العناوين الرئيسيةموجوعين

في الذكرى السابعة لتفجيرات الزهراء بحمص..”أبو أحمد” ناجٍ لم تُمحَ صور الموت من ذاكرته بعد

“هون، هون، وهون”، يشيرُ سامر جمعة (أبو أحمد) بسبابةِ يده إلى الأماكن التي وقعت فيها عشرات التفجيرات في حي الزهراء بمدينة حمص قبل سبعة أعوام، قبل أن كادت إحداها تودي بحياته بغفلة عينٍ كما قال.

dav

بفارقِ أمتارٍ قليلةٍ بين كل واحد منها، يقطع أبو أحمد الطريق الرئيسي في الحي ذهاباً وإياباً، ليدلّ على أماكن وقوف السيارات المفخخة، ويذكر مع الترحّمِ الدائم أسماءَ الضحايا التي ارتقت خلال سنوات أسماها بالعجاف.

dav

“يلي شفناه ما حدا شافو”، يقول أبو أحمد لتلفزيون الخبر، قد لا يصدق أي شخص في المحافظات الأخرى أن شارعا ً واحداً بطولٍ لا يتجاوز 500 متر كان شاهداً على أكثر من 50 تفجيراً خلال سنوات الحرب”.

 

وفي نزهةٍ بالحي الذي أحبه وعاش فيه جُلّ سنواتِ عمره الخمسين، يروي أبو أحمد لتلفزيون الخبر ما خزّنته ذاكرته حتى الآن من صور التفجير الذي تعرض له، قائلاً “كنت أعمل بأمان الله في محل لبيع المعجنات صباح ذلك اليوم الأليم”.

 

“وفجأة صاحِت أول سيارة”، يتابع أبو أحمد بفارق ثوان بين الجملة والأخرى وكأن الزمن يعود به لتلك اللحظات، وأضاف “لا أزالُ أسمع في ذهني صوت التفجير ونداءات الإستغاثة والصراخ والبكاء وسيارات الإسعاف مع عجزي عن الحركة”.

 

ويتابع أبو أحمد لتلفزيون الخبر بسرد الأحداث المتسارعة في ذاكرته قائلاً “أذكر أنهم أسعفوني مع العشرات إلى المشفى الأهلي الذي كان مكتظاً عن بكرة أبيه، ومن ثم إلى مشفى الزعيم مع حالة الإزدحام نفسها، لينتهي بي المطاف بمشفى النهضة”.

 

“طرت بالهوا وخبطت”، يتحدث أبو أحمد لتلفزيون الخبر عن إصابته التي تعرض لها، قائلاً “لولا المفصل الصناعي لما استطعت المشي مجدداً نتيجة الشظايا التي تناثرت وضربت المنازل والمارة لمسافات بعيدة جداً”ّّ.

 

ماسكاً شفته السفلى، ” شايف هي، حتى هي طارت”، يتابع أبو أحمد مضيفاً :ظنها الأطباء خشباً أو شيء من آثار التفجير دون أن يدركوا أنها شفتي، وكل ما علمته لاحقا ً أن اثنين من أقربائي استشهدوا مع الكثير من أبناء الحي وجيراني الذين عشت معهم سنوات طوال”.

 

وبمرارة تصفها عيناه، لم ينسَ أبو أحمد ذكر (سيخ النار) الذي أحس به في رجله حسب وصفه، وأضاف “قرر الطبيب إزالة الأسياخ الحديدية من رجلي المصابة بعد ستة أسهر، ودون تنبيهي قام الطبيب بسحب السيخ بلحظة واحدة مع ألم لا يمكن نسيانه، ولم يهدأ إلا بأقوى أنواع المسكنات”.

 

وعن فترة الشفاء والعودة، أكمل أبو أحمد لتلفزيون الخبر “بعد فترة صعبة للغاية في المشفى واستعادة صحتي، قررت العودة وفتح المحل من جديد كونها المصلحة التي أبرع بها، إلا أن الأوضاع زادت سوءاً مع مرور الوقت وقررت العمل على سيارة تكسي ومن بعدها على سيارة سوزوكي للنقل”.

 

وينظر إلى تلة صغيرة من بعض الأحجار المتراكمة نتيجة عمليات إصلاح في أحد المنازل قرب دوار الحي، مصراً على الوقوف بجانبها، وقال “بهذه الحال كان حي الزهراء، ركام يعلو ركام، الخوف والرعب ورائحة الدماء في كل مكان، إلا أننا نهضنا كأبو أحمد وكشعبٍ كامل”.

 

ويعتصر أبو أحمد ما بقي من ذاكرته بما يتعلق بتلك الفترة الزمنية الصعبة، حيث أنه لم ينس ذكر “حيطان القناصين”، ويقصد بها تلك التي قام أبناء الحي برفعها خشية طلقات القناصين المتمركزين في أحياء حمص القديمة والتي تسببت بارتقاء الكثيرين أيضا ً”.

 

وبحسرة كبيرة بدت على وجهه، كان طلب أبو أحمد الوحيد هو الإعتناء بالجرحى، وقال لتلفزيون الخبر “رميت في المشفى دون أي اهتمام، وقمت بإجراء العمليات على نفقتي الخاصة بمبلغ قدره 600 ألف ليرة في تلك الفترة وهو ما يعادل نحو 30مليون حالياً”.

 

ويتابع “حتى عند خروجي من المشفى لم نلق أي دعم من الجهات المعنية أو الاهلية باستثناء مساعدات عينية بسيطة لمرة أو اثنتين فقط، وما اطلبه هو الإحساس بشعور الجريح عندما يصاب بلحظة ويخسر رزقه وصحته واحدة”.

 

ومع تحذير أبو أحمد لقسوة المشاهد ، يمكن التأكد من هذه الأحداث الموثقة على موقع يوتيوب لحي الزهراء الذي كان شاهداً لسنوات طوال على مرحلة الموت اليومي بكل أشكاله، إلا أنه عاد ليكون أحد أكثر الأحياء حركة ونشاطا في مدينة حمص.

 

عمار ابراهيم_ تلفزيون الخبر_ حمص

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى