المؤيِّدين لحل الدولتَين.
وصوَّت سعيد عام 1988 لصالح إقامة دولة فلسطين، وتَناوَل في كتاباته الصراعَ العربي الفلسطيني مثل: “القضية الفلسطينية”، “سياسة التجريد”، و”نهاية عملية السلام”، بالإضافة لتسجيله فيلماً وثائقيّاً لتلفزيون “BBC”، بعنوان “البحث عن فلسطين”.
وتابع سعيد كتاباته الفكرية والسياسية كي يستحصل لنفسه على “الإذن بالسرد” بالنيابة عن الفلسطينيين، كما سمّاه في أحد بحوثه، انطلاقاً من أن الغرب حرم الفلسطينيين هذا الإذن بسرد روايتهم، وفقاً لمواقع صحفية.
ودافع سعيد عن حق الفلسطينيين في تقرير المصير من خلال المشاركات العامة ووسائل الإعلام المتعددة في الولايات المتحدة ودول أُخرى، فأحدث أثراً كبيراً جعله من أبرز أنصار السردية الفلسطينية في الغرب على امتداد عدة عقود.
وأسَّس سعيد في كتاباته للعديد من النظريات الأدبية، ودراسات ما بعد الكولونية، والعلاقة بين الشرق والغرب، التي كان لها تأثيرٌ كبير في الأوساط الأكاديمية والثقافية في الولايات المتحدة وفي العالَم أجمع.
وعُرِف عن سعيد شغَفُه بالموسيقى ومهارتُه في عزف البيانو ببراعة، وكتابةُ العديد من المقالات والكتب حولَها، مثل: “مُتتاليات موسيقية”، “المُتشابِهات والمُتناقِضات: استكشافات في الموسيقى والمجتمع”، و”النموذج الأخير: الموسيقى والأدب ضد التيار”.
وللراحل المفكر إداورد سعيد العديد من الكتب مثل “الاستشراق: المفاهيم الغربية للشرق”، الذي قدَّم فيه أفكارَه عن دراسات الاستشراق الغربية المختصَّة بدراسةِ الشرق والشرقيِّين، و”تغطية الإسلام”، و”خارج المكان”، وغير ذلك من الدراسات الأكاديمية التي لا تزال محلَّ اهتمامِ الباحثين والمثقَّفين في جميع أنحاء العالم.
تُوفِّي “إدوارد سعيد” صباح يوم 25 أيلول 2003، بعد صراعٍ طويل مع مرض اللوكيميا استمر لمدة اثني عشر عاماً، مخلفاً حياةً حافلة بالإبداع والفكر، كرَّسها لوطنه الأول فلسطين، وأكَّد على انتمائه العربي بالرغم من الغربة التي عانى منها طويلًا.
يذكر أن وفاة سعيد لاقت صدًى واسعٌ في الأوساط الأكاديمية العالمية، فرثاه الكثير من مُثقَّفي العالَم ومُفكِّريه، كما أسَّست جامعة كولومبيا كرسيَّ إدوارد سعيد، للدراسات العربية في قسم التاريخ.
وأعادت جامعة “بيرزيت” تسميةَ مدرستها الموسيقية باسم “معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى” تكريماً له.