خبراء: “القنديل المشطي” يغزو شاطئ بانياس ويشكّل خطراً على المحطة الحرارية والثروة السمكية
غزت خلال الأيام الماضية كائنات بحرية هلامية المظهر شواطئ مدينة بانياس الساحلية، ما أثار مخاوف وتساؤلات بين السكان من مرتادي البحر حول ماهية هذا المخلوق البحري المستجد ومخاطره؟
بهذا الشأن، قال خبير البيولوجيا البحرية، الدكتور سامر ماميش، لتلفزيون الخبر: “تُعدّ قناديل البحر المشطية (Jellyfish) من اللافقاريات ذات القوام الهلامي شبه الشفاف، حيث يتكوّن الجسم في معظمه من الماء، وتميل للانتشار غير المتجانس على هيئة تجمعات أو حشود كبيرة، متأثرة بالحرارة والملوحة وتوفّر الغذاء ونوعيته، وتركيز المغذيات والتلوّث”.
وأضاف “ماميش”: “ينتمي النوع Mnemiopsis leidyi الذي يشهد انتشاراً واسعاً في الساحل السوري هذه الأيام، وبشكلٍ خاص في بانياس إلى شعبة حاملات الأمشاط، وهي مجموعة صغيرة من الحيوانات البحرية ذات الأجسام الهلامية الشفافة، تعيش حرة سابحة أو هائمة بشكلٍ فردي أو تجمعات، ابتداءً من سطح الماء إلى الأعماق السحيقة”.
وتابع اختصاصي “قناديل البحر”: “تضم حاملات الأمشاط حوالي 190 نوعاً، منها 30 نوعاً يعيش في البحر المتوسط، ويتميّز النوع المنتشر محلياً بأن جسمه بيضي الشكل، ويمتد على طول جسمه ثمانية صفوف من الصفائح المشطية المهدبة، تُصدر إضاءة حيوية بألوان شبيهة بألوان قوس قزح”.
وأوضح البيولوجي أن: “قناديل البحر تؤثر على عملية الصيد البحري من خلال تمزيق الشباك، إضافةً إلى المشاكل والأضرار التي تسببها هذه القناديل للمحطة الحرارية في بانياس، حيث يؤدّي دخول أفرادها في أنابيب مياه التبريد، إلى انسدادها وإعاقة عملها”.
وأشار “ماميش”: “تتميّز أفراد المشطيات، ومنها هذا النوع، بكونها تملك خلايا خاصة دبقة تدعى بالخلايا اللاصقة، بينما تغيب الخلايا اللاسعة تماماً، بالتالي يُعتبر نوع غير مؤذي للإنسان في حال اللمس أو التماس معه، ولا يشكّل مخاطر على الصحة”.
وأضاف البيولوجي: “يعدّ من الأنواع الغازية سريعة التكيّف والانتشار في بيئتها الجديدة، بسبب الكفاءة التكاثرية العالية ونموه السريع، وتحمّله لمجال واسع من تغيّرات درجة الحرارة، والملوحة، حيث تمكّنه هذه الخصائص من التأثير على العوالق الحيوانية، بالتالي على الثروة السمكية، لذلك يعدّ واحداً من أسوأ 100 نوع غازٍ في العالم”.
وبذات السياق، أكّد أستاذ بيولوجيا البحار، الدكتور أمير إبراهيم، لتلفزيون الخبر، أن: “قنديل البحر المشطي يتغذّى بشراهة على بيوض ويرقات الأسماك العائمة، والتي تتواجد سابحة في الوسط المائي، بالتالي يؤثّر بشكلٍ كبير على مخزونات الأسماك ويقلل من صيدياتها”.
وأضاف الباحث في المعهد العالي للبحوث البحرية، في جامعة تشرين، أنه: “نوع يتغذّى على الهائمات البحرية الدقيقة، مشكّلاً بذلك منافساً قوياً للأسماك والأحياء البحرية الأخرى ذات الغذاء المماثل، ويساعده في الإمساك بالفريسة المادة الدبقة الموجودة على مجساته التي تشبه الأمشاط”.
وأوضح “إبراهيم” أن: “قنديل البحر المشطي بات ينتشر بشكلٍ واضح على سواحلنا خلال فترات الصيف، وهو بحد ذاته غذاء للسلاحف البحرية أنواع قليلة من الأسماك، إضافةً إلى بعض الطيور البحرية، إذ يكثر في المناطق التي تقل فيها أعداؤه من السلاحف البحرية خاصةً”.
يُشار إلى أن “المشطي” وصل البحر المتوسط تسعينيات القرن الماضي مع مياه الصابورة، والتيارات البحرية، وجرى الإشارة إلى وجوده في ميناء اللاذقية عام 1993، وانتشر لاحقاً في الحوض الغربي للبحر المتوسط، حيث سُجّل بدءاً من عام 2005، لكن بأعداد محدودة، على خلاف الغزارة الحالية.
وتسبب قناديل البحر عدداً من المشكلات البيئية والخسائر الاقتصادية، وبشكلٍ خاص في البحر المتوسط وحوضه الشرقي، كما تُعدّ الهجرة عبر قناة السويس، والانتقال عبر السفن مع مياه الصابورة، أكثر الطرق شيوعاً لهذا الغزو.
يُذكر أن استمرار ظاهرة الاحتباس الحراري تُعتبر لصالح القناديل المهاجرة والغازية التي تنافس الأنواع المتوسطية أو تُقصيها، كما يعد هذا الازدياد الكبير دليلاً على جسامة التأثيرات البشرية، والتغيّرات المناخية والبيئية، التي أدّت إلى تفاقم هذه الظاهرة، بحسب الخبراء.
شعبان شاميه – تلفزيون الخبر