41 عاماً على “صبرا وشاتيلا” ولم ينتهِ الوجع
زعم كيان الاحتلال أن هناك 1500 مسلح فلسطيني داخل مخيمي “صبرا وشاتيلا” يشكلون تهديداً على قواته ويجب التعامل معهم.
بينما أرادت “الكتائب” اللبنانية الثأر لاغتيال قائدها “بشير الجميل” الذي اغتيل يوم 14 أيلول 1982 بحجة أن الاغتيال جاء بأمر وتوجيه من القيادات الفلسطينية.
ونفّذت قوات الاحتلال الصهيوني ما بين 16 و18 أيلول 1982 مجزرة مروعة، راح ضحيتها آلاف الشهداء والجرحى الفلسطينيين واللبنانيين ضمن المخيمين غرب بيروت بمساعدة حزب “الكتائب” اللبنانية وقوته العسكرية “القوات”، إضافة لميليشيا “لحد”.
تفاصيل المجزرة المروعة
صادق كل من رئيس أركان العدو “رفائيل إيتان” ووزير الحرب “آرييل شارون” على خطة المجزرة، حيث أُوكلت مهمة تطويق المخيمين وعزلهما عن العالم وقتل كل من يهرب منهما إلى قوات الاحتلال وميليشيا “لحد” التابعة لها، إضافة لإنارة سماء المخيمين بالقنابل الضوئية ليلاً كي يتسنى ل”القوات” اللبنانية الدخول وتنفيذ جريمتها.
وبدأت “القوات” عبر 3 فرق عسكرية بالدخول للمخيمين يوم 16 أيلول وأطبقت على سكانهما، واستمرت على مدار 3 أيام بلياليها بقتل السكان من اللبنانيين والفلسطينيين باستخدام الأسلحة البيضاء دون تفريق بين صغير أو كبير رجل أو امرأة، كما وجدت جثامين لنساء بُقرت بطونهن وأُخريات تعرضن للاغتصاب قبيل استشهادهن.
وأحكمت آليات الاحتلال إغلاق كل مداخل النجاة من المخيمين ولم يسمح لرجال الإسعاف أو وكالات الأنباء بالدخول، وفي يوم 18 أيلول استفاق العالم على مشهد إجرامي في المخيمين راح ضحيته 3 آلاف شهيد لبناني وفلسطيني على الأقل.
وأكد الأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصر الله خلال خطاب “أربعين الحسين” 17 أيلول 2022 أن عدد الشهداء الذين ارتقوا خلال المجزرة هم 1900 شهيد لبناني، و3500 شهيد فلسطيني على الأقل، وأكثر من 500 مفقود.
شهادات حول المجزرة
أفادت “نضال الأحمد” إحدى الناجيات القلائل من المجزرة أن “عمليات القتل والسحل والذبح في هذه المجزرة كانت تجري بصمت، عائلات بكاملها أبيدت لا أحد كان يدري ماذا يدور في المخيمين”.
وقال شهود من سكان بلدة الشويفات لـ”واشنطن بوست” الأميركية عما رأوه خلال أيام المجزرة، أنهم “شاهدوا قوافل شاحنات وجيبات عليها شارات ميليشيا “لحد” تمر في الشويفات ثم تسلك طريقاً يسيطر عليه الاحتلال، ويؤدي إلى الطرف الجنوبي من مدرج مطار بيروت الغربي الموازي للخط الساحلي حيث توجد مواقع عسكرية للاحتلال”.
وتابعوا “كذلك كانت قافلة أخرى من ناقلات الجند تصل في الوقت نفسه من بيروت الشرقية، ثم تتحول إلى الطريق نفسه المؤدي إلى المطار، وعلى طول الطريق كانت تشاهد شارة (القوات اللبنانية)، وخلال أيام المجزرة كان يُسمع صُراخ المدنيين واستغاثتهم”.
وتحدث عدد من الصحفيين من مختلف الجنسيات الذين دخلوا للمخيمين بعد المجزرة، أن جثامين الشهداء كانت في الشوارع دلالة على قيام المنفذين بإعدامات ميدانية وجرائم قتل جماعي، عدا عن مشاهدة جثامين لشهداء على أبواب ودرج الملاجئ ما يدل على قتلهم أثناء محاولتهم للهرب، وجثامين أُخرى وجدت في المشافي وحولها لأشخاص كانوا مرضى أو أطباء.
ردود الفعل
أثارت المجزرة مشاعر العالم العربي والإسلامي بأكمله، حيث خرجت المظاهرات المنددة بجريمة الاحتلال وحلفائه في عدد من البلدان مثل سوريا ولبنان وفلسطين وإيران وغيرها.
وبشكل خجول أصدر مجلس الأمن في أيلول 1982 القرار /521/ الذي يدين المجزرة بوصفها “مجزرة إجرامية” فقط، دون اتخاذ أي إجراءات منصفة للشهداء وعوائلهم أو مُلزمة بأي عقوبة أو إجراء بحق الاحتلال، إلا زيادة عدد قوات الطوارئ الدولية بالتنسيق مع الدولة اللبنانية.
ونتيجة الضغط الدولي، شكل العدو مسرحية لجنة تحقيق خاصة سميت “لجنة كاهان”، وأقرت أن وزير الحرب “شارون” يتحمل مسؤولية غير مباشرة عن المجزرة، إذ تجاهل إمكانية وقوعها ولم يسع للحيلولة دونها، كما انتقد رئيس وزراء العدو “مناحيم بيغن” ووزير خارجيته “اسحق شامير” وقادة المخابرات، مدعية أنهم لم يقوموا بما يكفي للحيلولة دون المذبحة أو لإيقافها حينما بدأت.
وفي عام 2002 قُتل الوزير اللبناني السابق إيلي حبيقة (قائد المجموعات التابعة للقوات اللبنانية التي اقتحمت المخيم) في انفجار سيارة ملغومة في ضاحية الحازمية في بيروت الشرقية، وقتل معه في الانفجار 3 من مرافقيه.
ورجح مراقبون وقتها أن اغتيال “حبيقة” جاء بقرار صهيوني بعد أن أبدى استعداده للإدلاء بشهادته أمام الجنايات الدولية حول مجزرة “صبرا وشاتيلا”.
يذكر أن الذكرى 41 للمجزرة تأتي على وقع ارتفاع وتيرة عمليات المقاومة في الأرض المحتلة وتمدد رقعتها، لتشمل كامل الأرض المحتلة سيما الضفة الغربية من جهة، إضافة لاقتتال داخل مخيم عين الحلوة أكبر مخيمات اللجوء الفلسطيني في لبنان.
جعفر مشهدية-تلفزيون الخبر