في “بدعة” جديدة لدى السوريين.. القهوة بنواة التمر و”أسانس” الهيل
انتصر عشاق الشاي على زوجاتهن “شرّيبات القهوة” بعد أن خذلتهن الأخيرة بتغييراتها المستمرة جرّاء ارتفاع أسعارها وصولاً إلى التلاعب فيها باستبدال البن بنواة التمر وغيرها واستبدال الهيل بـ “أسانس” الهيل كبدعة جديدة لبعض البائعين.
وفي مناظرة حقيقية بين الأزواج، وصلوا إلى أن “شر البلية ما يضحك”، حيث بات يحلم السوريون حتى بفنجان قهوة “نظيف”، بعد محاولات أرباب العائلة الواحدة بتعلم مهارات الإدارة المنزلية.
“في الإدارة شطارة”
حاولت زوجة أحد الرجال الفعّالين بالمجتمع ويعملون أكثر من 20 ساعة بمحاولة منهم إكفاء حاجات منزلهم غير المحققة غالباً، اللجوء إلى شراء البن الأرخص سعراً مقارنة بغيره، ليتبيّن أنّها رغم جميع محاولاتها في “تتقيل” القهوة تنتهي دون “طعمة”.
وتضع ربة المنزل “هبة” (30 عاماً) 10 ملاعق كبيرة لركوة حجمها وسط بهدف تثقيلها، ولكنها تحظى بقهوة خفيفة و”سايطة”، كما يقال باللهجة العامية.
وقالت الإدارية كما تصف نفسها لتلفزيون الخبر: “سمعت إنهم عم يطحنوا نواة التمر مع البن”، وبالتالي لو وضعت وقية من القهوة في غلوتها تحصل على نفس النتائج.
“زيدوها هيل”
يبدو أن معايير القهوة تتغير مع تغيّر ظروف السوريين يوماً بعد يوم بسبب الضيق الذي “يغلي” في أيامهم، وحتى الفنانة سميرة توفيق لم تعد تستطع غناء “بالله اتصبوا هالقهوة وزيدوها هيل” لأن القهوة هجرت الهيل واستبدلته بـ “أسانس” الهيل عند البعض.
وبالتالي أصبحت القهوة “عالريحة”، كما يقول الصيدلاني فادي (35 عاماً) لتلفزيون الخبر: “لم أستطع شربها مؤخراً عند زيارتي الأقارب.. طلعت بأسانس هيل”.
“وياهلا بالضيف ضيف الله”، جملة تلفظتها إحدى إناث المجتمع السوري وهي تستضيف في منزلها أحد أقاربها وتتباهى بالقهوة الفاخرة التي تقدمها بفناجين يتخللها النحاس بأقلام رفيعة، كما وصفها زوّارها لتلفزيون الخبر
“وتبيّن لدى زوّارها أن بعض أنواع القهوة مرتفعة السعر أيضاً يتدخل في مفاصلها “أسانس”، وعند سؤالها حيال ذلك كان الجواب: “لو بدن يعملوا القهوة على أصولها بدها تصير من 200 إلى 300 ألف ليرة”.
“من تم ساكت”
“اشربوا واسكتوا”.. هل يفترض على السوري أن يرضى بما يقدم له من “تم ساكت” لأنه يعيش ببلد باتت الأحوال الاقتصادية فيه تدير حال البائع والزبون؟، بالوقت الذي نسي الكثير منهم مفردة “كيلو” قهوة في منهجية هذه الحياة وتصدّرت كلمة “غلوة” في قساوتها.
وربما أصحاب المحال “الغشاشين” يبحثون وراء صحة الزبون، ويتقيّدون بما نقله الأجيال من معلومات منذ القدم، وذلك بأن نواة التمر كإحدى طرق العلاج خاصة في تفتيت حصى كلا من الكُلى والمرارة، ليقول أحدهم ساخراً: “مو عأساس التمر صار للعائلات المخملية؟”.
وتبيّن من خلال البحث عبر صديقنا “غوغل” في الكثير من الأبحاث والدراسات أن “نواة التمر تحتوي على مجموعة من الأحماض الأمينية، إضافة إلى حمض الأكساليك، وفيها نسبة كثيفة من الألياف المفيدة للجهاز الهضمي، فهل يبرر لهم؟
ولعلّها “نقشت” معهم هذه البدعة صحياً رغم أنها مخالفة تماماً للمعايير وغير مبررة، ولكن ماذا عن أسانس الهيل.. هل هو صالحاً للاستهلاك البشري؟ أو أنه مادة كيميائية مثل نظيراتها العطرية؟ تدخل جسم الإنسان ولا “مين شاف ولا مين دري”.
“نكروا واندهشوا”
وعند التجوال في أحد شوارع دمشق وسؤال عدد لا بأس به من محال البن التي تملأ رائحتها المكان منها من العلامات التجارية المعروفة ومنها من تدّعي أنها تناسب فقير الحال، نكروا ابتكار ذلك و”اندهشوا”.
و”المضحك المبكي” أن فوق كل ماسبق ركوة القهوة التي كانت ملكة صباحات الجيران لدى بعضهم وفي جمعات الأقارب والضيوف، باتت بالأصل ضيفة ثقيلة تزورهم ب “الزور” وسط تدنّي الأجور والرواتب الشهرية.
وبات الجميع يعرف دون حاجة القول لهم هذه المعادلة غير المستحقة بين الدخل والمصروف التي أخذت أيضاً بيد القهوة إلى قائمة الكماليات لأن سعر الكيلو الرخيص منها وصل إلى ما يعادل ربع راتب الموظف في سوريا، وفوقها “لسّا بدّن يغشّوا”.
كلير عكاوي – تلفزيون الخبر