العناوين الرئيسيةمن كل شارع

لا شواطئ مجانية على الساحل السوري .. والمواطنون : “عم نحسب ألف حساب لنسبح”

عندما يخبرك أحدهم أنه يمكنك السباحة على الشاطئ في مدينة مثل اللاذقية أو طرطوس بتكلفة “رمزية”، يتملكك الخوف والارتياب، كون “رمزية” باتت صفة ذات مفهوم نسبي.

 

فالشريط الساحلي السوري الممتد على طول 180 كم بات يعج بالمنشآت الخاصة بسويات مختلفة، جميعها لا تتناسب مع دخل المواطن.

 

والدخول إلى هذه المنشآت بات محصوراً برجال الأعمال أو المغتربين القادمين من خارج سوريا لقضاء عطلة الصيف بالإضافة إلى السائحين العرب الذين زادت نسبتهم مع بداية العام الجاري في ظل الانفتاح السياسي وعودة العلاقات.

 

يضاف إلى ما سبق فئة ضئيلة من السوريين، لا ينتمون لأصحاب الدخل المحدود، ميسورين مادياً لسبب أو آخر.

 

ومع عدم إغفال أهمية القطاع السياحي لناحية دعم الاقتصاد الوطني ورفد الخزينة العامة بالأموال، إلا أنه من حق المواطن السوري ذو الدخل المحدود أن ينعم بقضاء بعض الوقت على شواطئ بلاده دون تحمل أعباء مالية تفوق قدرته.

 

تكلفة افتراضية

 

لنفترض جدلاً أن عائلة مكونة من أب وأم و3 أولاد فقط، تسكن في حي من أحياء اللاذقية، تريد الذهاب إلى الشاطئ لممارسة السباحة، وأنها ستأخذ معها “أكلها وشربها” وتريد أن تحسب ميزانية الرحلة “الرمزية” على حد تعبير المعنيين.

 

يعتبر وادي قنديل من الأماكن المحببة لأبناء المدينة، ويبعد عنها نحو 30 كم، التاكسي لن تنفع معهم، كون الأجرة لن تكون أقل من 100 ألف ذهاباً ومثلها إياباً بالسرافيس والوصل إليها، ستنخفض الكلفة إلى 15 ألف ذهاباً ومثلها إياباً.

 

تعرفة الدخول لأي شاطئ مفتوح هي تقريباً 3000 ليرة عن الشخص الواحد، وكل أربعة أشخاص تفرض عليهم طاولة بقيمة 5000 ليرة سورية.

 

هنا وصلت التكلفة إلى 50 ألف ليرة، مواصلات وتعرفة دخول فقط، أي نصف راتب شهر لموظف حكومي “ابن حلال” .

 

رحلة بحث

 

ليس غريباً أن يكون البحر هو المتنفس الوحيد للسوريين خلال فصل الصيف، فالأجواء الحارة المترافقة مع ساعات التقنين الكهربائي الطويلة قاسية، والسباحة هي الرياضة والتسلية التي من المفترض أن تكون “شبه مجانية”.

 

وبعيداً عن أسعار الحجوزات “الفلكية” للفنادق والمنتجعات السياحية، بدأنا برحلة بحث عن أماكن الشواطئ الشعبية على طول الشريط الساحلي من طرطوس إلى اللاذقية والتي تهم الشريحة الأكبر من المواطنين السوريين.

 

من طرطوس البداية..

 

يقول مدير السياحة في المحافظة المهندس “بسام عباس” لتلفزيون الخبر أنه “يوجد شواطئ شعبية مُخدّمة أقامتها وزارة السياحة منها مشروع الكرنك وشاطئ الأحلام”.

 

وتبلغ تكلفة الدخول إلى منتجع الكرنك الشعبي 2000 ل.س للشخص الواحد، أما تكلفة حجز طاولة لعائلة مؤلفة من (4) أشخاص هي 12000 ليرة مع وجود مرافق للجلوس والاستحمام.

 

فيما تم تحديد رسم الدخول إلى منتجع “بلو بي” في شاطئ الأحلام للشخص البالغ 20 ألف ليرة أما الأطفال 15 ألف ليرة من الساعة التاسعة صباحاً حتى الساعة السابعة مساءً مع توفر خدمات (مشالح – طاولات).

 

وأضاف “عباس” في حديثه لتلفزيون الخبر: “ننسق ونتابع بشكل دائم مع الوحدات الإدارية بهدف التحضير لطرح مواقع مناسبة للشواطئ المفتوحة”.

 

وتابع “عباس”: أيضاً يتم التنسيق مع المديرية العامة للموانئ التي تمنح رخص إشغال مؤقتة على الأملاك العامة البحرية من خلال مزادات لتأمين خدمات شاطئية على امتداد الشريط الساحلي بأسعار مناسبة للأخوة المواطنين”.

 

أما اللاذقية..

 

من جانبه، أوضح مدير السياحة في محافظة اللاذقية المهندس “فادي نظام” لتلفزيون الخبر أنه “يوجد شواطئ مفتوحة تابعة لوزارة السياحة مُخدّمة وبأسعار رمزية من بينها منتجع لابلاج ومسبح الشعب”.

 

وتابع “نظام”: “بإمكان المواطنين الدخول إلى هذه الأماكن وحجز طاولات وكراسي بأسعار رمزية تصل إلى 3000 ليرة سورية للشخص الواحد، من الثامنة صباحاً حتى الثامنة مساءً وهي مُخدّمة بمرافق من أجل الاستحمام وغيرها”.

 

وبالسؤال عن الشواطئ المفتوحة في مدينة جبلة، بيّن “نظام” لتلفزيون الخبر أنه “يتم العمل على وضع شاطئ حميميم في الخدمة هذا العام بخدمات مميزة وأسعار مناسبة”.

 

كيف يرى الناس هذا الموضوع؟

 

على الرغم من توفر شواطئ مفتوحة بأسعار “مقبولة” فالأمر لا يقتصر على تكلفة الدخول وحسب، يقول “أبو أحمد” (56 عاماً) في حديثه لتلفزيون الخبر، ويتابع: “نحسب ألف حساب لقضاء يوم واحد على الشاطئ لأن أجور النقل مرتفعة وليست بالأمر السهل لنا”.

 

ويضيف “أبو أحمد”: “نحن من سكان مدينة اللاذقية وإذا أردنا الذهاب إلى شاطئ وادي قنديل، سأرصد مبلغ 100 ألف ليرة فقط لسيارة الأجرة التي ستقلني مع عائلتي ذهاباً وإياباً، ناهيك عن المصاريف الأخرى”.

 

وفي ذات السياق، يقول “اسماعيل” (33 عاماً) من ريف محافظة طرطوس لتلفزيون الخبر: “نستغل الصيف لقضاء بعض الوقت مع الأصدقاء والعائلة حيث نقصد الشاطئ الذي يبعد عن مكان إقامتنا حوالي ساعة تقريباً بواسطة ميكروباص”.

 

وتابع “اسماعيل”: “اليوم باتت تكلفة النقل للشخص الواحد تصل إلى 15 ألف ليرة، ما عدا حجز الطاولات والكراسي، في حين نأخذ الطعام والمشروبات وكافة مستلزماتنا من المنزل لأن أسعارها مضاعفة في الشواطئ”.

 

أما “نور” من ريف حماة (25 عاماً) فتنتظر مع صديقاتها كل عام للتسجيل في الرحلات الجماعية التي تطلقها بعض “المجموعات” السياحية على موقع “فيسبوك” لأنها ممتعة أكثر و”أرحم للجيبة” حسب قولها.

 

وبينت “نور” في حديثها لتلفزيون الخبر أن “هذا العام تكلفة أقل رحلة إلى الشاطئ باتت 40 ألف ليرة للشخص الواحد متضمنةً أجور النقل وحجز المكان المقصود”، مؤكدةً أنه لا يوجد عروض مُشجعة كالسابق.

 

وباتت رحلات الاصطياف بالنسبة لكثير من السوريين تقتصر على زيارة الأماكن الطبيعية القريبة من مناطق سكنهم أو الاشتراك برحلة جماعية إلى الشواطئ المفتوحة للتخفيف من تكاليف النقل نظراً للوضع الاقتصادي الصعب الراهن.

 

كريم حسن – تلفزيون الخبر – الساحل السوري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى