وصلت لدمشق قبل لوس أنجلوس.. ١١٥ عاماً على دخول الكهرباء لدمشق فكيف الحال اليوم؟
تمر هذه الأيام الذكرى ١١٥ على وصول الكهرباء لمدينة دمشق عن طريق شركة “التنوير والجر” المساهمة المغفلة البلجيكية التي كان مقرها في زُقاق الصخر (مؤسسة الكهرباء حالياً).
ودخلت الكهرباء “الكوران” لدمشق في شباط ١٩٠٧ في زمن الوالي العثماني ناظم باشا وكان أول بناء تدخله هو الجامع الأموي يليه معهد الطب فسكة “الترامواي” إضافة لمباني حكومية كمبنى “السراي” وبعدها منازل الأهالي تدريجياً.
وتم توصيل الكهرباء في دمشق قبل وصولها للولاية الأميركية لوس انجلوس التي عَرفت الكهرباء ١٩١٦ وعلى المستوى العربي قبل بيروت ١٩٠٨ والحجاز ١٩١٦ وبغداد ١٩١٧ والقدس ١٩٢٨ وعمان ١٩٣٨.
وبعد مرور ١١٥ عاماً على دخول الكهرباء لمنازل الدمشقيين يتشابه الحال اليوم مع ما كان عليه في شباط ١٩٠٧ حيث أن تمتع المواطنين بالكهرباء في دمشق وعموم سوريا لا يختلف كثيراً عن تلك الحقبة.
وفقد المواطن اليوم قدرته على معرفة عدد ساعات وصل الكهرباء قياساً على ساعات القطع حيث لا يقل التقنين في دمشق العاصمة عن ٥ ساعات قطع وساعه في حدها الأقصى وصل.
أما المشهد في باقي المحافظات (حدث ولا حرج) فهناك وخصوصاً في المحافظات البعيدة والأماكن الريفية أصبحت كلمة كهرباء بحاجة لفقهاء باللغة العربية لتوضيح معنى الكلمة التي تلاشى استعمالها خصوصاً إذا كان المقصود بها الكهرباء الحكومية.
وبعد أن قام أهالي دمشق بعقد الاحتفالات عند توصيل الكهرباء لأول المرة في البلاد قبل ١١٥ عاماً أصبحت الاحتفالات اليوم تُعقد عند وصول الكهرباء لمدة ٥ دقائق أكثر من المتوقع.
وفي حلب على سبيل المثال يعم السرور أهالي المدينة عندما يتم توصيل الكهرباء لساعتين كاملتين على مدار اليوم وهو ما يعني تقليل مصروف “الأمبيرات” ولو “بليرة” بعد أن أصبحت “جيبة” الحلبي مستباحة من قبل أصحاب المولدات اللذين يتحكمون بمصير النور والظلام بالمدينة دون أي ضابط حقيقي للتسعير.
وفي مقارنة تفصيل وصول الكهرباء للمباني الحكومية عام ١٩٠٧ مع المشهد اليوم نجد أن الحكومة عطلت الجهات العامة ما بين الأحد ٢٣/١/٢٠٢٢ وحتى الخميس ٢٧ من ذات الشهر جراء الظروف الجوية السائدة في البلاد حرصاً على توفير أكبر كمية ممكنة من حوامل الطاقة المتوفرة وتخصيصها لخدمة المواطنين اللذين لم يلمسوا تحسناً حقيقياً في واقع الكهرباء خلال العطلة.
ويعاني السوري اليوم من أقصى أزمة كهربائية تشهدها البلاد تقريباً منذ دخول “الكوران” إليها حيث يجد نفسه “متشقف” بين تأمين مازوت للتدفئة أو بطاريات للإنارة وكل ذلك يخضع لمزاجية السوق السوداء التي تحتاج ل١٠ أضعاف الراتب في دول العالم الأول لمجاراة تقلبات بورصتها اليومية.
وتقف الجهات الرسمية بعد سنوات من الحرب عاجزة عن إيجاد حلول مُجدية للتخفيف من معاناة السوريين سوى استخدام شماعة (الحرب والعقوبات) التي أثرت بشكل كبير وحقيقي على قطاع الكهرباء عن طريق العمليات الإرهابية التي استهدفت كل ما يمت للكهرباء بصلة.
ويتساءل السوريون عن الحلول التي اتخذتها الحكومات المتعاقبة في ظل الحرب خصوصاً وأن زمن “الأزمة” طال بشكل يسمح لإيجاد حلول عملية لمواجهة أسباب تردي الواقع الكهربائي حالنا حال الدول الصديقة كروسيا وإيران وما فعلتاه في مواجهة العقوبات الموقعه عليهما منذ عقود.
وحتى الحلول التي تجتهد الحكومة في تطبيقها كحلول استخدام “الطاقات البديلة” قام تجار السوق السوداء بتفريغها من مضمونها فمثلاً تركيب وحدات طاقة شمسية يحتاج لرواتب جميع أفراد العائلة طيلة حياتهم لتركيب نظام طاقة شمسية للتدفئة أو للإنارة.
ويبقى السوري اليوم متأملاً بفرحة تشابه فرحة دخول الكهرباء لمنازل دمشق أول مرة عام ١٩٠٧ وفي الخلفية تشدو “كوكب الشرق” أم كلثوم “عايزنا نرجع زي زمان قول للزمان أرجع يا زمان”.
جعفر مشهدية-تلفزيون الخبر