عصة قبور الدمشقيين تصل إلى المليون ليرة .. بحسب الإطلالة
يقال أنه في الحب والحرب كل شيء مباح، لكن ما لايمكن أن يباح هو ارتفاع سعر الموت أمام انخفاض قيمة الإنسان في غمرة تلك الحرب، فما إن تفارق روح هذا الإنسان جسده حتى تبدأ معاناة جديدة تضاف إلى ألم الفقد.
هنا، لن نأخذ بالاً لارتفاع أسعار الطعام، أو المحروقات، أو وسائل النقل أو العقارات، العقارات هنا من نوع آخر، عقاراتٌ أبديةٌ أصبح الظفر بها همّاً يفوق هم الموت، إنها القبور.
وكان المكتب التنفيذي التابع لمحافظة دمشق، بحسب حديث أحد موظفي مكتب دفن الموتى لتلفزيون الخبر، أصدر قراراً يقضي “بزيادة تكلفة بناء القبر من الأسفل وأجرة الحفار ورسوم الدفن، لترتفع تكاليف الموت وتصبح من السهل التلاعب في أسعار القبور.
وتحاشى الموظف تحديد أسعار القبور بشكلٍ دقيق، “لما يشكله هذا الموضوع من مآزق لهم”، مع طلبه عدم ذكر اسمه، ليصبح موضوع ارتفاع أسعار القبور “محطة استهزاء وسخرية بالنسبة للكثيرين”، فمنهم من يقول “الغلا وراك وراك حتى بقبرك”.
وللقبور أيضاً “إطلالات استراتيجية” تلعب دوراً في أسعارها، حيث أوضح ناطور أحد المقابر لتلفزيون الخبر أن “هناك أنواع للقبور ودرجات وهذا ما يحدد أسعارها حيث تبدأ الأسعار من 300 ألف ليرة، وتصل للمليون ليرة بحسب موقع القبر قبلي شمالي واتجاهه !!.. وسهولة وصول أهل الميت له”.
وأضاف الناطور: “انتشر في الفترة الأخيرة مايسمى “بالضيافة” والذي يشبه الآجار في المنازل، وتصل أجرة القبر لـ 300 ألف ليرة، وتكون مدة الأجرة سبع سنوات، وهي الفترة التي تتفكك فيها الجثة وتصبح رميم”.
كما بين أحد سكان دمشق أن “تكاليف المقابر تختلف من منطقة لأخرى بسبب تنوع الطبقات بين فقير وغني، حيث تعد القبور في مقبرة “الدحداح” المشهورة من أغلى القبور في دمشق، وكذلك مقبرة “باب الصغير”، تختلف عن غيرها من مقابر المناطق التي يقطنها المعترين”.
وتابع: “أصبحت تجارة القبور لا تقل شأناً عن تجارة العقارات، حيث أصبح كثيرون يشترون قبوراً للمتاجرة بها”.
وأكد خالد، وهو موظف في محافظة دمشق لتلفزيون الخبر، أن “أسعار القبور يبتعد فيها دور الحكومة، وتتم من خلال استغلال ذوي المتوفى، لما يكونون به من حال سيء وضرورة دفن الميت بأسرع وقت لأن إكرام الميت دفنه فيخضع أهل المتوفى لذلك الاستغلال “بيكون معمي عقلبهن””.
وأردف: “السعر وفق المحافظة لا يتجاوز 20 ألف ليرة، بينما لا تقل أسعار القبر الواحدة حالياً عن 400 ألف ليرة في المناطق الشعبية، وتصل لأكثر من مليون ليرة في مقبرة الدحداح مثلاً”.
آفاتٌ كثيرةٌ شهدها السوريون في وطأة هذه الحرب، أعيتهم وأثقلت كاهلهم، فعصة القبر التي كانوا يتحاشون ذكرها درءاً لحديث الموت أصبحت يا “محلاها” أمام عصة ذوي قاطن القبر.
روان السيد – تلفزيون الخبر