أبو عمار “الفرواتي”..مارس المهنة في حمص القديمة لنصف قرن ولا يزال
في محله الكائن وسط سوق الفرو، المعبّد بحجارة البازلت السوداء الشائعة في حمص القديمة، يجلس أبو عمار الحموي وراء طاولة محله تحت ضوء (لدّات) خافتة، ليقص وينظف بعض الصوف والفرو.
ومع تحسّن الطقس خلال ساعات النهار، يستغل أبو عمار بعض خيوط الشمس النافذة عبر فتحات السوق المسقوف، ليعرض بعض منتجاته على عدة حبالٍ خارج المحل.
وتحدث الرجل الستيني لتلفزيون الخبر عن هذه المهنة التي ورثها عن أبيه وجده من قبله، منذ أن كان فتىً صغيراً لا يتجاوز 12 عاماً، حتى بلغ عامه 62، فهو لم يعرف مهنة غيرها ولا يرغب باستبدالها، كما قال.
“من لما وعيت على الدنيا وأنا بالمصلحة”، يقول أبو عمار لتلفزيون الخبر، ويشير إلى أن الأمر كان مختلفاً بشكل جذري عما حصل لاحقاً، حيث كان السوق ممتلئاً بكل أقسامه والصنعات التي امتهنها تجاره.
ويشيرُ بكلتا يديه إلى الشوارع الممتدة أمام محلّه، يحكي أبو عمار أن “السوق كان يعج بالتجار وأصحاب هذه المهنة، إلا أن معظمهم رحلوا إما بسبب الوفاة أو الهجرة او من وجد في مهنٍ أخرى مردوداً أفضل وتكلفة أقل، ما جعل هذه الصنعة مهددة بالإندثار”.
وعن مراحل عمل صناعة الفرو، يشرح أبو عمار لتلفزيون الخبر قائلاً “يأتينا الجلد مع الدم بعد السلخ، حيث نقوم بغسله ومن ثم وضع الملح و”الشبّة” عليه وتجفيفه وبشره وتمشيطه”.
“الحركة ميتة والحالة تعبانة” يتابع أبو عمار عن حركة البيع، حيث أن الأوضاع الإقتصادية تدهورت ولم تعد كالسابق، وباتت الحركة ضعيفة جداً مع ترواح سعر فروة (الراعي) وسطياً ما بين 150 و 200 ألف ليرة”.
ولا يخفي أبو عمار تأثير السنوات على صحته من حيث النظر وآلام الظهر التي أصابته نتيجة الجلوس لوقت طويل والجهد الكبير في حياكة فروة الصوف، إلا أنه يؤكد استمراره في المهنة التي عبّر عنها قائلاً “هي روحي”.
“صنعة تكاد تندثر”، يكمل أبو عمار لتلفزيون الخبر عن أهم أسباب ذلك قائلاً “دخول ومنافسة الفرو الصناعي وقلة الكهرباء، إلا أنه لا يمكن مقارنة دفء الفروة الصناعية بالطبيعة وهو ما يظهر واضحا ً من خلال ارتداء رعاة الأغنام للفرو خلال أوقات البرد القارس”.
وكمعظم المهن والحرف والصناعات، يشكو أبو عمار من مضاعفات الازمة وخصوصاً الكهرباء، مضيفاً “تعد عاملاً اساسياً في العمل، إلا أن تراجع التغذية الكهربائية دفعني لتركيب لوح طاقة شمسية كي أرى أمامي”.
ويختم أبو عمار لتلفزيون الخبر “نطلب من المعنيين إيلاء السوق اهتماماً أكبر، من حيث تأمين المياه وخطوط الهاتف الأرضية، لأنها أسباب تمنع الكثير من المحال أن تعيد فتح أبوابها كما كانت في السابق”.
عمار ابراهيم_ تلفزيون الخبر_ حمص