مهنة التنجيد العربي في سوريا بين الماضي العريق والحاضر الصعب
استرجع “أبو سعيد ونوس” (٥٣ عاماً) ذكرياته أيام الطفولة عندما كان والده يجلس في محله الكائن بحي الزهراء محافظة حمص وأمامه إبرة وخيط يحيك بهما لحاف صوف جميل النقشة .
يروي أبو سعيد لتلفزيون الخبر”بدأ والدي (أبو محمد ونوس) مهنة التنجيد العربي منذ ٤٥ عاماً حيث كان يستلم الصوف من الناس ثم يقوم بغسله وتجفيفه بشكل تام حتى تأتي مرحلة التنفيش والتي تحتاج إلى سيخ وقوس أو آلة حسب نوع الصوف”
ويتابع أبو سعيد “وفي المرحلة الأخيرة يقوم بحياكة اللحاف أو الفرشة بواسطة إبرة وخيط خاصين بالصوف “.
ويتحسر “أبو سعيد” على الحال الذي وصلت إليه هذه المهنة “قبل الأزمة بدأت الصناعة تزدهر في البلد وانتشرت المنازل ذات الطوابق المرتفعة مما جعل الناس يفضلون الأشياء المريحة والسهلة خاصة بعد ظهور جيل (النظنظة) الذي يفضل عدم اتعاب نفسه بغسيل الصوف وتشميسه ثم إعادة تنجيده فاتجهوا لشراء الاسفنج والسليب كومفورت رغم غلاء ثمنه بالنسبة للصوف الرخيص”.
وحول الفرق بين أسعار الاسفنج والصوف قال “أبو سعيد” لتلفزيون الخبر:”يبلغ أجرتنجيد فرشة الصوف حاليا ٥٠ ألف ليرة بينما ثمن فرشة الاسفنج يتراوح بين ٤٠٠ ومليوني ليرة حسب نوع الاسفنج وجودته حيث يوجد السوبر والمضغوط والسليب كومفورت ”
واستغرب “أبو سعيد”الذي مازال يحافظ مع أخوته على هذه المهنة التى ورثوها عن والدهم “حدث أمر غير مفهوم وهو اتجاه بعض التجار لشراء الصوف المستعمل دون وجود مبرر واقعي مما جعل مادة الصوف تنفقد السوق ويقتصر العمل على إعادة تنجيد الصوف القديم أو شراء اللحف ثم تحسينها وبيعها”
ينتشر التنجيد العربي في محافظة حماة بشكل أكثر من انتشاره في محافظة حمص، ويقول “مصطفى العقاد” (73 عاماً) وهوأحد شيوخ الكار في حماة لتلفزيون الخبر:”أنهم كانوا سابقا يجهزون ٤ او ٥ لحف للعروس وكان المنجد يذهب لمنزل العرسان الجدد لتجهيز اللحف والفرشات الصوف”
ويتابع شيخ الكار “حاليا يفضلون الاسفنج والقطن الصناعي بدلا عن الصوف المريح والجميل هذا زمن جيل الانترنت”،مضيفا ” كانت النسوة تتباهى بما لديها من صوف وكان البعض منهن يفردن الصوف ويقمن بغسله على نهر العاصيلإظهار جماله والتفاخر فيه “.
وختم المنجد أبو ابراهيم حديثه “تعرضت مهنتنا إلى تراجع ثم تحسنت قليلا بعد غلاء الاسفنج ومهماحدث ستبقى مهنة والدي ومهنتي التي ورثتها وأحبها “.
من جانبها، قالت “أم علي” (٣٥ عاماً) المقيمة في مصياف لتلفزيون الخبر:”كان الشتاء الماضي قاسيا ولم نستطع توفير وقود بكمية كافية فلجأنا للاغطية وحرامات القطن الصناعي التي لاتعطي الدفء الكافي ،لكن هذا العام سنشتري لحف الصوف المريحة والتي تعطي دفء كبير يقينا برد الشتاء”.
من جهة آخرى فضلت “أم حسام” (45 عاماً) عدم شراء الصوف حتى لو كان يعطي دفء أكثر وبررت ذلك لتلفزيون الخبر:”يتعرض الصوف للتسوس أو مايسمى العت بسبب الرطوبة وعدم امكانية تشميسه في الشتاء كما أنه قد يسبب الحساسية لبعض الأشخاص لذلك أفضل الفرو الناعم الذي يصل سعره إلى ٢٠٠ ألف ليرة ويعطي دفء جيد”.
تجدر الإشارة أن مهنة التنجيد العربي مهنة عريقة في سورية ومازالت بعض المناطق تحافظ عليها وخاصة في الأرياف.
بشار الصارم – تلفزيون الخبر