“أبو النور” وقهوة النوفرة.. قصة حب لأكثر من أربعين عاماً ما بين النارة و الذكريات
وسط جو سديمي تخلله تساقط بعض الأمطار الحزيرانية، وأغان طربية تملأ منطقة ما خلف الجامع الأموي بدمشق، تكاد عبارة “نارة عمي أبو النور” هي المسيطرة على سمع الحاضرين في قهوة النوفرة الشهيرة بدمشق.
اعتاد الرجل السبعيني، منذ سنوات الشباب، على تلبية طلبات زبائن القهوة، ممن اعتادوا التلذذ بنفس المعسل “من تحت إيديه” وترتيب الجمرات وتجديدها، كما قال أحد قدامى مرتادي النوفرة.
“شيخ الكار هيك بقلولي” يبدأ معتز العلبي، أو كما يحلو له “أبو النور” حديثه لتلفزيون الخبر، مع ابتسامة تغمر وجهه لكثرة إطراءات الزبائن، مع إصراره على أنه لا يقوم إلا بواجبه وعمله الذي أحبه منذ عشرات السنين الماضية وما يزال.
يهرع أبو النور مسرعاً ما بين قسمي النوفرة الداخلي والخارجي، ليلتقط أنفاسه الساخنة الممزوجة بحرارة منقل الفحم المتوهج، والملقط الذي بات جزءاً من يوميات حياته.
يقول أبو النور لتلفزيون الخبر: “أبلغ من العمر 75 عاماً، وبدأت العمل في مقهى النوفرة منذ 44 عاماً، فنحن “ولاد الحارة” ممن كبروا هنا، وأحببت هذه المهنة منذ ذلك الوقت بدوام يبدأ من السابعة صباحاً حتى السابعة مساء دون كلل أو ملل”.
“كان الجو أحلى” يتابع ابو النور، “فقهوة النوفرة كانت ذو طابع عائلي مع جو من الألفة والمحبة وراحة البال، كما اعتدنا على استقبال الفنانين والممثلين ممن أدوا أدوارهم في المسلسلات والأفلام، بالإضافة إلى السياح الأجانب وهو ما اختلف كثيراً مع الوضع الراهن”.
ويحكي أبو النور إحدى الطرائف التي عاشها خلال عمله في مقهى النوفرة، فلم ينقطع تواصله مع زبائنه بعد أن كبروا، ويضيف: “كان الأطفال يأتون منذ عشرات السنين لتجربة الاركيلة وكنت أقوم بطردهم بشكل مستمر كونهم بأعمار صغيرة، ومرت السنوات وأصبحوا أطباء ومهندسين يذكرونني بتلك الأيام الجميلة”ّ.
“الحمدلله دائماً وأبداً”، يكمل رب الأسرة لتلفزيون الخبر قائلاً: “قمت بتربية 8 بنات ورعايتهم بفضل هذا العمل الذي كان وما زال مصدر رزقي الحلال، مع حرصي على تعليمهم حيث تدرس 5 منهن في الجامعات”.
ومن بين سيل أمنياته الدائمة في حديثه، يركز أبو النور على عودة الأمان والسلام وتحسن الوضع الإقتصادي في سوريا، فالجميع هنا يكافح ليل نهار لتأمين قوت يومه، في بلاد خيّرة تستحق عودة الحياة إلى عهدها السابق.
عمار ابراهيم_ تلفزيون الخبر