العناوين الرئيسيةموجوعين

الارتفاع الجنوني للأسعار يوقف “البيع بالدين” .. أزمة جديدة تواجه السوريين

كانت ولا زالت ثقافة “التكاتف”والتعاضد” إحدى ركائز المجتمع السوري، وإن شوهت الحرب، أغلب المفاهيم، والصور الذهنية المرتبطة بهذا المجتمع، وما الزلزال الأخير( نقصد زلزال شباط وليس زلزال يوم الثلاثاء) إلا دليل على أن السوريين كانوا “ما يزالون بخير”.

انتهت الحلول والأمر متروك “للدَّيْن”

وتعتبر “ثقافة الدَّيْن” إحدى أشكال “التكاتف والتعاضد”، ولم تتواجد فقط حيال الأزمة ومابعدها، وإنما كانت كنوع من المساندة والثقة فيما بين الناس منذ زمن، لكنها ازدهرت وأصبحت ملاذاً لكثير من السوريين في هذه الفترة، إذ أصبح الراتب بعد الزيادة يكفي لتغطية تكلفة ثلاث طبخات (مدلليين) و 6 طبخات (مقننين)، ولا يحتاج الأمر لعملية حسابية.

“الدّيْن ممنوع والعتب مرفوع يرجى عدم الإحراج”، لافتة باتت معلّقة في غالبية البقاليات والمحلات التجارية، لإلغاء توفر الدّيْن والتسديد لاحقاً نظراً للأوضاع غير المستقرة، وارتفاع الأسعار بشكل يومي.

“والله لأشتغل عتّال بسوق الهال ولا بترك ولادي جوعانين، وأنا مضطر لأتعايش مع هذا التضخم الحاصل” هكذا علّق المدرّس فادي من سكان المزة 86 حيال إلغاء إمكانية الدّيْن من البقاليات في الحي المذكور في حديثه لتلفزيون الخبر.

وقال “فادي”: “كنت أسجل حساب المنتجات الأساسية التي يحتاجها منزلي وأولادي في بقالية بجوار منزلي، لعدم كفاية الدخل على تغطيتها وتسديد ثمنها لمدة أسبوع، فكيف إن كان لمدة شهر”.

بدورها تحدّثت أميرة (ربة منزل) والأم لثلاثة أطفال أنّ “تسجيل حساب في البقاليات كان الملاذ الأخير لها، وبالرغم من تراكمه إلى مبلغ كبير يصعب تسديده دفعة واحدة، إلّا أن البائع الذي تتعامل معه كان يمهلها الوقت ويقول “الناس لبعضها”.

وأكملت الأم الأربعينية: “زوجي موظف ويعمل في إحدى الكافيهات بدوام ليلي، ورواتبه مجتمعة لاتكفي أن أطعم أطفالي من أبسط المكونات لمدة عشر أيام”.

وتابعت “أميرة”: “منذ بداية شهر آب، اعتذر البائع من جميع الأشخاص ودعاهم إلى تسديد حسابهم بأسرع وقت لخسارته الكبيرة جراء ارتفاع الأسعار بشكل كبير ورفع لافتة الدين ممنوع”.

وتسترسل الأم الأربعينية في حديثها “سيفرق إلغاء ذلك الحل الأخير على وضعي المعيشي كثيراً، لكن لم يعد باليد حيلة، ورغم أنني أشتري بالأوقية والحبة، يبدو أنني سألغي إحدى الوجبات واعتمد سياسة التقنين الجائر كتقنين الكهرباء المنفذ في الحي الذي أسكنه”.

بدوره قال “مهند” صاحب إحدى المحلات التجارية في المزة 86 لتلفزيون الخبر: “كنت أديْن زبائني ولا أسأل إلى أين وصل حسابهم، وذلك ليس ببعيد أي من فترة شهر فقط، حيث كان فرق السعر بسيط جداً في حال ارتفعت الأسعار، بحيث أنني لا أخرج بخسارة ولا أحرج الزبائن”.

وبيّن “مهند” أنه “مع ارتفاع الأسعار الجنوني بفرق أيام فقط، اضطر لتعليق لافتة “الدّيْن ممنوع” لخسارته حيال ذلك، قائلاً: “مابتوفي معي، إذا كغ السكر منذ أسبوع كان 10 آلاف، اليوم أصبح سعره بالجملة 15 ألف، فمن يدفع لي الفرق؟.

وأضاف “مهند”: “إذا بقيت أديْن الزبائن دون أن ألاحق الأسعار سيتوقف عملي وسأخسر رأس مالي ولن يكون لدي قدرة على شراء البضاعة”.

وذكر البائع بعض فروقات الأسعار لبعض المنتجات قبل وبعد زيادة الرواتب ورفع سعر المحروقات بفترة أسبوع “علبة المتة (أكبر حجم) كانت ب 25 ألف، اليوم أصبحت 35 ألف، وظرف القهوة 100 غرام كان 9500 واليوم أصبح 15 ألف، وعلبة المحارم أصبحت 19000 بعد أن كانت تباع ب10 آلاف”.

وتابع البائع حديثه “إذا بقيت الأسعار ترتفع سيكون الوضع كارثي للناس، ولو أغلقت محلي في هذه الفترة وحافظت على رأس المال كان أفضل لي لأن المبيع (كله خسارة بخسارة)”.

بجانبه، قال “أبو الدهب” أحد أصحاب البقاليات في الحي ذاته لتلفزيون الخبر: “ارتفاع سعر الصرف وارتفاع الأسعار بين يوم وليلة بفرق كبير للمنتج الواحد، جعلني أخسر وغير قادر على تسجيل حساب للزبائن”.

وتابع “أبو الدهب”: “حتى الموزع أصبح يطالبني بتسديد ثمن البضاعة بشكل كامل وآني، وإذا بقي الوضع على حاله للثلاثة أشهر القادمة، سأبقى على بيع الخضرة فقط وسألغي بيع باقي المنتجات (سمانة)”.

وأضاف “أبو الدهب”: “كنت أذهب إلى سوق الهال بمبلغ مليون ليرة لشراء الخضار وبعض الفواكة ومنتجات (السمانة)، الآن أصبحت بحاجة إلى مبلغ 3 ملايين لشراء الخضار (ومن قريبه)”.

الجدير بالذكر أنّ هناك بعض المحلات والبقاليات كانت ولا زالت تعتمد “الدّيْن بالفائدة”، ويقوم أصحابها بتسجيل اسم المنتج فقط دون تحديد سعر، إلى حين تسديد الزبون حسابه ليتم احتساب سعر المنتج وفق نشرة الأسعار الصادرة حين يتم التسديد، لتفادي الخسارة وفق زعمهم.

فاطمه حسون_ تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى