العناوين الرئيسيةمجتمع

في عيد الأب.. كيف يتجلى دوره في بناء شخصية أبنائه من وجهة نظر أخصائيين؟

حظي عيده بتواريخ متعددة ومختلفة، يوم الأب الذي لم يكتف بتاريخ محدد، إذ توسط عيده في بعض الدول في الأحد الثالث من شهر حزيران، مثل الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا.

وليوم الأب أيضاً جذور تعود إلى القرن السادس عشر في أوروبا وأميركا الجنوبية، حيث كان يتم تكريم الآباء في “عيد القديس يوسف”، وهو عيد كاثوليكي تقليدي يصادف يوم 19 آذار، ويصادف في شهر أيلول في دول أخرى، وتحتفل بعض الدول العربية به بتاريخ 21 آذار.

وتتجلى أهمية دور الأب في بناء وتكوين أو هدم شخصية الأبناء، حيث اعتبرت الباحثة والإخصائية في تربية الطفل مي أبو غزالة في حديثها لتلفزيون الخبر أنّ “الأب هو صورة الرجل القادم التي تتمناه الفتاة لنفسها كشريك للحياة مستقبلاً”

ورأت “أبو غزالة” أن “دور الأب الصحيح لا يتمثل بالسلطة، بل بتكوين صداقات تتجلى بالاحترام مع أطفاله، وسماع أحاديثهم ومشاعرهم، سيّما في سن الطفولة مابين 5 و8 سنوات، حيث تتكون الشخصية”.

 

وذكرت “أبو غزالة” أنّ “دور الأب لا يقتصر بكونه مورّد اقتصادي، بل بتوفير الدعم والحماية والقوة والأمان، وبتكوين الأسس والمبادئ الصحيحة في شخصية الطفل، وهي مسؤولية يتحملها الأب والأم معاً، بوجود التفاهم وتوزيع الأدوار بين الطرفين، لكن الأب له الأثر الأكبر”.

 

ولفتت الإخصائية في تربية الطفل إلى أن “تشوه صورة الأب تؤثر سلباً على الأطفال، وتكمن في جعله مصدر للخوف والعقاب، أو لا رأي له وفقط ينظر إليه بصورة مادية”

 

واستطردت الأخصائية أن “هذا ما يجعل الأبناء الذكور يأخذون نفس ذلك الدور في بناء حياتهم، وتصبح الأنثى لا ترى في الرجل إلّا المصدر المادي بغض النظر عن الدعم والأمان والأخلاق، وهي صورة خاطئة ومشوّهة للأب، لذلك يجب أن تكون صورة الأب كشريك، لجعل الأسرة متوازنة”.

 

وحول غياب ووفاة الأب، بيّنت “أبو غزالة” أنّ “ذلك يعطي الأم مسؤولية في توفير الحزم والقوة والملجأ، ويؤثر غياب الأب عن أبنائه سلباً، إلّا في حال منح الطفل صورة سابقة عن تجربته وذكرياته مع الأب لتبقى في مخيلته”.

 

وتابعت “مي”حديثها بأنّ “وفاة الأب في بداية ولادة الأطفال بدون عيش تجربة معه، يكون الأثر السلبي أخف، لكن من المهم أن يأخذ شخص في العائلة (الجد، الخال أو العم..) الحيز الخاص بدور الأب بعيداً عن أي تصور آخر”.

 

بدوره، اعتبر المتخصص في علم النفس الدكتور شوقي غانم أنّ “دور الأب في تربية الأبناء ضروري لخلق وتأسيس جيل سوي نفسياً واجتماعياً وإدراكياً وانفعالياً”

 

وأشار الدكتور شوقي إلى ” بدء تغيير النظرة حول المفهوم الذي يربط التربية بالأم فقط دون إلقاء الضوء على دور الأب في هذه التربية”.

 

وأوضح “غانم” أنً “دور الأب يتجلى في ثلاث مراحل، في مقدمتها تربية الطفل قبل ولادته بتهيئة الظروف المثلى لاستقبال الطفل كإعداد بيئة أسرية خالية من الضغوط النفسية والمشاكل وذات توازن بين أعضائها”

 

وتابع الأخصائي “تليها التربية بعد الولادة وهي مرحلة عملية معقدة تحكمها عشرات القواعد والمبادئ ومنها الحب والحوار والحركة والحزم والحكمة والحماية وغيرها”.

 

وأضاف االدكتور أنّ “آخر المراحل هي التربية بعد موت الأب، وهي استمرار لعمل الأب ومتابعة مسيرته مع أحفاده من خلال أولاده”.

 

وأشار “غانم” إلى أنّ “90% من شخصية الطفل خلال أعوامه الأولى تتكون بوجود الأب والأم وتبادله العاطفي معهم، وفق علم النفس، بالتالي غياب الأب عن الطفل بشكل دائم إما عن طريق الانفصال أو الموت أو السفر أو غياب كامل اليوم يؤدي إلى اضطراب في النمو الفكري والنفسي وحتى الجسدي وخاصة في المرحلة العمرية التي يطلق عليها مرحلة الطفولة المبكرة”.

 

وتحدّث “غانم” عن “تحديد سن الخطر الذي يؤثر غياب الأب عن الطفل سلباً في الاثنتي عشرة سنة الأولى من عمره، من قبل علماء النفس، حيث يزيد هذا الغياب من القلق النفسي والاضطراب العاطفي لدى الأطفال”.

 

وأضاف أنّ “هناك ارتباطاً بينه وبين بعض حالات الانتحار والشعور بخيبة الأمل وحتى السلوك الإجرامي، حيث ترتفع الإصابة بالقلق عند غياب أحد الوالدين لدى الطفل، بما يزيد عن 80 % عن الأطفال الذين يعيشون ضمن أسر كاملة من أب وأم”.

 

وأكمل “شوقي” حديثه: “حيث يصعب على الطفل رؤية الحياة وفقاً لجنسه في حال غياب الأب لذلك نجد الطفل أكثر حساسية في مشاعره ويعاني من التردد في سلوكه والالتباس في تحديد دوره الذكوري والأنثوي، وهو ما يعرف بمرحلة أوديب للذكر ومرحلة الكترا للأنثى، حيث يستمد الطفل الذكر صفات الذكورة من الأب في ملبسه وطريقة كلامه ومعاملته للأخرين”.

 

وأضاف “غانم” أنّ “الأب يساهم في تعميق شعور الفتاة بدورها الأنثوي عن طريق معاملته العاطفية المتميزة معها المميزة عن أخوتها الذكور، مما يرسخ شعور لديها ويدعم تقبلها لذاتها والنجاح في تحقيق التوافق النفسي والاجتماعي ويعلمها مهارات الحياة ويضعها على طريق النجاح المهني كما يعلمها ما يجب أن يكون عليه سلوكها مع زوج المستقبل”.

 

وحول تأثير وانعكاس الظروف الحالية المعيشية والاقتصادية على الدور التربوي للأب، أجاب “غانم” بأن “زيادة قسوة الظروف المعيشية تقلّص من وجود الأب في المنزل، وتحوّل مهمته من مهمة التربية إلى دور توفير المستلزمات الأساسية للحياة وبالتالي غياب الأب لساعات طويلة عن المنزل”

 

وأكد الأخصائي أنه “كلما كان الوضع الاقتصادي للأسرة جيداً تزيد فرص تلبية احتياجات الطفل”.

 

وفيما يتعلق بدور الأب في توعية أبنائه بعد حدوث الأزمات أو الحوادث الطبيعية، بيّن “غانم” أنّ “الأب يجب أن يتعامل مع المشاعر السلبية التي تظهر لديه ولأفراد أسرته بشكل طبيعي عند حدوث تغيرات جذرية في محيطه أو في مسائل تمس بشكل مباشر شعورهم بالأمان أو مستوى معيشتهم”.

 

وذكر “غانم” أنّ “دور الأب في تلك الظروف يكمن في التعبير عن ردود أفعاله وشرحها، والإجابة على أسئلة أطفاله بشكل صادق وواقعي وبعيد عن الخيالية أو اللاواقعية وهذا يساعدهم على التكيف بشكل أسرع، والحفاظ على وحدة الأسرة من خلال توجيه أفراد الأسرة على تحمل الأعباء الناتجة عن التغيرات”.

 

وتابع الدكتور حديثه حول “وجوب مراعاة الأب لمشاعر الأطفال جراء التغيرات، والسماح لهم بالتعبير عنها، وتوضيحها لهم ومساعدتهم على الخروج منها بشكل أسرع وإبدالها بمشاعر إيجابية من خلال بث روح التفاؤل الواقعي لديهم، والعمل على شرح ما يجب فعله خلال الأزمات والكوارث “.

 

يشار إلى أن أصل عيد الأب يعود إلى ولاية ميتشيغن الأميركية، وتحديداً في مدينة “سبوكين”، في العام 1909، إذ بادرت الأميركية “سونورا لويس سمارت دود” إلى الدعوة للاحتفال به، عقب استماعها لخطبة دينية عن عيد الأم.

 

وأرادت “سونورا” أن تكرم أباها “وليم جاكسُون سمَارت”، الذي ماتت زوجته عام 1898م، وقام بمفرده بتربية أطفاله الستة، ولذلك قدمت دَود عريضة تُوصي بتخصيص يوم للاحتفال بالأب، وتتويجا لجهودها احتفلت مدينة سبوكين بأول يوم أب في 19 حزيران 1910.

 

فاطمه حسون _ تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى