في الذكرى 82 لجريمة سلخ اللواء.. لواء اسكندرون سوري رغم الجراح
حلت الذكرى 82 لجريمة سلخ لواء اسكندرون عن الوطن الأم سوريا وإلحاقه زوراً وبهتاناً بتركيا، بعد مكيدة دبرتها بالتعاون مع فرنسا وبريطانيا للسيطرة على المدينة التي وصفها السياسي البريطاني “دزرائيلي” بأن مصير العالم سيتقرر من خلالها.
وفي أساس الحكاية، أنه بعد خروج الدولة العثمانية من الحرب العالمية الأولى مهزومة هزيمة ساحقة، أقرت عبر معاهدة “سيفر” في عام 1920 بعروبة اللواء، إلا أن “مراسيم التقسيم” التي أصدرها الجنرال غورو بين 1920 و1921 صنفت اللواء كدولة مستقلة حتى إعادة ربطها بالدولة السورية عام 1926.
وفي عام 1936 اندلعت تظاهرات عمت جميع المدن السورية مطالبة بالاستقلال، وعلى أثرها رضخت فرنسا وعقدت مع سوريا معاهدة تتضمن الحرية والاستقلال بما في ذلك لواء اسكندرون.
ولكن، رفضت تركيا إجراءات إبقاء اللواء ضمن الدولة السورية وطالبت بتحويله إلى دولة مستقلة، ورفعت القضية إلى عصبة الأمم، فيما خالفت فرنسا صك الانتداب الذي يمنع الدولة المنتدبة من التنازل عن أي جزء من الاراضي المنتدبة عليها.
وفي كانون الاول عام 1936 بحثت عصبة الامم الطلب التركي الذي زعم أنه يريد حماية حقوق الاتراك الذين يتعرضون للاضطهاد والحفاظ على حريتهم في اللواء، فاقترح رئيس مجلس العصبة إرسال ثلاثة مراقبين دوليين، وتمت الموافقة على الاقتراح رغم معارضة تركيا له.
وقدمت اللجنة تقريرها بأن الأغلبية العظمى من السكان هم عرب سوريون، وأن الأتراك لا يشكّلون إلّا نسبة ضئيلة، والسكان العرب يعارضون انضمام اللواء إلى تركيا.
و اتفقت فرنسا وتركيا على جعل اللواء منطقة مستقلة ذاتياً في نطاق الوحدة السورية، وفي هذه الأثناء يوم جاء دور فرنسا للتنازل عن لواء اسكندرونة، حيث قدمت تركيا “مطالب” بفصل اللواء عن سوريا، وهددت باستخدام القوة إذا لم يتم هذا الفصل.
في تموز 1938 دخلت القوات التركية بشكل مفاجئ إلى مدن اللواء واحتلتها وتراجع الجيش الفرنسي إلى أنطاكية، وعقدت فيما بعد الحكومة التركية صفقة مع الحكومة الفرنسية وبموافقة البريطانيين على ضمان دخول الأتراك إلى صف الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، مقابل السماح للأتراك بضم اللواء بشكل كامل.
وفي عام 1939 أشرفت الإدارة الفرنسية على استفتاء في اللواء حول الانضمام لتركيا فاز فيه الأتراك، وشكك العرب بنتائجه، خصوصاً أن الأتراك تلاعبوا بالأصوات لصالحهم.
ثم ابتدأت سياسة تتريك اللواء وتهجير سكانه الأصليين إلى بقية الوطن السوري، حيث سرقت كل أراضي السوريين الزراعية في تلك المنطقة دون أن تدفع تركيا أموالاً للمتضررين، ثم قامت تركيا بفرض اللغة التركية كل ما هو عربي في اللواء.
ووسط انشغال العالم في تفاصيل الحرب العالمية الثانية وويلاتها، قامت تركيا في 29 تشرين الثاني عام 1939 بسلخ اللواء كلياً عن سوريا، وإعلانه مدينة تركية أسمتها “هاتاي”.
وتأتي ذكرى سلخ اللواء هذا العام لتُعيد تأكيد التزام المواطن السوري الوجداني والعاطفي والوطني مع قضية اللواء، مؤكداً أنه رغم ويلات سنين الحرب والضنك المعيشي والاقتصادي مازال متمسكاً باللواء كتمسكه بكل بقعه من بقاع الوطن السوري من اللواء حتى الجولان، معتبراً أنه حق أبدي لا يسقط بالتقادم ولا بتراكم الأوجاع.
ويربط السوريون بين ما تقوم به تركيا من عمليات احتلال وتهجير واغتصاب حقوق في الشمال السوري منذ مطلع الحرب على سوريا في 2011، وبين ما قامت به منذ 82 عاماً من جهة، وبين ما تقوم به ألية الاحتلال الصهيوني من فظائع في الجولان السوري المحتل وفلسطين المحتلة.
يذكر أن لواء اسكندرون السليب يضم مدن انطاكية واسكندرون وأرسوز والريحانية والسويدية.
جعفر مشهدية – تلفزيون الخبر