النباتات الطبية و العطرية.. كنز جبالنا الأخضر
تعتبر البيئة السورية عموماً واحدة من أكثر البيئات تنوعاً في العالم سواء من ناحية المكونات النباتية أو الحيوانية وأغناها بالنباتات الطبية والعطرية بشكل خاص، والتي يعتبر الاستثمار بها كنزاً حقيقاً على كل الصعد.
وفي حديث لتلفزيون الخبر، أوضّح الدكتور عزة خلوف (المدرس في كلية الهندسة الزراعية بجامعة البعث والاختصاصي بالنباتات الطبية والعطرية) ” أن منطقة مصياف بشكل رئيسي و منطقة ريف حمص الغربي باتجاه حماة .
“كما تعتبر محافظتا طرطوس واللاذقية في جزء كبير منهما، من أغنى المناطق على مستوى سوريا بالنباتات الطبية والعطرية المستوطنة ضمن الفلورة الطبيعية”.
وتابع “خلوف” أن “نباتات الفصيلة الشفوية بما تتضمن من نباتات إكليل الجبل، الزعتر ، المردقوش السوري ، المليسة ، الزوفا ، الميرمية و النعنع البري من أكثر الفصائل التي تنتشر نباتاتها بصورة مزروعة او برية ضمن هذه البيئات.”
وأضاف “أنه يوجد في سوريا 3000 نوع نباتي (حسب أخر دراسة للتنوع الحيوي في سوريا قامت به وزارة الادارة المحلية والبيئة لعام 2008)، جزء كبير من هذه النباتات يتواجد بصورة برية في موائله الطبيعية ويستخدم لأغراض طبية بصورة مباشرة أو غير مباشرة.”
وكشف “خلوف” أن “قرابة 60 % من الصناعات الدوائية في سوريا تعتمد بشكل مباشر أو غير مباشر على هذه النباتات عبر إدخالها، إما كمستخلصة جزئية او مركبات نقية، كاستخدام الزيوت العطرية أو بعض المركبات القلويدية والجليكوسيدية والفيتامينات لأغراض إما طبية أو تجميلية”.
وبيّن “خلوف” أن “جزء كبير من هذه الصناعات يعتمد على استيراد المواد الأولية من الخارج رغم وجود جزء كبير من هذه النباتات المزروعة، والتي تصدر بشكلها الطبيعي لعدم إمكانية توفر بعض الأجهزة اللازمة لاستخلاص هذه المواد نتيجة الظرف الاقتصادي الحالي”.
ولفت “خلوف” إلى “أنه بدأت صناعة العديد من هذه الأجهزة في المناطق الصناعية في سوريا كأجهزة الطرد المركزي و الوخز بالعصا”.
وعن أهم ما يواجه النباتات الطبية و العطرية من مخاطر قال “خلوف” : “إن الجمع الجائر و القلع الكامل للنبات و إزالة النباتات من جذورها، هو من أكبر التحديات الذي أدى إلى بدء تهديد بعض الأنواع بالانقراض كأنواع من الزعتر والمردقوش وأشجار السدر والخرنوب.”
“فضلاً عن غلاء الأعلاف الذي دفع العديد من مربين المواشي بالاتجاه نحو الرعي غير المضبوط، خاصة في فترة الربيع، التي تعتبر فترة نشاط البنات بشكل عام و النباتات الطبية و العطرية بشكل خاص.”
ونوه “خلوف” إلى “ضرورة تفعيل دور الإرشاد الزراعي و المجتمع المدني نحو زيادة وعي السكان و جامعي النباتات الطبية و العطرية بالطرق الصحيحة، للجمع وموعده المناسب حفاظاً على قدرة النبات ع تجديد نموه” .
“بالإضافة إلى التركيز على قاعدة إنتاج ماهو مسوق ويلبي حاجة المستهلكين والمصنعين، والابتعاد عن فكرة تسويق كل ماهو منتج لما تشوبها العديد من العراقيل وضياع الهوية الزراعية الواضحة.”
وأكد “خلوف” على “أهمية هذه النباتات و استخدامها الواسع سواء لأغراض طبية علاجية، أو في مستحضرات التجميل، أو استخدامها كمكسبات للون والطعم أو استخلاص زيوتها في صناعة العطور ومنتجات التنظيف”.
واعتبر “أن زراعتها كمحاصيل تعد من المشاريع التي تحقق مصدراً جيداً في دعم الاقتصاد الوطني لقلة مستلزمات انتاجها، الأمر الذي يجعلها من المحاصيل الرديفة للمحاصيل الاستراتيجية في استثمار الاراضي التي لا تصلح لزراعة مثل هذه المحاصيل”.
ومن جهتها تحدثت إحدى السيدات التي تعمل في جمع نبات الزوفا لتلفزيون الخبر، “أنها كانت تجمعها سابقاً بهدف استخدامها منزلياً، لكن في ظل الظروف الاقتصادية الحالية اضطرت لبيعها لشخص يقوم بتوزيعها على العطارين و محلات الخضروات و البسطات، حيث تباع الباقة الواحدة ب 1250 ليرة سورية”.
الجدير بالذكر أن عام 2022 شهد انعقاد مؤتمر النباتات الطبية والعطرية بعنوان “الاستثمار الأخضر” والذي قام به اتحاد غرف زراعة سوريا .
مرح ديب – تلفزيون الخبر